قبل وقت غير طويل، أطلق أحد الباحثين الأجانب على الصين وصف "الدولة الكبرى القادرة على التمكين". وهو وصف دقيق يعكس بوضوح مسؤولية الصين كدولة كبرى، والتزامها الدائم بمفهوم بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، ومواصلة العمل على توفير السلع العامة الدولية، واتخاذ إجراءات عملية لحماية السلام العالمي، وتعزيز التنمية المشتركة.
إن مفهوم "التمكين" يتناغم مع فكرة التعايش المتناغم والتنمية المشتركة في الثقافة الصينية التقليدية. وسواء تعلق الأمر بمبدأ "إذا كنت تريد الوقوف، فساعد الآخرين على الوقوف؛ وإذا كنت تريد النجاح، فساعد الآخرين على النجاح" الذي يعكس أهمية التعاون المتبادل لتحقيق النمو المشترك، أو مبدأ "لا تعطني كل يوم سمكة، بل علمني كيف اصطاد" الذي يبرز تعزيز القدرات الذاتية كطريق حقيقي للتنمية، وغيرها من المبادئ الإنسانية المتجذرة في الثقافة الصينية. فإن الصين ظلت عبر العصور ساعية إلى تحقيق التنمية المشتركة من خلال التنسيق والتعاون.
يتجلى المعنى العملي لـ"التمكين" في التزام الصين الثابت بإدارة شؤونها الداخلية بشكل جيد، مع الإصرار على توسيع الانفتاح رفيع المستوى، ومشاركة فرص التنمية مع البلدان الأخرى. مما يجعلها محركًا رئيسيًا لنمو الاقتصاد العالمي. وعلى هذا الصعيد، فإن الصين لا تتوقف عن إسهامها في تحسين الحوكمة العالمية من خلال توفير المنتجات العامة، والتحول بشكل قوي إلى قوة بناءة في تغيير العالم.
ومع تسارع خطى الصين على طريق تجديد دماء الأمة الصينية مستعينة بعملية التحديث الفائقة، فإن سمة "التمكين" باتت تتجلى في جميع جوانب تطورها. حيث نجد أن التحديث الصيني يتطلب بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية كشرط أساسي، ويؤكد على أن الصين ستظل دائمًا متمسكة بقيم السلام والتنمية والتعاون المتبادل لتحقيق النتائج المربحة للجميع. كما أشار باو شاوشان، الأستاذ الزائر بجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا، إلى أنه في عصر التعددية القطبية، بات التحديث الصيني يوفر الإجابة المؤكدة: أن تكون ممكِّناً – هو قدرتك على التجديد الوطني وتحقيق السلام الإيجابي عبر لامركزية وتوازن التنمية الاقتصادية العالمية.
من خلال توسيع الانفتاح الصيني رفيع المستوى، ستسهم السوق الصينية الواسعة والنشطة في تمكين التنمية في مختلف البلدان. حيث أن الكتلة الاستهلاكية الضخمة والطلبات المتزايدة قد جعلت من "السوق الصينية" سوقًا عالمية، تدفع باتجاه إزالة القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في الصناعة وتحسين بيئة الأعمال. كما تم منح التعريفة الجمركية الصفرية لجميع الدول الأقل نموًا التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين.
تعتبر مبادرة الحزام والطريق من أهم الهدايا الثمينة التي قدمتها الصين إلى العالم، حيث تساهم بشكل فعّال في النمو الاقتصادي والتقدم التنموي للدول المشاركة. وقد ساهمت مشاريع بارزة مثل خط السكك الحديدية بين الصين ولاوس، والسكك الحديدية عالية السرعة بين جاكرتا وباندونغ، وخط السكك الحديدية بين المجر وصربيا في تعزيز التدفق السلس للأفراد والسلع والمعلومات، وفتح آفاق جديدة للتنمية.
إن الصين تلتزم بالتعددية الحقيقية، وتعمل على تعزيز الحوكمة العالمية من خلال التشاور والبناء المشترك والمشاركة. وقد طرحت في هذا الإطار مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وشجعت على تنفيذها. وأبدت مساهمتها من خلال الحكمة والحلول الصينية في معالجة التغيرات المتسارعة في العالم وحل المشكلات الإنسانية. كما شاركت بنشاط في حوكمة تغير المناخ العالمي، وطبقت اتفاقية باريس بجدية، وطرحت مبادرة حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، بالإضافة إلى خطة بناء القدرات الشاملة للذكاء الاصطناعي.
وفي مواجهة التحديات العالمية المتزايدة، لم تقف الصين مكتوفة الأيدي، بل شاركت في الحوكمة العالمية بقوة غير مسبوقة، وضخت طاقة إيجابية قيمة في نظام الحوكمة العالمية.
اليوم، ومع تزايد الترابط بين مصير البشرية، ستواصل الصين التمسك بدورها كـ "دولة كبرى تمكينية"، متحلية بروح الانفتاح والشمول والابتكار والتعاون. وستواصل بنفس العزم العمل مع بقية الدول الأخرى على حماية السلام وتعزيز التنمية المشتركة. ومن خلال العمل معا من أجل نفس العالم، سيكون التضامن والتعاون، والمنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجميع، أقوى صوت في العصر.