الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

البرد القارس يحصد أرواح أطفال في غزة

/مصدر: شينخوا/   2024:12:31.10:18
البرد القارس يحصد أرواح أطفال في غزة
طفل فلسطيني يسير في شارع موحل بعد هطول أمطار غزيرة في ملجأ مؤقت للنازحين في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة في 26 نوفمبر 2024. (شينخوا)

غزة 31 ديسمبر 2024 (شينخوا) بعيون شاردة، يتفحص الفلسطيني يحيى البطران طفله علي حديث الولادة، قبل أن يدفنه في أحد مقابر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة بعدما فقد حياته بسبب البرد القارس في المنطقة.

وقال البطران (31 عاما) بنبرة حزينة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "ها هو طفلي الثاني يفارق الحياة بعد يومين من موت شقيقه التوأم جمعة، الذي مات أيضا بسبب البرد القارس وعدم قدرتي على توفير الدفء لهما ولا حتى لأطفالي المتبقين".

وأضاف بينما كان يحمل ملابس خفيفة لطفله بين يديه "مات طفلاي واحدا تلو الآخر أمام عيني دون أن أتمكن حتى من حمايتهما".

وتابع الرجل، والذي كان يرتدي ملابس رثة ومهترئة، "هربنا من القصف والموت في غزة، لكن الموت أبى إلا أن يلاحقني ويخطف أبنائي هنا".

ويعيش البطران في خيمة مهترئة مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد في ظروف مأساوية ودون توفر أي من مقومات الحياة اللازمة لفصل الشتاء.

وأشار إلى أنه وجميع أفراد عائلته يمتلكون أربعة أغطية فقط، وهي لا تكفيهم للحصول على الدفء اللازم في مثل هذه الأجواء الباردة.

وبموت طفلي البطران، يرتفع عدد المتوفين نتيجة البرد القارس في غزة إلى سبعة من بينهم ستة من حديثي الولادة خلال أسبوع تقريبا، وفقا لأرقام وبيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة في غزة.

حالة القهر والحسرة ذاتها يعيشها محمود الفصيح من مدينة خان يونس، والذي فقد طفلته سيلا (ثلاثة أسابيع) قبل أيام بسبب البرد القارس.

وقال الفصيح لـ ((شينخوا)) "قبل أيام قليلة، أيقظتني زوجتي في الليل بينما كان القلق والخوف يسيطران على ملامحها لتخبرني أن سيلا ليست على ما يرام (...) كان وجهها شاحبا وقريبا من اللون الأزرق وكانت ترتجف بشدة".

وأضاف الفصيح، الذي يعيش في خيمة مهترئة بعد نزوحه إلى مواصي مدينة خان يونس، "حاولنا تدفئة صغيرتنا.. والدتها أرضعتها أكثر من مرة ومن ثم ضممتها إلى صدري لعلي أساعدها في الحصول على بعض الدفء من جسدي".

وظل الرجل يتابع صغيرته التي كانت تتنفس بصعوبة وبالكاد تستطيع تحريك عينيها ويديها حتى صباح اليوم التالي.

وتابع "ما إن جاء الصباح حتى هرعت راكضا إلى مستشفى ناصر الطبي لأجري فحوصات لطفلتي، ولكن فات الأوان فقد فارقت الحياة في الطريق".

وبصوت تملؤه الغصة والحسرة، يشرح الفصيح "بمجرد أن أخبرني الأطباء أن طفلتي ماتت صرخت بصوت عال هز أرجاء المستشفى ليس حزنا على فقدانها فقط، ولكن أيضا حزنا وقهرا على عجزي لحماية طفلتي من الطقس البارد فماتت بكل بساطة".

وبالنسبة للفصيح، كان الطقس أشد ضراوة وفتكا بطفلته من أصوات القصف والبارود وطلقات النار، ولم يستطع جسدها الهزيل مجابهة البرد القارس.

ويخشى الفصيح على بقية أطفاله الذين غالبا ما يصابون بنزلات البرد والانفلونزا بسبب الطقس البارد وعدم توفر أي من مقومات الحياة الآدمية داخل خيمته.

وعلى مقربة من محمود الفصيح، كانت تجلس زوجته ناريمان بملامح حزينة، وقالت إن طفلتها سيلا لم تكن تعاني من أي أمراض.

وأضافت المرأة المكلومة "استيقظت لأجد سيلا مثل لوح الخشب.. لا تتحرك، بسبب البرد وعدم وجود ملابس وأغطية"، معربة عن خوفها من أن يكون مصير طفليها الآخرين مثل سيلا.

وقالت ناريمان إن سوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار جعل العائلة غير قادرة على شراء مستلزمات فصل الشتاء من ملابس وأغطية وأدوات تدفئة.

ويعاني النازحون في قطاع غزة الذين يعيشون في خيام أغلبها مصنوع من النايلون، من ظروف معيشية قاسية مع دخول فصل الشتاء الثاني على التوالي مع استمرار الحرب الإسرائيلية وشح المستلزمات الأساسية من الأغطية والفراش والملابس.

وقال مدير وحدة حديثي الولادة في مستشفى ناصر عايد الفرا لـ ((شينخوا)) إن المجمع الطبي يستقبل يوميا من خمس إلى ست حالات من انخفاض درجة حرارة الجسم لدى الأطفال حديثي الولادة.

وأوضح الفرا أن السبب الرئيسي في ذلك هو عدم ملائمة الخيام للبرد القارس، حيث تكون باردة جدا في الليل في فصل الشتاء.

بدوره، قال مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني في تغريدة عبر منصة ((إكس)) إن أطفال غزة "يتجمدون حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى".

ولفت إلى أن الأغطية والإمدادات الشتوية ظلت عالقة منذ أشهر في انتظار موافقة إسرائيل على دخولها إلى غزة، داعيا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة والسماح بإدخال الإمدادات الأساسية المطلوبة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة إن إسرائيل تتسبب بأزمة إنسانية "مأساوية" تهدد بموت آلاف النازحين بعد اهتراء 110 آلاف خيمة تزامنا مع موجات الصقيع الشديدة، مطالبا بتوفير الاحتياجات الأساسية فورا.

وأضاف المكتب في بيان أن مليوني نازح يعيشون منذ أكثر من سنة كاملة في خيام مصنوعة من القماش، والتي أصبحت الآن غير صالحة للاستخدام بفعل عوامل الزمن والظروف الجوية، مشيرا إلى أن 110 آلاف خيمة من أصل 135 ألف خيمة أصبحت خارج الخدمة أي ما نسبته 81 بالمائة من الخيام قد تدهورت بشكل كامل.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في قطاع غزة أدت إلى مقتل أكثر من 45 ألف شخص ودمار كبير في المنازل والبنية التحتية، وذلك ردا على هجوم غير مسبوق لحماس على بلدات ومدن جنوب إسرائيل أدى، وفق السلطات الإسرائيلية، إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن.

صور ساخنة