عواصم عربية 15 مايو 2025 (شينخوا) أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم (الخميس) مباحثات مع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في ختام جولته الخليجية، التي شملت أيضا السعودية وقطر، وشهدت توقيع اتفاقات تجارية ودفاعية غير مسبوقة.
وبحث ترامب والشيخ محمد بن زايد، خلال لقاء في قصر الوطن في أبوظبي، العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والإمارات، والعمل المشترك على تعزيزها وتوسيع آفاقها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية ((وام)).
وأكد ترامب أن العلاقات بين بلاده والإمارات "بلغت أعلى مستوياتها وتواصل تحقيق مزيد من التطور".
بينما قال الشيخ محمد بن زايد، إن بلاده والولايات المتحدة الأمريكية يجمعهما "تحالف استراتيجي متين"، فضلا عن "شراكة قوية" من أجل المستقبل.
-- صفقات تريليونية
وشهد الرئيسان ترامب والشيخ محمد بن زايد إعلان تدشين "مركز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 5 جيجاوات"، وهو جزء من مجمع ذكاء اصطناعي مشترك بين الإمارات والولايات المتحدة.
ومنح الرئيس الإماراتي، نظيره الأمريكي "وسام زايد" الذي يعد أعلى وسام تمنحه الإمارات إلى قادة الدول، تقديرا للجهود التي بذلها في تعزيز علاقات التعاون بين البلدين.
وتمثل الإمارات المحطة الثالثة والأخيرة من جولة ترامب الخليجية التي شملت السعودية وقطر.
وبدأت الجولة بالسعودية، حيث وقع ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود يوم الثلاثاء الماضي على عدد من الاتفاقيات، من بينها "وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية" بين السعودية والولايات المتحدة، حسب وكالة الأنباء السعودية ((واس)).
وشملت الاتفاقيات، التي تم توقيعها خلال أعمال القمة السعودية الأمريكية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة، ومذكرة نوايا بين وزارة الدفاع السعودية ونظيرتها الأمريكية في شأن تحديث وتطوير قدرات القوات المسلحة السعودية من خلال القدرات الدفاعية المستقبلية، ومذكرة تعاون في مجال التعدين والموارد المعدنية.
كما تضمنت مذكرة نوايا لتطوير القدرات الصحية للقوات المسلحة السعودية، ومذكرة تفاهم للتعاون القضائي، واتفاقية تنفيذية بين وكالة الفضاء السعودية والإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، واتفاقية بشأن المساعدة المتبادلة بين إدارتي الجمارك بالدولتين.
وعلى هامش زيارة ترامب للسعودية، عقد منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي الثلاثاء في الرياض.
وخلال المنتدى، وقعت شركة أرامكو السعودية من خلال مجموعة شركاتها 34 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أمريكية كبرى في مجالات مختلفة، بقيمة تقارب 90 مليار دولار، بحسب الموقع الإلكتروني لقناة (العربية)، الذي أشار إلى أن زيارة ترامب للسعودية شهدت "توقيع اتفاقيات حكومية ضخمة تزيد قيمتها عن 300 مليار دولار جرى الإعلان عنها في المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وترامب".
وكانت السعودية قد أعلنت أخيرا عن عزمها استثمار 600 مليار دولار على مدار السنوات الأربع المقبلة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير آخر التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة يتجاوز 770 مليار دولار.
أما استثمارات المملكة في سندات الخزانة الأمريكية، فقد بلغت 127 مليار دولار تقريبا في يناير 2025.
وتعد السعودية أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وفي الدوحة، المحطة الثانية من جولته الخليجية، وقع ترامب وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس (الأربعاء) "إعلانا مشتركا للتعاون الدفاعي"، وشهدا توقيع سلسلة "اتفاقيات تجارية ودفاعية" بين البلدين، حسبما ذكر الديوان الأميري القطري في بيان.
ومن بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خطاب نوايا للتعاون الدفاعي، وخطاب عرض وقبول لطائرات بدون طيار "إم كيو 9 بي"، وخطاب عرض وقبول لنظام مضادات الطائرات بدون طيار "إف إس- ليدز".
وشملت الاتفاقيات كذلك اتفاقية في مجال الطيران لشراء 160 طائرة من طراز بوينغ لصالح الخطوط الجوية القطرية بقيمة تتجاوز 200 مليار دولار، وصفها ترامب بأنها أكبر طلب طائرات في تاريخ شركة ((بوينغ)) ورقم قياسي للشركة.
بينما أعلن البيت الأبيض، في بيان، أن الاتفاقيات التي تم توقيعها في قطر ستحقق "تبادلا اقتصاديا بقيمة 1.2 تريليون دولار على الأقل".
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أمجد أبو العز، أن الجولة الخليجية للرئيس ترامب عكست "تحولا واضحا في النهج الأمريكي تجاه المنطقة، يجمع بين الاقتصاد والقوة العسكرية، في مقاربة جديدة تهدف إلى إعادة صياغة التحالفات الإقليمية دون اللجوء إلى الحروب".
وأضاف أبو العز، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية،، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "ترامب جاء للمنطقة بخطة واضحة تقوم على فتح أسواق جديدة واقتناص الفرص وبناء شراكات استراتيجية ذات طابع اقتصادي، مع عدم استبعاد أدوات الضغط العسكرية، ودول الخليج بوصفها قلعة رأس المال في الشرق الأوسط كانت هدفا طبيعيا لهذا التوجه".
وأردف أن "ترامب طرح دبلوماسية اقتصادية تقوم على الصفقات، مدعومة بحضور عسكري صارم، وهو ما يشكل نهجا جديدا مغايرا للسياسات الأمريكية السابقة في المنطقة، ويعيد ضبط الإيقاع الإقليمي على إيقاع المصالح الاقتصادية بدلا من الانزلاق نحو الصراعات المفتوحة".
-- قمة خليجية أمريكية
وإلى جانب القمم الثنائية التي عقدها ترامب مع قادة السعودية وقطر والإمارات خلال جولته، شهدت الرياض أمس (الأربعاء) قمة دول مجلس التعاوني الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في كلمته خلال القمة، على وحدة الأراضي السورية، ووقف إطلاق النار في السودان، وتشجيع الحوار بين الأطراف اليمنية.
وأشار إلى حرصه على استمرار التعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة من أجل استقرار المنطقة، معربا عن استعداده لمواصلة الجهود للمساعدة في حل الأزمة الأوكرانية.
فيما دعا الرئيس ترامب، في كلمته بالقمة، إيران إلى "وقف دعمها للحروب بالوكالة في المنطقة"، لافتا إلى أنه لا يمكن لإيران الحصول على سلاح نووي، على حد قوله.
وأضاف "أريد إبرام اتفاق مع إيران لكن عليها التوقف عن دعم الإرهاب".
وعلى الصعيد اللبناني، أكد ترامب أنه يمكن للرئيس اللبناني العماد جوزاف عون بناء دولة بعيدا عن حزب الله، داعيا لبنان إلى "التحرر من قبضة حزب الله" على حد تعبيره.
وشارك في القمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وممثلوهم.
ويرتبط مجلس التعاون الخليجي بعلاقات تجارية واستثمارية مع الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما 180 مليار دولار في العام 2024، وفقا لقناة ((العربية)).
-- رفع العقوبات عن سوريا.. وتجاهل غزة
وخلال جولته الخليجية، أعلن ترامب الثلاثاء الماضي في الرياض عن قراره برفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وأوضح ترامب أن هذا القرار جاء بعد مناقشات موسعة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مؤكدا أن الولايات المتحدة "قررت رفع العقوبات لمنح الشعب السوري فرصة جديدة لبناء مستقبلهم".
وغداة هذا القرار، عقد ترامب الأربعاء لقاء هو الأول من نوعه مع زعيم السلطات السورية أحمد الشرع في الرياض.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، في تغريدة على حسابها بمنصة ((اكس))، أن إدارة ترامب "منحت سوريا من قلب الشرق الأوسط فرصة حقيقية".
بينما اعتبر مسؤول سلطة الخارجية السوري أسعد الشيباني أن قرار ترامب رفع العقوبات عن سوريا "نقطة تحول محورية للشعب السوري".
وشملت مباحثات ترامب خلال جولته، الحرب الأوكرانية وملف إيران، وقال أثناء لقاء مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأربعاء بالدوحة "أعتقد أنه ستكون هناك أخبار جيدة" تعليقا على الأزمة الأوكرانية.
وأضاف "تناقشنا أيضا في ملف إيران ولدي شعور بأن المفاوضات ستنجح، في النهاية ستنجح الأمور بطريقة أو بأخرى".
وخلال زيارته القوات الأمريكية في قاعدة "العديد" الجوية في قطر، والتي تستضيف أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، قال ترامب "أعتقد أننا نقترب جدا من إبرام اتفاق مع إيران".
وأضاف أن أمريكا جادة للغاية في المفاوضات مع إيران بشأن سلام طويل الأمد، مؤكداً أن طهران "وافقت نوعا ما على بنود اتفاق".
وكان لافتا تجاهل ترامب لملف وقف إطلاق النار في غزة، حيث لم يتطرق إليه إلا خلال القمة الخليجية الأمريكية بقوله إنه يجب الإفراج عن كل الرهائن في غزة والعمل من أجل إحلال السلام بدعم من قادة هذه القمة.
وقال المحلل الفلسطيني أمجد أبو العز، معلقا على مدى تأثير جولة ترامب على الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، إنه "لا يمكن الحديث عن سياسة عادلة، فواشنطن لن تتخلى عن إسرائيل، لأنها تمثل بالنسبة لها دولة وظيفية ذات مهام استراتيجية عميقة، لكن في الوقت ذاته هناك محاولة لصياغة تحالف إقليمي جديد قد يفرض على إسرائيل خيارات صعبة خاصة في ظل توتر العلاقة الشخصية بين ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وأوضح أن "ما يجري اليوم إعادة ترتيب للتحالفات وفق منطق المصلحة لا المبادئ، وقد تجد إسرائيل نفسها أمام اختبار جدي: إما أن تندمج في هذا المحور الإقليمي الجديد أو تخسر دورها كلاعب مركزي في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط".
ورأى أبو العز أن "الخروج المحتمل لسوريا من المحور الإيراني، والاحتمالات المفتوحة للتفاهمات مع طهران بشأن ملفات مثل الحوثيين وحزب الله، يشير إلى صفقة إقليمية أكبر قيد التشكل، تتطلب توافقا أمريكيا إيرانيا لتفكيك شبكة الحروب بالمنطقة"، على حد قوله.
واعتبر أن "ترامب ومحمد بن سلمان يدركان أن الحروب تعطل مشاريع التنمية، وكلاهما يريد تعبيد الطريق لسلام اقتصادي شامل".