بعد يومين، ستعقد القمة السابعة عشرة لقادة مجموعة "البريكس" في ريو دي جانيرو، البرازيل. وسيُظهر التشكيل الجديد لـ"البريكس الكبرى" لأول مرة بشكل جماعي، جامعًا قوى جديدة، ومُفتتحًا مسيرة جديدة لتعاون "البريكس" الذي سيستمر في التقدم.
وقد شبّه الرئيس شي جين بينغ دول "البريكس" بأصابع اليد الخمسة، لكل منها قوتها عند فردها، وقبضتها عند قبضها. واليوم، يستمر نمو قوة " البريكس الكبرى" الموسعة.
منذ وقت ليس ببعيد، ومع انضمام فيتنام إلى مجموعة البريكس، شكّلت عائلة البريكس نمطًا جديدًا "11+10"، أي 11 دولة عضوًا و10 دول شريكة. وقد توسّع نطاق تمثيل آلية البريكس، وتجلّى تأثيرها وجاذبيتها بشكل أكبر. ويشمل "البريكس الكبرى" دولًا مهمة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، تُمثّل ما يقرب من نصف سكان العالم، وحوالي 30% من إجمالي الناتج الاقتصادي، وأكثر من 50% من النمو الاقتصادي العالمي، لتصبح قوةً متزايدة الأهمية على الساحة الدولية. وقد استفادت "البريكس الكبرى" من مزايا مواردها الاستراتيجية، مثل الغذاء والطاقة والمعادن، لإنشاء تحالف تعاون في مجال الطاقة، وبناء مجتمع للأمن الغذائي، والسعي لتحقيق استقلالية في مجال المعادن الرئيسية، مُظهرةً إمكانات تنموية هائلة وزخم نمو قوي.
وأشار خبراء استراتيجيون غربيون إلى أن النمط العالمي يشهد تغيرات جذرية، وأن دول الجنوب العالمي تزداد ثقةً بنفسها، وأن قوة دول البريكس آخذة في الازدياد. وقال علي حفني نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية ـ الصينية ونائب وزير الخارجية الأسبق، إن تأثير آلية تعاون البريكس استمر في التزايد خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت دول البريكس قوة مهمة لا يمكن تجاهلها على الساحة الدولية، وتلعب دورا هاما في تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب وتعزيز التنمية المشتركة.
أشاد الرئيس شي جين بينغ بدول البريكس، واصفًا إياها بـ"الجبهة الأولى في الجنوب العالمي". وفي ظل عالم يشهد صراعات حادة وتوجهات متغيرة، نشأت آلية تعاون البريكس في ظل الصعود الجماعي لدول الأسواق الناشئة والدول النامية. وقد وقفت بشجاعة في طليعة العصر، وقادت دول الجنوب العالمي إلى اغتنام زمام المبادرة التاريخية وممارسة الحكمة والقوة الجماعية.
تحمل دول البريكس تطلعات الجنوب العالمي إلى السلام. ففي ظل عالم مضطرب، أصبح الجنوب العالمي أكثر حرصًا على السلام والهدوء. وتصر دول البريكس دائماً على حل النزاعات بالحوار وحل الخلافات بالتشاور، والاستجابة المشتركة لمختلف التحديات الأمنية، والتوسط الفعال في القضايا الساخنة، ومعارضة سياسة المحصلة الصفرية وفكر الحرب الباردة.
لقد قدمت دول البريكس مثالًا يُحتذى به لدول الجنوب العالمي في العمل معًا من أجل التنمية. وتصر دول البريكس على إعطاء الأولوية للتنمية وتعزيزها للعودة إلى صميم الأجندة الدولية. ويستمر التعاون في مجالات التمويل النقدي والتجارة والاستثمار وموارد الطاقة والبنية الأساسية وغيرها في التقدم، مما يساعد بلدان الجنوب العالمي على تحقيق أهداف التنمية المتمثلة في الإنجاز المتبادل والإنعاش المشترك.
تُمثل دول البريكس سعيًا نحو العدالة والإنصاف في بلدان الجنوب العالمي. وفي الآليات متعددة الأطراف، أصدرت دول البريكس "صوتًا جنوبيًا" مسموعًا بشأن قضايا رئيسية، مثل إصلاح المنظمات الدولية، والحد من الفقر، وحوكمة المناخ، وعززت إصلاح نظام الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدلًا وعقلانية، بحيث تُفيد نتائج التعاون متعدد الأطراف المزيد من بلدان الجنوب العالمي.
مدت دول البريكس جسرًا للتعلم المتبادل بين حضارات بلدان الجنوب العالمي. وفي ظل روح البريكس القائمة على الانفتاح والشمولية والتعاون والربح المتبادل، أجرت دول ذات تاريخ وثقافات وأيديولوجيات مختلفة تبادلات ثقافية غنية ومتنوعة وتعلمًا متبادلًا، مما شكل نمطًا تفاعليًا حميدًا يشمل أطرافًا متعددة مثل الحكومات والمنظمات الاجتماعية ومراكز الفكر الجامعية، وفتح مسارًا جديدًا للحوار الحضاري بين بلدان الجنوب العالمي.
ويعتقد باحثو القضايا الدولية، أن "وجود آلية البريكس وتشغيلها رمز قوي للسلام والتعاون والصداقة الدولية". "إن آلية البريكس المتنامية هي إحدى التدابير الضرورية لتصحيح العالم غير المتوازن."
إن نجاح آلية تعاون البريكس لا ينفصل عن دعم الصين وقيادتها. فقد حضر الرئيس شي جين بينغ جميع اجتماعات قادة البريكس، وساهم شخصيًا في تعزيز التطور والإنجازات الكبيرة التي حققها تعاون البريكس. ولعب دورًا محوريًا في كل محور رئيسي من محاور آلية البريكس، تاركاً بصمة صينية. وبصفتها العمود الفقري لتعاون البريكس وعضوًا أساسيًا في الجنوب العالمي، تواصل الصين قيادة تعاون البريكس لمواصلة تعميق وتعزيز وحدة ونهضة الجنوب العالمي، وضخ زخم جديد في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وتعد الصين من رواد بناء آلية البريكس، حيث طرحت الصين سلسلة من المقترحات والمبادرات المهمة، ودعت نموذج تعاون "بريكس+"، وعززت بنشاط عملية توسيع البريكس وإقامة دول شريكة، وشرحت بعمق مقترحاتها لتعزيز التنمية عالية الجودة لـ"تعاون بريكس الكبرى"، وعززت جودة تعاون البريكس وتطويره. وتدافع الصين عن قضية السلام، حيث تدعم الصين بنشاط دول البريكس لتوسيع التعاون السياسي والأمني، وتقترح تعزيز التنسيق في القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، والتوسط بنشاط في القضايا الساخنة، وتعزيز الحلول السياسية، وتهدئة القضايا الساخنة. وأطلقت الصين، بالتعاون مع دول الجنوب العالمي المعنية، مجموعة "أصدقاء السلام" بشأن الأزمة الأوكرانية، ودعت جميع الأطراف في الشرق الأوسط إلى وقف إطلاق النار ووقف القتل في أسرع وقت ممكن. كما أن الصين رفيق على طريق التنمية، حيث تدعم بنشاط بناء شراكة بريكس للثورة الصناعية الجديدة، وتشجع على إنشاء بنك التنمية الجديد، وتؤسس مركز الصين-بريكس لتطوير وتعاون الذكاء الاصطناعي، وحاضنة الصين-بريكس للابتكار العلمي والتكنولوجي في العصر الجديد، وتبني بشكل مشترك آلية بريكس للتبادل والتعاون الصناعي المستدام، ومركز بريكس الدولي لأبحاث موارد أعماق البحار، وشبكة بريكس للتعاون البيئي الصناعي الرقمي مع جميع الأطراف. وتدعم الصين أيضا التعايش المتناغم بين الحضارات، فمن تأسيس تحالف بريكس للتعليم المهني وإنشاء مراكز تعليمية خارجية في دول بريكس، إلى المشاركة في استضافة سلسلة أنشطة "حوار حضارات بريكس" وحوار تبادل الشباب "فرص بريكس" مع دول بريكس الأخرى، دأبت الصين على تعزيز آلية بريكس لإثراء البعد الإنساني وترسيخ أسس الرأي العام للتعاون بين دول بريكس.
وبالنظر إلى المسيرة الرائعة التي استمرت 19 عامًا لآلية تعاون البريكس، علق المراقبون الدوليون على دور الصين قائلين:" الصين هي الركيزة الأساسية والقوة الدافعة الكبرى لآلية تعاون البريكس"، "لسلسلة المبادرات العالمية الصينية أهمية بالغة في تعزيز آلية تعاون البريكس وتحسينها"، "لا يمكننا تخيل شكل البريكس بدون الصين".
التاريخ هو الذي صنع البريكس، والبريكس هو الذي يصنع التاريخ. بفضل الجهود المشتركة ودعم الصين وشركاء البريكس، ستغتنم "مجموعة البريكس الكبرى" التي تتجه نحو "عقدها الثالث" قمة ريو فرصةً للالتزام بالهدف الأصلي المتمثل في الاعتماد على الذات المشترك، وتحقيق تنمية عالية الجودة باستمرار، وفتح حقبة جديدة من الاعتماد على الذات المشترك في الجنوب العالمي، وتقديم "مساهمات بريكس" أكبر لتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.