بقلم / إيمان حمود الشمري، صحفية سعودية
منذ أن زرت الصين عام 2022 وأنا أنوي زيارة ذلك الصرح السعودي القابع في قلب جامعة بكين، ولكن لم يتسن لي ذلك بسبب ظروف كورونا آنذاك وإغلاق المكتبة.
قبل أيام حققت رغبتي المأجلة وزرتها، حيث التقيت البروفيسور (فو) الاسم العربي (أمين) معلم لغة عربية منذ 40 سنة وأخذني في جولة بين أروقة جامعة بكين، تلك الجامعة العريقة التي تصدمك بجمال تصميمها المعماري وحدائقها الغنّاء، حيث كانت على طراز القصر الصيفي، الذي بناه وسكنه أحد وزراء الإمبراطور ليتحول بعد ذلك إلى جامعة تأسست عام1898 ، ومدينة نموذجية للطلبة يتوفر فيها السكن، والدراسة، والمناظر الخلابة التي تحفز الطالب وتشجعه على الانضمام لتلك الجامعة العريقة، وتوفر له مناخاً مريحاً للدراسة، بالإضافة لتوفر المكتبات بها، مكتبة جامعة بكين للمخطوطات القديمة، ومكتبة الملك عبد العزيز العامة.
بدأت فكرة المكتبة أثناء زيارة الملك عبد الله-رحمه الله للصين عام2006 ، وتحولت لحقيقة في عهد الملك سلمان-حفظه الله الذي دشن الافتتاح عام2017، لتُضيف بعداً آخر في مسار العلاقات السعودية الصينية، وإيطار جديد الشكل لتعزيز العلاقة بين البلدين بعيداً عن السياسة أو التجارة وإنما التبادل الثقافي فقط. كونها وسيلة مثلى لنشر العلوم والثقافة والمعرفة بشتى لغات العالم، وجسراً يربط بين الحضارتين العربية والصينية، كما تجسد رمزاً للعلاقة السعودية الصينية.
مكتبة تحوي 6 أدوار،3 فوق الأرض و3 تحت الأرض، بمساحة 13 ألف متر مربع وبقدرة استيعابية تبلغ أكثر من 3 ملايين كتاب ومخطوط، ويشمل المبنى قاعات قراءة، وقاعة محاضرات ومنتديات أدبية ، ومركز للمعارض، إضافة إلى مركز الدراسات العربية الصينية، ومكتبة المخطوطات القديمة، بالإضافة للخدمات الرقمية التي تقدمها المكتبة للطلاب من مختلف الجنسيات، ودعم برامج تعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية، كما تسهم في ترجمة الكتب باللغتين العربية والصينية لتقريب الثقافات والتعمق في معرفة المملكة عن قرب من خلال قراءة المزيد من التفاصيل عنها. مكتبة بمثابة نافذة للطلاب، والأكاديميين والباحثين، يطلون منها على صحراء المملكة ويفتحون آفاقاً جديدة لتعزيز العلاقات من خلال التواصل المعرفي وبأحدث التقنيات. ويأتي أول فرع للمكتبة في الدار البيضاء بالمملكة المغربية، أما فرع بكين فيعتبرهو الفرع الثاني.
جذور العلاقات بين الصين والجزيرة العربية تمتد إلى آلاف السنين منذ الحزام والطريق، ولازالت ترتقي تلك العلاقة لمستويات جديدة، ولكن تلك التبادلات لاتعتبر ثقافية فقط وإنما أيضاً ودية بين البلدين.