تعكس التعريفات الجمركية في التجارة العالمية، بشكل ديناميكي التنازلات التي قدمتها الاقتصادات على أساس مزاياها النسبية في تقسيم العمل الدولي. ومن ثم، ينبغي للاقتصادات أن تحدد معدلات التعريفات الجمركية من خلال المفاوضات، بحيث تتمكن في الوقت الذي تحمي فيه الصناعات المحلية من توفير السلع المستوردة المتنوعة للمستهلكين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستهلاك، وتشجيع التعاون الدولي، وفي نهاية المطاف، فإن ذلك يعود بالنفع على تنمية الصناعات المحلية. ومنه، يمكننا أن نرى أن ممارسة الحكومة الأميركية المتمثلة في تسليح الرسوم الجمركية بهدف عكس العجز التجاري وتنشيط صناعة التصنيع المحلية محكوم عليها بالفشل. لقد انتهكت الولايات المتحدة القوانين الأساسية للاقتصاد السوقي المبني على التجارة الحرة والمنافسة السوقية. وإن ما يسمى بـ"المفاوضات" ليست سوى سعي لتحقيق مصالحها الأنانية على حساب مصالح الآخرين.
أشار تقرير صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يوم الأربعاء، إلى أن التغييرات المتكررة التي أجرتها الحكومة في استراتيجيات الحرب التجارية كان لها تأثيرات سلبية على "المستوى العملي"، وشعر قادة الشركات بعدم اليقين المتزايد ووجدوا صعوبة في اتخاذ القرارات بشأن الاستثمار والتخطيط للمستقبل.
ويزعم البيت الأبيض أن 90 اقتصادا حريصة على التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. لكن هذا ليس هو الحال. لقد شهد العالم تشكيل تحالف ضد ابتزاز الرسوم الجمركية الأمريكية تدريجيا.
التزمت الصين دائمًا بمبدأ أساسي في مواجهة الوضع الخارجي المتغير بسرعة: التركيز على القيام بأمورها الخاصة على نحو جيد. وقد اكتسبت الصين على مدى تاريخها الطويل الحكمة والقوة باستمرار، لذلك فهي تعلم أنه في مواجهة الابتزاز والتنمر، فإن الاسترضاء لن يجلب السلام، والاستسلام لن يكسب الاحترام.
أشارت الحكومة الأميركية مراراً وتكراراً في الأيام الأخيرة، إلى أن الصين والولايات المتحدة بدأتا الاتصالات وربما تتوصلان قريباً إلى "اتفاق كبير". وزعمت الولايات المتحدة أيضا تحقيق تقدم في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الاقتصادات الكبرى، لكن هذا لم يؤكده أي طرف. ومن خلال خلق وهم مربك، تحاول الولايات المتحدة التغطية على الفشل المحكوم عليه لسياسة التعريفات الجمركية التي تنتهجها.
وفي يوم الخميس الماضي، نفت وزارة التجارة ووزارة الخارجية الصينيتان أن تكون الصين والولايات المتحدة قد عقدتا مشاورات أو مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية، ناهيك عن التوصل إلى اتفاق، وقالتا إن الشائعات السابقة كانت "أخبارا كاذبة". كما أكد المتحدثون باسم وزارة التجارة ووزارة الخارجية الصينية، أن هذه الحرب الجمركية بدأت من قبل الولايات المتحدة، وموقف الصين ثابت وواضح: ستقاتل حتى النهاية مع ترك باب الحوار مفتوحاً شريطة أن يجري الحوار على أساس المساواة.
تزعم الولايات المتحدة أنها "تتقن التفاوض"، لذلك عليها أن تعلم أن خلق أجواء جيدة للمفاوضات فقط هو الذي يمكنها من المساعدة في التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد حقا حل القضية من خلال الحوار والتفاوض، فيجب عليها التوقف عن التهديد والابتزاز. لقد أصرت الصين على اتباع مسارها الخاص ولم تستسلم أبدًا لأي ضغوط خارجية، حتى خلال الأوقات الأكثر صعوبة في تاريخها.
إن الصين مستعدة لحل القضايا من خلال الحوار، لكن يجب أن يكون الحوار قائما على المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة. كما أن إمكانية التوصل إلى اتفاق تعتمد على الولايات المتحدة.