الصفحة الرئيسية >> الثقافة والحياة

لويانغ، الزهور المتفتّحة والبدر المكتمل

لويانغ، الزهور المتفتّحة والبدر المكتمل

9 ابريل 2024/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ شهدت التماثيل البوذية في مزاراتها المنعزلة المطلّة على منحدرات جبل لونغمن في لويانغ، تغيرات مدينة لويانغ على مدى آلاف السنين. وإلى جانب كونها عاصمة لـ13 أسرة حاكمة عبر التاريخ الصيني الطويل، تتميّز لويانغ أيضا بجمالها الطبيعي النادر وعراقتها الثقافية.

يصعب على الزائر وصف جمال لويانغ، لكن يمكن اختزال آيات جمال المدينة في تغزّل الصينيين القدامى بها، على أنها "الزهرة المتفتحة والبدر المكتمل".

تابعونا في هذا المقال للتعرّف على جمال لويانغ وثراء ثقافتها.

تفتّح أزهار الفاوانيا في لويانغ

يذكر الشاعر ليو يو شي (772-842) الذي عاش إبان عهد أسرة تانغ (618-907)، في قصيدة له أزهار الفاوانيا، فيقول بأنها تجذب إليها الزوار من جميع أنحاء العاصمة لويانغ. وترمز زهرة الفاوانيا، التي تلقّب بـ "ملكة الزهور"، إلى الثروة والرخاء في الثقافة الصينية. وهي زهرة محبّبة بالنسبة للشعب الصيني منذ العصور القديمة.

وتصور اللوحة "أربعة وعشرون نوعا من زهور الفاوانيا"، التي رسمها رسام البلاط تشيان ويتشنغ (1720-1772) من أسرة تشينغ (1644-1911)، أنواعا مختلفة من الزهرة أثناء مرحلة تفتّحها الكامل.

وقد أسّست مدينة لويانغ، التي تمتلك تاريخا في زراعة الفاوانيا يزيد عن 1500 عام. وخلال المهرجان، يتم تنظيم أنشطة سياحية وترفيهية وثقافية حول الفاوانيا.

عرض جزئي للوحة "أربعة وعشرون نوعا من زهور الفاوانيا"

مقطع من لوحة "أربعة وعشرون نوعا من زهور الفاوانيا"

وأتاحت الفاوانيا للمستثمرين الموهوبين فرص كسب الذهب من الصناعات المتعلقة بها. لي شيو وو، على سبيل المثال، هو فنان محلي يستخدم تقنيات صناعة الخزف القديمة لإنشاء زخارف حديثة على طراز الفاوانيا. وقد أسّس شركته الثقافية في عام 2009.

في كل عام، يبيع لي شيو وو أكثر من 50 ألف قطعة من الخزف على شكل زهرة الفاوانيا داخل وخارج الصين. ويحقق دخلاً سنويًا يزيد عن 60 مليون يوان. وقد تمّ اختيار أعمال لي الفنية من قبل وزارة الخارجية الصينية كهدايا وطنية للقادة الأجانب. في حين تلقت مجوهراته المصنوعة من خزف الفاوانيا ترحيبا حارا من زوجات الرؤساء الأجانب خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في مدينة تشينغداو في عام 2018.

الهانفو يصبح موضة الشباب

الحرف الصيني 好(هاو)، والذي يعني جيد، يتكون من جذرين 女 (نوي)و子 (زي)، أي المرأة والرجل. وقد اعتاد شباب وشابات لويانغ على ارتداء الهانفو للتعبير عن إعجابهم بالثقافة الصينية التقليدية. واكتسب هذا النمط الآن شعبية في جميع أنحاء الصين.

يعد الهانفو زيّا من الأزياء الصينية التقليدية. واليوم تنشط في مدينة لويانغ ما يزيد عن 1000 شركة في صناعات تتعلّق بالهانفو.

علامتا الجنسين في إحدى دورات المياه بلويانغ، حيث يظهر الرجل والمرأة مرتديان الهانفو

علامتا الجنسين في إحدى دورات المياه بلويانغ، حيث يظهر الرجل والمرأة مرتديان الهانفو

وبحسب صحيفة تشاينا ديلي، فقد مثلت مدينة لويانغ أكثر موقع بحث فيه مستخدمي منصة دويين (النسخة الصينية من تيك توك) عن أزياء الهانفو في عام 2023. وتجتذب متاجر الهانفو في بلدة لويي القديمة بالمدينة بمتوسط 56 ألف زائر يوميًا. علاوة على ذلك، حصدت المقالات المتعلّقة بأزياء الهانفو، على 2.48 مليار قراءة على دويين فحسب.

ويتدفق عشاق أزياء الهانفو إلى لويانغ مرة أخرى هذا العام لتجريب الثقافة المحلّية. ومع العروض التفاعلية المتنوعة والأجواء النابضة بالحياة، توفر المدينة فرصة فريدة للسياح للاستمتاع بملابس هانفو التقليدية وتجريب الثقافة المحلية.

تعرض مدينة لويانغ ثقافة أسرة تانغ، وتعد أزياء الهانفو أكثر الأزياء التقليدية الشائعة في المدينة. ويمكنك مشاهدة العديد من المارّة الذين يرتدون هانفو أسرة تهانغ في كل مكان من شوارع لويانغ.

تاريخ تحت القمر: قصص كهوف لونغمن

مع حلول الليل، تنبض التماثيل البوذية في كهوف لونغمن بالحيوية، بعد أن تغمرها الأضواء المشعّة. ويتوافد الزائرون لسبر أغوار وأسرار الكهوف.

تحت هالة الأضواء، تلتحف التماثيل بجو من الرهبانية وتشي بأسرارها الغامضة التي تعود إلى ما يزيد عن1500 عام. وتمثل كهوف لونغمن، أحد المواقع التراثية الشهيرة لويانغ ومقصدا سياحيا مهما في المدينة.

يظهر تمثال فايروكانا الكبير في هيئة متناغمة مع الطبيعة. وعلى الذراع الأيسر للتمثال، اكتشف الخبراء المحليون أعشاشًا بنتها الطيور الجبلية الصغيرة. وتجد هذه الطيور عناية جيدة من القائمين على الموقع.

يظهر تمثال فايروكانا الكبير في هيئة متناغمة مع الطبيعة. وعلى الذراع الأيسر للتمثال، اكتشف الخبراء المحليون أعشاشًا بنتها الطيور الجبلية الصغيرة. وتجد هذه الطيور عناية جيدة من القائمين على الموقع.

تعتبر كهوف لونغمن قمة الفن البوذي الصيني، وتقع على بعد 12 كيلومترًا جنوب وسط مدينة لويانغ. ويضمّ الموقع أكثر من 2300 مغارة، تحتوي على 110 آلاف تمثال ورسم بوذي. إلى جانب أكثر من 80 معبدا و2800 لوحا منقوشا. تم إنشاؤها جميعا بين أسرة وي الشمالية (386-534) وأسرة سونغ 960-1279.

يعد تمثال فايروكانا، أضخم تمثال بوذي في كهوف لونغمن، وقد بُني بين عامي 672 و676 ميلادي، تكريما للإمبراطورة الصينية الوحيدة، وو تسه تيان. ويصنّف التمثال على أنه قمة النحت البوذي في الصين لجماله وعظمته. وتقول الأسطورة أن الإمبراطورة وو تسه تيان، قد تبرعت بـ "20 ألفا من أموالها" لإكمال هذا المعبد الرائع. ولذلك، يرجّح علماء الآثار بأن التمثال يصوّر وجه الإمبراطورة نفسها.

ابتسامة بوذا الدافئة

تلقب لويانغ باسم "عاصمة المتاحف الشرقية"، حيث تضم 100 متحف تاريخي، وعددا لا يحصى من القطع الأثرية. وفي حين يعتبر الكثيرون ابتسامة الموناليزا رمزا للجمال الغربي، يجسّد تمثال بوذا الفخاري المبتسم الجمال الشرقي الغامض.

تم اكتشاف جزء الوجه التالف من تمثال بوذا الفخّاري تحت أنقاض معبد وي الشمالي في لويانغ عام 1979. وأصبح أحد الآثار الثقافية الأكثر شهرة في الصين. وغالبًا ما يبهر التمثال الزائرين بشكله الدائري وسرّه المخفي وراء الجزء العلوي المفقود للوجه. ويعتبر التمثال واحدًا من أرقى المنحوتات في تاريخ الفن الصيني، على غرار تمثال فينوس دي ميلو، الذي يعتبر نموذجًا مثاليًا للجمال الأنثوي في الفن الغربي.

تمثال وجه بوذا المخفي

تمثال وجه بوذا المخفي

وعلى عكس التعبيرات الهادئة النموذجية لمعظم التماثيل البوذية، فإن هذا التمثال يتميز بابتسامة دافئة وجذابة، مما يجعله أكثر قربا للناس.

صُنع هذا التمثال خلال عهد أسرة وي الشمالية، وهي الحقبة التي ازدهرت فيها الديانة البوذية، واعتنقها العامة والأباطرة. وشهدت بناء العديد من المعابد والمواقع البوذية الأكثر أهمية في تاريخ الصين، على غرار كهوف يونقانغ، وكهوف لونغمن، ودير الشاولين.

صور ساخنة