تعليق: الصين تستهدف نمو مؤشر أسعار المستهلك "حوالي 2٪" عام 2025... هدف عملي

اقترح تقرير عمل الحكومة في أهدافه التنموية الرئيسية لهذا العام أن تكون الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك حوالي 2٪. منذ سنوات عديدة كان الهدف " حوالي 3٪"، وقد تم تخفيضه هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، كيف ننظر إلى هذا التعديل؟

يرتبط مؤشر أسعار المستهلك بالاقتصاد الكلي من جهة، وبالآلاف من الأسر من جهة أخرى، وهو بمثابة "مقياس" يعكس حالة العرض والطلب، و"مؤشر اتجاه" يوجه تدفق الموارد، و"مقياس حرارة" يقيس رفاهة الشعب.

ولهذا السبب، يتطلب مؤشر أسعار المستهلك، الذي يعكس مستوى الأسعار، عادة إحساساً "بالتوازن"، فلا يكون الارتفاع المفرط والانخفاض المفرط أمرًا جيدًا. حيث أن استمرار ارتفاع الأسعار بشكل حاد، من شأنه أن يؤدي إلى إثارة التضخم، وزيادة تكاليف المعيشة، وإضعاف القدرة الاستهلاكية، وعرقلة النمو الاقتصادي. والاستمرار في الانخفاض، من شأنه أن يؤثر على أسعار الفائدة الحقيقية، ويحد من رغبة الشركات في الاستثمار، ويضر بنمو فرص العمل ودخل السكان.

بالنظر إلى أداء مؤشر أسعار المستهلك في الصين خلال السنوات القليلة الماضية، من عام 2021 إلى عام 2024، كانت معدلات النمو السنوي لمؤشر أسعار المستهلك في الصين 0.9٪ و2٪ و0.2٪ و0.2٪ على التوالي. بشكل عام، الأسعار مستقرة عمومًا.

الجانب الإيجابي لهذا الأمر

في السنوات الأخيرة، تمكنا من تجنب التضخم المرتفع الذي تشهده بعض الاقتصادات المتقدمة، بفضل القاعدة الصناعية المتينة في الصين، واستقرار إنتاج الحبوب، والسياسة النقدية العملية. على وجه الخصوص، ظلت أسعار الضروريات اليومية مثل الأرز والزيت والملح واللحوم والحليب والبيض والدواجن مستقرة، ما جعل مستوى معيشة الشعب لا ينخفض بسبب ارتفاع الأسعار.

كما يجب علينا أن نواجه مشكلة انخفاض مستوى الأسعار بشكل عام.

إن هدف نمو مؤشر أسعار المستهلك لعام 2024 هو "حوالي 3٪"، مع نمو فعلي بنسبة 0.2٪. الأسباب متعددة: على الصعيد العالمي، تقلبت أسعار السلع الأساسية الدولية بشكل عام نحو الانخفاض نتيجة للضعف في زخم النمو الاقتصادي العالمي. وفيما يتعلق بالعرض، فقد شهدت بعض الصناعات والمجالات فائضاً مؤقتاً في العرض، وقامت بعض الشركات "بخفض الأسعار مقابل المبيعات". وبالنظر إلى الطلب، هناك حاجة إلى تحسين قدرة الناس واستعدادهم للاستهلاك بشكل أكبر. وإذا نظرنا إلى المجالات الرئيسية، نجد أن سوق العقارات يمر بمرحلة من التعديل العميق... تشكل هذه المشاكل، مصدر الضغوط الهبوطي على الاقتصاد، وأساس استمرار انخفاض الأسعار.

بناء على الواقع الحالي المتمثل في الضغوط الهبوطي على الأسعار، وبالتزامن مع الأهداف العامة للسياسات الاقتصادية الكلية، اقترح تقرير عمل الحكومة لهذا العام هدف نمو مؤشر أسعار المستهلك "حوالي 2٪"، وهو ما يعكس روحًا براغماتية وعملية ومبادرة. وإن مثل هذا الهدف البراغماتي لا يمكن أن يضمن سبل العيش الأساسية للناس فحسب، بل يعمل أيضا على استقرار التوقعات، وتعزيز الاستثمار، وتحسين الدورة الاقتصادية، ودفع الاقتصاد إلى مواصلة التعافي.

تتمتع الصين بالظروف والقدرات والأسس اللازمة لإبقاء الأسعار ضمن نطاق معقول.

قوة السياسة. بعد دراسة تقرير عمل الحكومة، وجدنا أن كل إجراء فيه كان دقيقاً وقوياً. علاوة على ذلك، فإن السياسات المالية والنقدية وغيرها من السياسات الكلية سوف تعمل على زيادة التعديلات المضادة للدورة الاقتصادية، وهو ما من شأنه أيضا أن يحسن العلاقة بين العرض والطلب ويوفر ضمانة لانتعاش معتدل في الأسعار.

حرارة السوق. أظهرت تحركات الأسعار إشارات إيجابية منذ بداية العام. حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في يناير بنسبة 0.7 ٪على أساس شهري، مقارنة بالمستوى الثابت في ديسمبر 2024، وارتفع إلى 0.5 ٪على أساس سنوي من 0.1 ٪ في ديسمبر 2024. وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي (PMI) إلى 50.2٪ في فبراير، ليعود إلى نطاق التوسع، ما يثبت أن العرض والطلب تحسنا بشكل كبير. وتوجد مؤشرات مثل مؤشر مديري المشتريات غير الصناعي ومؤشر مديري المشتريات المركب جميعها في نطاق التوسع، وهو ما يظهر أيضا أن مستوى الازدهار الاقتصادي قد انتعش، مما يشير إلى أن الطلب الإجمالي سوف يتحسن تدريجيا.

وبشكل عام، فإن تعزيز الاستهلاك هو المفتاح لكسر جمود الدورات الاقتصادية، وضمانة لانتعاش معتدل في الأسعار. وإن بلادنا تتمتع بإمدادات عالية الجودة، وطلب واسع النطاق، وأدوات سياسية وفيرة، وسوف تكون لدينا القدرة الكافية والظروف اللازمة لإزالة الاختناقات في الدورة الاقتصادية، والسير السلس على "مسار التوازن" بين العرض والطلب، وتحقيق مزيج مثالي من النمو المستقر، واستقرار العمالة، والتعافي المعقول للأسعار.

وإن "الحالة الصحية" التي يسعى الاقتصاد الصيني إلى تحقيقها في العام الجديد هي أن يكون الناس العاديون قادرين على الاستهلاك ويجرؤون عليه ومستعدون لذلك، وأن تتمتع الشركات بأرباح معقولة، وأن يكون دخل العمل مضمونا، وأن يتمتع السكان بحياة ذات جودة عالية. دعونا نعمل معا.