التحديث حلم مشترك للصين ودول آسيا الوسطى. وفي ظل التغيرات السريعة التي لم يشهدها العالم منذ قرن من الزمان، وتشابك المخاطر المتعددة، كيف يمكن للصين ودول آسيا الوسطى مواصلة التعاون والمضي قدمًا جنبًا إلى جنب في تحقيق أحلامهم؟ ستقدم القمة الثانية للصين وآسيا الوسطى إجابةً على هذا السؤال.
الخيار الاستراتيجي: شركاء ذو مستقبل مشترك في طريق التحديث
أشار الرئيس شي جين بينغ خلال القمة الأولى بين الصين وآسيا الوسطى التي عُقدت في شيآن، الصين، في عام 2023، رسميًا إلى أن "تعميق التعاون بين الصين وآسيا الوسطى خيار استراتيجي اتخذناه كقادات الجيل، بنظرة مستقبلية، وهو يتماشى مع تيار التقدم العام للعالم، ويلبي تطلعات الشعوب." وإن السبب وراء كون تعميق التعاون بين الصين وآسيا الوسطى "خيارًا استراتيجيًا" هو أنه بغض النظر عن كيفية تغير الوضع، فإن الصين ودول أسيا الوسطى ينظرون الى بعضهم البعض كقوة يمكنهم الوثوق بها والاعتماد عليها، وسوف يتخذون ويساعدون بعضهم البعض كخيار ثابت للتعامل مع التحديات الصعبة. وقبل خمس سنوات، أُنشئت آلية الصين وآسيا الوسطى. وفي يناير 2022، اقترحت جميع الأطراف ترقية آلية الصين وآسيا الوسطى إلى مستوى رؤساء الدول. وفي مايو 2023، وخلال القمة الأولى للصين وآسيا الوسطى، وقّع رؤساء الدول الست "إعلان شيآن لقمة الصين وآسيا الوسطى"، وتمّ ترقية آلية الصين وآسيا الوسطى رسميًا واستكمالها. ولعلاقات الصين مع دول آسيا الوسطى جذور تاريخية ضاربة في القدم، واحتياجات عملية واسعة، وقاعدة متينة للرأي العام. وفي الوقت الحاضر، يقود التعاون بين الصين وآسيا الوسطى آلية اجتماعات رؤساء الدول، وتعمل سلسلة من آليات التعاون الوزاري بكفاءة، وتعمل أمانة آلية الصين وآسيا الوسطى بكامل طاقتها. وقد حظيت آلية الصين وآسيا الوسطى بتقدير كبير من دول آسيا الوسطى لتطورها السريع، وتعاونها العملي، وإنجازاتها العديدة.
التعاون العملي: محرك ذو قوة كبيرة للتحديث
عندما أصبحت فرص التنمية مورداً نادراً اليوم، فإن استخدام التعاون لزيادة الزخم يعد خياراً ثابتاً للصين ودول آسيا الوسطى لمواصلة التحديث معاً. منذ القمة الأولى بين الصين وآسيا الوسطى، سارعت الصين ودول آسيا الوسطى إلى مواءمة استراتيجيات التنمية، وحقق البناء المشترك عالي الجودة لمبادرة "الحزام والطريق" تقدما مطرداً، ويزدهر التعاون في أنواع جديدة من الإنتاجية مثل الرقمية والخضراء والتكنولوجية، ودخل التعاون الإقليمي والتنمية المتكاملة المسار السريع. وفي عام 2024، وصل حجم التجارة بين الصين ودول آسيا الوسطى إلى مستوى قياسي بلغ 94.8 مليار دولار أمريكي. ويتزايد عدد المنتجات الزراعية الخضراء عالية الجودة القادمة من آسيا الوسطى التي تصل إلى آلاف المنازل في الصين، كما أن المعدات الكهروميكانيكية الصينية، والهواتف الذكية، ومركبات الطاقة الجديدة، وغيرها، تتسارع في دخولها إلى سوق آسيا الوسطى. وبالنسبة لدول آسيا الوسطى، لا يقتصر التصنيع على كونه مجرد اقتراح اقتصادي، بل يشمل أيضًا مبادرات التنمية والاستقلالية. وتُقدم الاستثمارات الصينية، والقدرة الإنتاجية الصينية، والتكنولوجيا الصينية دعمًا رئيسيًا لدول آسيا الوسطى في تعزيز التصنيع. كما تُعدّ الصين المصدر الرئيسي للاستثمار في آسيا الوسطى، باستثمارات تراكمية تتجاوز 30 مليار دولار أمريكي، ومن الأمثلة على ذلك الحديقة التجريبية الصينية الأوزبكية للعلوم والتكنولوجيا الزراعية الحديثة، وحديقة دانجارا الصناعية الزراعية والنسيجية في طاجيكستان، ومحطة ماينا للطاقة الكهرومائية في كازاخستان، ومحطة زاناتاس لطاقة الرياح. وتتحول نماذج التعاون هذه باستمرار، بفضل الترابط العميق للسلسلة الصناعية، والمزايا الصناعية الصينية، وثروات آسيا الوسطى من الموارد، إلى نماذج عملية للتنمية المشتركة. وفي مواجهة جولة جديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي، تواصل الصين ودول آسيا الوسطى تعزيز التبادل المتبادل لنتائج الابتكار العلمي والتكنولوجي. وتشارك الصين بلا تحفظ "بخبرتها في بناء الثروة" و"حزمة مهاراتها" لدعم دول آسيا الوسطى في تعزيز قدراتها التنموية المستقلة. وقد أعطى البناء المشترك عالي الجودة لمبادرة "الحزام والطريق" زخمًا قويًا لتنمية الصين ودول آسيا الوسطى، وجلب شعورًا ملموسًا بالفائدة للشعوب.
طريق التناغم: التحديث من خلال التعايش التعددي
لا يمكن تحقيق التحديث دون بيئة دولية سلمية ومستقرة. يصادف هذا العام الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، وكذلك الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة. ومن محاربة الفاشية جنبًا إلى جنب في الماضي إلى التمسك الراسخ بالتعددية اليوم، تعارض الصين ودول آسيا الوسطى معًا الهيمنة وسياسات القوة، وتدعم بقوة النظام الدولي جوهره الأمم المتحدة، والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتقف بثبات إلى جانب التاريخ وإلى جانب تقدم الحضارة الإنسانية. وتتعاون الصين ودول آسيا الوسطى معًا لتحسين الحوكمة العالمية. في بداية هذا العام، أصبحت كازاخستان وأوزبكستان رسميًا شريكتين لمجموعة البريكس، وارتفع صوت دول الجنوب العالمي. وفي المنصات متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، وتعاون البريكس، دأبت الصين ودول آسيا الوسطى على التنسيق الوثيق لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية، وتعزيز تطوير النظام الدولي في اتجاه أكثر عدلًا وعقلانية. وإن الرحلة الجديدة التي فتحتها النسخة الثانية من قمة الصين ـ آسيا الوسطى ستشهد تحرك الصين ودول آسيا الوسطى معًا نحو تحقيق حلم التحديث وبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك، وكتابة فصل جديد عظيم في تعزيز السلام والاستقرار والازدهار والتنمية في المنطقة والعالم.