الصفحة الرئيسية >> التبادلات الدولية

تعليق: التعلم من التاريخ وفهم الاتجاه العام للتعاون هو المفتاح لمعايرة المسار الصحيح لتنمية العلاقات الصينية ـ الأمريكية

تبادل ممثلو الحكومتين الصينية والأمريكية الرسائل في بكين مؤخرًا، لتجديد اتفاقية التعاون العلمي والتكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة، وتمديد هذه الاتفاقية التي مضى عليها 45 عامًا لمدة خمس سنوات أخرى. وقد رحب المجتمع الدولي بشكل عام بتجديد الاتفاقية، حيث يرى أن التعاون في مجال البحث العلمي بين الصين والولايات المتحدة لا يخدم مصالح الشعبين فحسب، بل سيساعد أيضا كلا الطرفين على الاستجابة للتحديات العالمية المشتركة. وهذا يثبت مرة أخرى أن التعاون بين البلدين يمكن أن يُنجح العديد من الأحداث الكبرى التي تعود بالنفع على البلدين والعالم.

منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة قبل 45 عاما، شهدت العلاقة بين البلدين صعودا وهبوطا، لكنها حافظت بشكل عام على زخم التنمية إلى الأمام. ومن "دبلوماسية البينغ بونغ" التي تذيب جليد العلاقات إلى "أصدقاء قولينغ" الذين يواصلون كتابة قصة صداقة جيدة، فإن كل تقدم صغير في "الانسجام" و"التعاون" بين الصين والولايات المتحدة قد ضخ زخما في التنمية التاريخية للعلاقات الثنائية. وفي السنوات الأربع الماضية، تم إجراء الحوار والتعاون، وتحقيق الاستقرار الشامل عموما بالرغم من بعض التذبذبات التي شهدتها العلاقات الصينية ـ الأمريكية.

لقد أثبتت الحقائق أن العلاقات الصينية ـ الأمريكية تحقق تطورا سريعا، إذا كان البلدان شريكين ويسعيان إلى أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات جانبا. وتواجه العلاقات الصينية ـ الأمريكية انتكاسات أو حتى تراجعا، إذا تعامل كل منهما مع الآخر باعتباره خصما وانخرطا في منافسة شرسة. وإن التعلم من التاريخ وفهم الاتجاه العام للتعاون هو المفتاح لمعايرة المسار الصحيح لتنمية العلاقات الصينية ـ الأمريكية، كما أنه خطوة ضرورية لتعزيز التنمية المستقرة والتنمية الجيدة والتطور المستقبلي للعلاقات بين البدين.

إن مصالح الصين والولايات المتحدة متشابكة بشكل عميق منذ فترة طويلة. وإن المنفعة المتبادلة والفوز المشترك هي الخصائص الأساسية للعلاقة بين البلدين. كما أن الحوار والتعاون هو الخيار الصحيح الوحيد للبلدين.

يتجاوز حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة 660 مليار دولار أمريكي، وتصل الأرباح السنوية لأكثر من 70 ألف شركة أمريكية في الصين إلى 50 مليار دولار أمريكي. وتدعم الصادرات إلى الصين وحدها 930 ألف وظيفة الولايات المتحدة، وأثرت السلع الصينية خيارات الأمريكيين المستهلكين وخفض تكلفة حياتهم. ويعزز الاستثمار الصيني فرص العمل في الولايات المتحدة ويساعد في التنمية الاقتصادية المحلية. وتمثل إيرادات كوالكوم وإنتل في السوق الصينية ثلثي وربع إيراداتها العالمية على التوالي. ويتم إنتاج 80% من الموردين الرئيسيين لشركة آبل البالغ عددهم 200 شركة في الصين. كما تمثل تسلا وحدها 28.6% من حصة صادرات سيارات الطاقة الجديدة في الصين في العام الماضي، مما يظهر أن هناك مساحة كبيرة للتعاون بين الصين والولايات المتحدة، وأن التعاون بين البلدين يمكن أن يحقق منفعة متبادلة ونتائج مربحة للجانبين. وينبغي على الجانبين إفساح المجال كاملا لمزاياهما التكاملية، وإطالة قائمة التعاون، وجعل كعكة التعاون أكبر، بحيث تصبح نجاحات كل منهما فرصا بدلا من تحديات لبعضهما البعض، وتصبح تنمية كلا الطرفين مساعدة لبعضهما البعض بدلا من المقاومة.

يواجه الوضع الاقتصادي العالمي العديد من الصعوبات والتحديات، واقتصاد كل دولة له صعوباته الخاصة، وأن التعاون لبناء نظام اقتصادي عالمي مفتوح هو الخيار الصحيح، و"الانفصال وكسر الروابط" ليس هو الحل، كما أن "الساحات الصغيرة والجدران العالية" ليست تصرفات الدول الكبرى. لقد أثبت التاريخ والحقائق باستمرار أن الحروب الجمركية، والحروب التجارية، والحروب التكنولوجية تتعارض مع الاتجاهات التاريخية والقوانين الاقتصادية، وستتداخل الأحادية والحمائية وفرض العقوبات اصطناعيا حتماً مع التبادلات التجارية الطبيعية واستقرار سلاسل الإنتاج والتوريد. ويعد التعاون والربح، والمواجهة والخسارة الخيار البسيط للجانبين. قال ‏وزير الخزانة الأميركي الأسبق، لاري سامرز، مؤخراً: "لقد أظهرت مئات السنين من الأبحاث الاقتصادية والخبرة العملية السابقة أن شن حرب تجارية عالمية يشكل خياراً سيئاً للغاية بالنسبة للقوى الاقتصادية."

إن سياسة الصين الخارجية منفتحة وشفافة، وتركز دائما على القيام بأمورها الخاصة بشكل جيد حتى يتمكن الشعب الصيني من أن يعيش حياة أفضل، وفي الوقت الذي يحقق فيه تنميته الخاصة، فهو أيضا على استعداد للتطور مع الدول الأخرى والعمل معا من أجل البناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. لقد حافظت الصين دائمًا على استقرار واستمرارية سياستها تجاه الولايات المتحدة، ولم يتغير هدفها المتمثل في السعي لتحقيق تنمية مستقرة وصحية ومستدامة للعلاقات الصينية ـ الأمريكية، وإن الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين لم يتغير. وموقف الصين من حماية السيادة والأمن والمصالح التنموية لم يتغير، وجهود الحفاظ على الصداقة التقليدية بين الشعبين الصيني والأمريكي لم تتغير. ويعد مبدأ صين واحدة والبيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية الأساس السياسي للعلاقات الثنائية ويجب الالتزام به. وإن قضية تايوان، والديمقراطية وحقوق الإنسان، ونظام الطرق، والحق في التنمية، هي خطوط الصين الحمراء الأربعة التي لا يمكن تحديها. وهذه هي أهم حواجز الحماية وشبكات الأمان للعلاقات الصينية ـ الأميركية. إن سوء الحكم على العلاقات الصينية ـ الأميركية وسوء قراءة التنمية في الصين من شأنه أن يضلل شعبي البلدين والمجتمع الدولي، وسوف يؤدي إلى خسائر أكثر من المكاسب. ويتعين على الولايات المتحدة أن تنظر إلى التنمية في الصين وإلى الصين بموقف إيجابي وعقلاني، وأن تساعد في تعزيز الوعي الاستراتيجي، وهو "الزر الأول" للعلاقات الصينية ـ الأمريكية.

إن الصين والولايات المتحدة دولتان عظيمتان، والتعاون الصيني الأمريكي قضية عظيمة. ويتعين على الولايات المتحدة العمل مع الصين والتقارب بين بعضهما البعض وإيجاد الطريق الصحيح لبلدين لهما حضارات مختلفة وأنظمة مختلفة ومسارات مختلفة للتعايش بسلام والتطور معًا على هذه الأرض.

صور ساخنة