القاهرة 18 يونيو 2025 (شينخوا) في الوقت الذي تلقي فيه الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بظلال كثيفة خاصة على منطقة الشرق الأوسط، ووجود مخاوف كبيرة من تأثيرات هذه الحرب خاصة على الجوانب الاقتصادية، غير أن الحكومة المصرية حرصت على طمأنة الشعب، مؤكدة أنه لا يوجد ما يدعو للقلق.
وأكد مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية، في الإجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء اليوم (الأربعاء)، موقف مصر الرافض تماما لتوسيع دائرة الصراع في الإقليم، وضرورة وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية على مختلف الجبهات الإقليمية، والتأكيد أن استمرار التصعيد مع إيران ستكون له أضراره الجسيمة على شعوب المنطقة كافة دون استثناء، بل والعالم بأسره.
وفيما يتعلق بتداعيات هذا الصراع على الأوضاع داخليا، طمأن مدبولى المواطنين، على توافر مختلف السلع بالأسواق، وأن هناك احتياطيا استراتيجيا يكفى لعدة أشهر، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن الحكومة تحركت على الفور لمناقشة تداعيات الأزمة الحالية على مختلف الأصعدة، ولاسيما فيما يتعلق بإمدادات الوقود وزيادة مخزون البلاد من جميع السلع الاستراتيجية الأساسية.
ولفت في هذا السياق إلى القرار الذي أصدره بتشكيل "لجنة أزمات" برئاسته، لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية ـ الإسرائيلية، بما يُسهم في الاستعداد لأية مُستجدات بمختلف القطاعات.
وأكد مدبولي أنه ليس هناك حاجة تدعو للقلق فيما يخص توافر أي سلعة من السلع الأساسية؛ قائلا "لدينا احتياطيات استراتيجية منها بما يكفي حاجة الاستهلاك المحلي، كما تعمل الحكومة على متابعة جميع المستجدات على مختلف المستويات، وهناك عدة سيناريوهات يتم وضعها للتعامل مع مختلف هذه المستجدات".
وطلب رئيس الوزراء المصري من المواطنين ضرورة الحرص الشديد على ترشيد استهلاك الكهرباء، وذلك في ظل هذه الظروف الاستثنائية، مع التأكيد على التزام الحكومة بالعمل على إمداد محطات الكهرباء بالوقود اللازم لتشغيلها بالكفاءة المطلوبة.
وأعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية يوم الجمعة الماضي توقف إمدادات الغاز الطبيعي من الشرق (في إشارة إلى إسرائيل)، قائلة إنه "نظرًا للأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة وتوقف إمدادات الغاز من الشرق، قامت وزارة البترول والثروة المعدنية بتفعيل خطة الطوارئ المعدة المسبقة الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي".
وأوضحت الوزارة أن خطة الطوارئ تتضمن إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار وذلك في إجراء احترازي حفاظًا على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء، ترقبًا لإعادة ضخ الغاز الطبيعي من الشرق مرة أخرى.
ورغم حرص الحكومة المصرية على طمأنة المواطنين وتأكيد استعدادها الكامل لمواجهة تأثيرات الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، فقد أكد خبير الطاقة رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول نائب رئيس جامعة فاروس، تعرض مصر لتأثيرات سلبية للحرب الإسرائيلية - الإيرانية، نتيجة التوقف التام لامتدادات الغاز الطبيعي من إسرائيل، حيث كانت مصر تحصل يوميا على 800 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا.
وقال أبو العلا لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن هناك حالة من الارتباك الشديد على المستوى العالمي نتيجة تأثر امتدادات الغاز بسبب الحرب الإسرائيلية - الإيرانية ومن قبلها الروسية - الأوكرانية، وأن الأمر لا يتوقف على مصر فحسب.
وأضاف أن هذا التأثير السلبي على امتدادات الغاز يستوجب أن تقوم الحكومة المصرية إما بتوفير بديل للمصدر الإسرائيلي للغاز، أو أن تعود إلى سياسة تخفيف الأحمال الكهربائية، خاصة وأن مصر مقبلة على فصل الصيف وهو وقت ذروة في استهلاك الكهرباء.
ولفت إلى أن الأمر لا يتوقف عند حالة الارتباك التي أصابت امتدادات الغاز فقط، وإنما أيضا فإن أسعار النفط والغاز لاشك أنه سيشهد طفرة كبيرة في الأسعار متأثرا بحالة الحرب الإسرائيلية الإيرانية وما قد يتخذ من إجراءات في إطارها، مشيرا إلى زيادة أسعار النفط بنسبة 12 % والغاز بنسبة 7 % خلال الأيام القليلة التي أعقبت اندلاع الحرب.
وأعرب خبير الطاقة رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول نائب رئيس جامعة فاروس عن توقعه بأن يستمر ارتفاع أسعار النفط والغاز خلال الأيام المقبلة، وأنه كلما طال أمد الحرب كلما زاد ارتفاع أسعار النفط والغاز، وهو ما ينعكس سلبا على قطاعات اقتصادية عديدة.
وشن الجيش الإسرائيلي فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران "لضرب برنامجها النووي"، في عملية أطلق عليها اسم "الأسد الصاعد"، امتدت على عدة موجات، فيما طالت عددا من المنشآت النووية الإيرانية، إضافة لقيادات وأهداف عسكرية إيرانية أخرى.
يأتي هذا فيما رد الحرس الثوري الإيراني مساء الجمعة بعملية "الوعد الصادق 3" بتوجيه "ضربات دقيقة وقوية ضد عشرات الأهداف" في إسرائيل.
ومنذ ذلك الوقت تتبادل إسرائيل وإيران الهجمات العسكرية وتتوسع دائرة استهداف المنشآت في البلدين، وتزايد حدة التهديدات من الجانبين بالمزيد من التصعيد، ما خلق مخاوف من اتساع دائرة الحرب، وبالتالي ارتفاع فاتورة تكلفة الحرب التي سيشارك دول المنطقة في سدادها بالتأكيد نتيجة تأثيرات السلبية التي سيعاني منها اقتصاداتها.
ويرى الخبير الاقتصادي خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، أن الحرب سيكون لها تأثيرات سلبية على حركة التبادل، ومن شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، مشيرا إلى ما شهده البترول والغاز وسلع أخرى كثيرة من قفزة في الأسعار خلال هذه الفترة نتيجة الحرب.
وأوضح الشافعي، لـ((شينخوا))، أنه مع استمرار الحرب فإننا "سنشهد تباطؤً في حركة التجارة، وتأثر سلاسل الإمداد والتوريد، ما سيكون له انعكاسات سلبية خلال الفترة القادمة".
وأضاف أن عائدات قطاع السياحة تراجعت كذلك نتيجة هذه الحرب، وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة، مدللا على ذلك بتأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير الذي كان مقررا له 3 يوليو المقبل إلى الربع الأخير من هذا العام.
وأردف قائلا، وبالتالي فهناك تأثيرات سلبية بالغة تتمثل في تراجع عائدات قطاع السياحة وقناة السويس، في مقابل ارتفاع أسعار النفط والغاز، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات وتكاليف الشحن، الأمر الذي سيكون له انعكاسات سلبية على أرض الواقع.
بدوره، أكد محمد عثمان رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية في جنوب مصر، أن التوتر الذي تشهده المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية - الإيرانية سوف يؤثر على السياحة، معربا عن أمله ألا يؤدي ذلك إلى توقف السياحة لفترة طويلة.
وقال عثمان لـ((شينخوا)) إن صناعة السياحة في مصر والعالم أثبتت مرونتها وقدرتها على التعافي، مشيرا إلى أن الحرب اندلعت الجمعة الماضية ولذلك فإنه يستبعد أن تظهر آثارها السلبية على السياحة في مصر سريعا، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المجال الجوي والمطارات المصرية ما زالت مفتوحة أمام كافة الرحلات من كافة أنحاء العالم بل ومستعدة لاستقبال الطائرات من المطارات التي تم اغلاقها بالمنطقة.
ونوه بأن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية جاءت بعدما شهدت السنوات الأخيرة أرقامًا قياسية في السياحة، وأن الكثيرين من العاملين بقطاع السياحة كانوا يمنون أنفسهم بأن هذا العام سيكون كذلك وربما أفضل، معربا عن أمله في ألا تؤثر التوترات على هذا الزخم خاصة وأن العالم كله لا يتحمل المزيد من الحروب.
وحول تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير، قال محمد عثمان "افتتاح المتحف المصري الكبير حدث استثنائي في تاريخ السياحة الثقافية والسياحة بشكل عام، وفي تاريخ مصر، ولا يصح تنظيم حدث بهذه الأهمية في ظل أوضاع مشتعلة لا تسمح بزخم سياحي وإعلامي مناسب"، مؤكدا أن الوضع الحالي لا يخدم إطلاق حدث ضخم كهذا.