غزة 16 يونيو 2025 (شينخوا) مع تصاعد وتيرة المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران، يراقب سكان قطاع غزة هذا التصعيد الإقليمي، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى تفاقم معاناتهم الإنسانية وتهميش قضيتهم، وآمال في التوصل إلى "صفقة كبرى" تشمل غزة.
وفي أحد أحياء مدينة غزة، يتابع الفلسطيني إبراهيم الفرياني، وهو موظف أربعيني، عبر هاتفه تطورات الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب.
ويقول الفرياني لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الحرب بين إسرائيل وإيران كانت متوقعة، وربما تأخرت قليلًا بسبب الانشغال بجبهات أخرى، ومنها جبهة غزة".
ويضيف "اليوم أصبحت غزة خارج التغطية الإعلامية، الكاميرات اتجهت نحو طهران وتل أبيب، ما أفقدنا جزءًا مهما من التضامن الدولي والضغط السياسي على الاحتلال".
ويتخوف الفرياني من أن تستغل إسرائيل هذا الانشغال العالمي لارتكاب "مزيدا من الانتهاكات" بحق السكان في القطاع دون محاسبة أو رقابة.
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسع النطاق على إيران، طال أهدافا عسكرية ونووية في عملية أطلقت عليها أسم "الأسد الصاعد"، وأودت بحياة قادة عسكريين وعلماء نوويين ومدنيين، فيما ردت طهران بهجمات صاروخية على إسرائيل.
وتواصل التصعيد غير المسبوق بين إيران وإسرائيل اليوم بشن هجمات متبادلة لليوم الرابع على التوالي.
ومنذ اندلاع المواجهة يشكو سكان غزة من انخفاض ملحوظ في وصول المساعدات الإنسانية، خاصة مع استمرار إغلاق المعابر الحدودية.
ويقول الطالب الجامعي مهند العماوي، وهو من حي الشجاعية : "إن الوضع الإنساني يزداد سوءًا. لا مساعدات تدخل، والمخزون في المستشفيات بدأ ينفد. هناك استهداف مستمر، ولكن لا أحد يتحدث عنا".
ويعرب العماوي عن خشيته من أن يتحول التصعيد الإقليمي إلى "ستار دخان" يخفي المأساة المستمرة في القطاع، قائلا: "رغم كل ما نعانيه، إلا أن الصوت الإعلامي والسياسي يبدو موجها الآن نحو إيران وإسرائيل فقط".
ورغم المخاوف، يرى بعض السكان في هذا التصعيد "نوعًا من الرد الرمزي" على معاناة غزة، ويتطلعون لإبرام صفقة تشمل القطاع.
ويرى الفلسطيني عبد الكريم الزويدي، وهو نازح من شمال غزة، في هجمات إيران التي طالت العمق الإسرائيلي نوعًا من الانتصار المعنوي للفلسطينيين في غزة.
ويقول الزويدي لـ((شينخوا)) "نحن نعيش تحت القصف منذ شهور طويلة، ولا أحد يرد. اليوم على الأقل، يشعر الإسرائيليون ببعض مما نعيشه يوميًا".
وشنت إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة موجات من الهجمات الصاروخية على إسرائيل في إطار عمليتها العسكرية المسماة "الوعد الصادق 3"، وطالت الهجمات مواقع في تل أبيب وسط إسرائيل وحيفا الساحلية ومناطق أخرى وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وانهيار مبان.
وقتل 22 شخصا وأصيب أكثر من 400 آخرين بجروح في إسرائيل منذ بداية التصعيد مع إيران، وفق الإسعاف الإسرائيلي.
ويأمل الفلسطيني سالم صبيح، وهو من مدينة غزة في أن يقود التصعيد الحالي إلى صفقة تشمل قطاع غزة، قائلا "ربما تسهم هذه الحرب في إعادة تشكيل المشهد الإقليمي، وإذا حدث تفاهم دولي أو صفقة كبرى، نأمل أن تشمل غزة".
ويضيف: "على مدار التاريخ، نحن نعلم بأنه بعد كل حرب يتم تشكيل وجه جديد للمنطقة التي تعرضت للحروب والدمار، وآمل أن يحدث الأمر ذاته في غزة".
وبات "التشابك" بين الملفين "واقعًا لا يمكن تجاهله"، بالنسبة للمحلل السياسي الفلسطيني حسام الدجني.
ويقول الدجني "إن الحكومة الإسرائيلية تواجه ضغطًا داخليًا متزايدًا، ما قد يدفعها إلى تهدئة سريعة في غزة لتجنب تعدد الجبهات".
ويضيف الدجني "أن أي تهدئة لا بد أن تكون مشروطة بتفاهمات تضمن تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، وتفتح آفاقًا لرفع الحصار المستمر منذ أكثر من 17 عامًا".
والأحد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقطع فيديو إنه أصدر "تعليمات قبل ثلاثة أيام للمضي قدما في مفاوضات غزة"، مضيفا "هناك اختراق، ولن أتخلى عن أحد"، في إشارة إلى المحتجزين في غزة.
وقال مسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "إن المفاوضات ما زالت قائمة بوساطة أطراف دولية، لكن من الطبيعي أن تتأثر وتيرة الاتصالات بسبب التوتر الحالي".
وتابع المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل "يعكس عمق الترابط بين ملفات المنطقة، ويؤكد أن غزة ليست جزيرة معزولة عن محيطها".
وتابع "نحن ندير المشهد بحذر، ونعمل على حماية شعبنا من التصعيد، لكننا نتابع ما يجري عن كثب. المقاومة تتعامل مع الوقائع بعقلانية، ولن تُجر إلى مواجهات لا تخدم المصلحة الفلسطينية".
ووسط هذه التطورات، يأمل الفلسطيني مهند أبو ربيع من مدينة غزة أن تنتهي الحرب، قائلا "آن الأوان أن تنتهي هذه الحروب، نحن نبحث عن حياة آمنة، نريد الكهرباء والماء والدواء، لا نريد أن نكون دائمًا ضحايا لصراعات لا نملك فيها قرارًا".