يشهد الشرق الأوسط تصعيدا خطيرا في الوقت الحالي، ما يثير القلق حول انزلاق المنطقة نحو الانفلات. في هذا الإطار، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ في 19 يونيو الجاري، اتصالًا هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أكد خلاله على أن وقف إطلاق النار ووقف الحرب باتا مهمة ملحة. كما شدّد الرئيس شي جين بينغ على أن حماية المدنيين تمثل أولوية قصوى، وأن الحوار والتفاوض يشكلان السبيل الأساسي للخروج من الأزمة، وأن جهود المجتمع الدولي لدفع عملية السلام لا غنى عنها. وتُجسّد هذه المقترحات فهما دقيقا للواقع والمستقبل، وتعكس التوافق الدولي السائد، كما تُبرز التزام الصين الكامل بلعب دور بنّاء في استعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وتُظهر الأوضاع الحالية في الشرق الأوسط هشاشة بالغة، ما يعيد التأكيد على دخول العالم مرحلة جديدة من الاضطرابات والتغيرات. وإذا ما استمر التصعيد، فلن تقتصر الخسائر على الأطراف المتنازعة فقط، بل ستمتد إلى باقي دول المنطقة، وتدفع بدورها ثمنا باهظا.
ويُعد وقف إطلاق النار ووضع حد لأعمال القتال أولوية ملحة بالنسبة للوضع الأمني في الشرق الأوسط. فالقوة ليست الوسيلة المثلى لحل النزاعات الدولية، بل تزيد من تعقيدها وتعمّق جذور الكراهية. وهناك مخاوف واسعة من أن يؤدي استمرار النزاع وتوسّعه إلى سلسلة من ردود الفعل الإقليمية التي قد تجرّ الشرق الأوسط إلى "مجهول خطير".
ومن الضروري أن تبادر الأطراف المتصارعة، وعلى رأسها إسرائيل، بوقف العمليات القتالية في أسرع وقت ممكن، للحؤول دون تفاقم الأوضاع وتوسيع رقعة الحرب. فكلما تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بسرعة، كانت الخسائر أقل.
كما أن حماية المدنيين وتخفيف حدة التوتر يُمثلان أولوية قصوى. ففي أي نزاع عسكري، لا يجوز تجاوز الخط الأحمر لحماية المدنيين، ولا يمكن قبول الاستخدام العشوائي للقوة. وقد تسببت هذه الجولة من الصراع في خسائر فادحة، لم تقتصر على الأهداف العسكرية، بل طالت المدنيين ومرافقهم الحيوية. ويجب على جميع الأطراف احترام القانون الدولي، وتجنّب إيذاء الأبرياء، وتأمين إجلاء رعايا الدول الأخرى بصورة آمنة.
أما طريق الخروج الحقيقي من الأزمة، فهو عبر التهدئة والانخراط في الحوار والتفاوض. فقد أدى هذا التصعيد إلى تعطيل مسار المفاوضات غير المباشرة بشأن الملف النووي الإيراني، كما أن الهجمات على المنشآت النووية شكلت سابقة خطيرة قد تخلّف تداعيات جسيمة.
ويحتّم الوضع الحالي، العودة إلى طاولة الحوار، وتعزيز الحل السياسي، مع التزام إيران بتعهداتها بعدم السعي لحيازة السلاح النووي، وضمان احترام حقها المشروع في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بصفتها طرفًا في معاهدة حظر الانتشار.
في الوقت ذاته، تُعدّ جهود المجتمع الدولي لتعزيز السلام عاملا لا غنى عنه في تهدئة الوضع. فقد تسبب النزاع في توترات شديدة على مستوى الإقليم والعالم، وأثر بشكل سلبي على الأمن العالمي. وعلى المجتمع الدولي، وخاصة دول المنطقة، أن تتوحد من أجل دعم العدالة ورفض الحرب، وتشكيل زخم دولي داعم للحلول السياسية. حيث أصدرت 21 دولة عربية وإسلامية بيانا مشتركا يدعو إلى وقف إطلاق النار، واستئناف المفاوضات النووية الإيرانية، وتحقيق سلام دائم. هذا البيان جاء في توقيت حرج، ويُعد خطوة مهمة في اتجاه التهدئة.
وبدلا من الانحياز أو فرض الضغوط، على القوى الدولية المؤثرة، أن تمارس دورها في دفع الأطراف نحو الحوار. كما ينبغي على مجلس الأمن أن يستخدم الأدوات التي يتيحها ميثاق الأمم المتحدة لضمان تنفيذ قراراته، والقيام بمسؤولياته في حفظ السلام والأمن في المنطقة.
إن استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط سيُعيق فرص السلام والاستقرار في العالم بأسره. وفي هذه المرحلة الدقيقة، يجب على المجتمع الدولي أن يُعزّز التوافق، وينسّق جهوده بشكل أوسع، ويسعى بإخلاص إلى تعزيز الحوار ودعم مسار السلام. وستواصل الصين أداء دورها البنّاء، وتعزيز التنسيق مع مختلف الأطراف عبر المنصات متعددة الأطراف، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، لدفع جهود وقف إطلاق النار واستعادة السلام في الشرق الأوسط.