بكين 2 يوليو 2025 (شينخوانت) شهد التعاون بين الصين والمغرب في قطاع بطاريات مركبات الطاقة الجديدة نموا مطردا خلال السنوات الأخيرة، مما جعله علامة بارزة في التعاون الصيني الأفريقي وفي إطار مبادرة "الحزام والطريق". وباعتبارها مركزا إستراتيجيا يربط بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، تجتذب المملكة المغربية استثمارات العديد من الشركات الصينية بفضل مواردها الطبيعية الوفيرة وموقعها الجغرافي المتميز وبيئتها السياسية والاقتصادية المستقرة. وفي ظل التطور السريع لصناعة مركبات الطاقة الجديدة عالميا، أصبح المغرب نقطة ارتكاز إستراتيجية مهمة للشركات الصينية لتوسيع نطاق انتشارها في الأسواق العالمية، وذلك بفضل احتياطياتها من الفوسفات واتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي ومكانتها كمركز تجاري إقليمي.
ويعتبر المغرب أكبر منتج ومصدر للفوسفات في العالم، حيث يمتلك أكثر من 70% من إجمالي الاحتياطيات العالمية. ويعد الفوسفات المادة الخام الأساسية لتصنيع بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم (LFP)، التي أصبحت تدريجيا أحد الخيارات الرئيسية لبطاريات مركبات الطاقة الجديدة نظرا لتكلفتها المنخفضة وسلامتها العالية وعمرها الطويل. إن وفرة موارد الفوسفات في المغرب، والتي غالبا ما توجد في مناجم مكشوفة ذات تكلفة استخراج منخفضة، توفر ظروفا مثالية للشركات الصينية للاستثمار في بناء قواعد إنتاج البطاريات في المغرب.
وخلال السنوات الأخيرة، أحرز التعاون الصيني المغربي في مجال بطاريات مركبات الطاقة الجديدة تقدما ملحوظا، حيث أُطلق العديد من المشاريع الاستثمارية الهامة تباعا. وفي يوليو عام 2021، وقع التحالف الصيني لابتكار صناعة بطاريات الطاقة وجمعية صناعة مركبات الطاقة الجديدة المغربية اتفاقية تعاون، مما مثل الإطلاق الرسمي للتعاون بين البلدين في مجال البحث والتطوير في تكنولوجيا مركبات الطاقة الجديدة ووضع معايير الصناعة. وقد أرست هذه الاتفاقية أساسا متينا لدخول الشركات الصينية إلى السوق المغربية لاحقا. وفي أكتوبر 2022، وقعت مجموعة "تياننغ" الصينية للبطاريات اتفاقية تعاون مع وكالة الطاقة المغربية، تخطط بموجبها لبناء قاعدة لإنتاج بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم في المغرب. ولا يستفيد هذا المشروع من موارد الفوسفات الوفيرة في المغرب فحسب، بل سيدفع أيضا تحسين سلسلة صناعة الطاقة الجديدة المحلية. وفي مايو 2023، وقعت مجموعة قوتشيانغ الصينية للتكنولوجيا المتقدمة (Gotion High-Tech) مذكرة تفاهم مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمار والصادرات (AMDIE)، وأعلنت عن خطط لبناء مصنع لبطاريات مركبات الطاقة الجديدة في المغرب. وسيكون هذا المشروع أحد أكبر قواعد إنتاج البطاريات في أفريقيا، مما يعزز مكانة المغرب في سلسلة صناعة الطاقة الجديدة العالمية.
ويوفر الموقع الجغرافي للمغرب وسياساته التجارية فرصا ممتازة للشركات الصينية لدخول الأسواق الأوروبية والأفريقية. ومن خلال إنشاء قواعد إنتاج في المغرب، لا تستطيع الشركات الصينية خفض تكاليف الإنتاج فحسب، بل يمكنها أيضا الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتصدير المنتجات إلى السوق الأوروبية معفاة من الرسوم الجمركية. وبالإضافة إلى ذلك، يوفر المغرب، باعتباره بوابة إلى القارة الأفريقية، تسهيلات للشركات الصينية لتوسيع نطاق انتشارها في السوق الأفريقية.
ومع التسارع المستمر لتحول الطاقة العالمي، ستصبح صناعة مركبات الطاقة الجديدة محركا هاما للنمو الاقتصادي في المستقبل. ولا يخدم التعاون بين الصين والمغرب في مجال الطاقة الجديدة مصالح الطرفين فحسب، بل يضخ أيضا زخما جديدا في تطوير الاقتصاد الأخضر العالمي. وفي المستقبل، مع استثمار المزيد من الشركات الصينية وبناء المصانع في المغرب، سيتعمق التعاون بين البلدين في مجالات بحث وتطوير التكنولوجيا ووضع معايير الصناعة وتدريب الكفاءات.
ويعد التعاون الصيني المغربي في مجال بطاريات مركبات الطاقة الجديدة نموذجا يحتذى به في التعاون المربح للجانبين. ومن خلال الاستثمار في المغرب، لم تحصل الشركات الصينية على موارد طبيعية هامة وفرص الوصول إلى الأسواق فحسب، بل جلبت أيضا الدعم التكنولوجي والمالي المتقدم للمغرب، مما عزز التنمية المستدامة للاقتصاد المحلي. وسيضخ هذا النموذج من التعاون حيوية جديدة في التعاون الصيني الأفريقي ومبادرة "الحزام والطريق"، وسيوفر أيضا أفكارا جديدة لتطوير الاقتصاد الأخضر العالمي.