القاهرة 14 يوليو 2025 (شينخوا) مع احتفال الصين ومصر، عضوي مجموعة البريكس، بعد انضمام القاهرة إليها في عام 2024، بالذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بينهما عام 2026، يتوقع محللون تعميقا كبيرا في التعاون الاقتصادي والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
-- صفقات ومشروعات بارزة
ووقعت الصين ومصر، الأسبوع الماضي العديد من وثائق التعاون في مجالات مثل التجارة الإلكترونية، والتنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، والمساعدة الإنمائية، والتمويل، والصحة.
ورأى الخبراء، أن هذه الصفقات تعزز طموح مصر في أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة والخدمات اللوجستية، وتعزز جهود الصين في تعميق التعاون بين بلدان الجنوب في إطار مبادرة الحزام والطريق.
ومن بين هذه الصفقات البارزة، وقع بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) والبنك المركزي المصري مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المالي، تشمل تسوية المعاملات بالعملة المحلية، والتعاون في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية، والابتكار الرقمي.
وبحسب بان قونغ شنغ محافظ بنك الشعب الصيني، ستوفر هذه الجهود خدمات أكثر كفاءة وراحة لمؤسسات البلدين في مجالات التجارة والاستثمار والتمويل.
ووصف ضياء حلمي الأمين العام لغرفة التجارة المصرية الصينية، التعاون المالي بأنه مؤشر ثقة بالغ الأهمية وخطوة طال انتظارها في العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين.
وأضاف حلمي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن استخدام العملات المحلية من شأنه أن يسهم في تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية، واستقرار التدفقات التجارية، وفتح المجال أمام تنسيق مؤسسي أعمق بين البلدين.
ورأى حلمي، أن "التبادل التجاري الجزئي بين البلدين بعملتيهما الوطنيتين ضروري، وأن الوقت قد حان لمبادلة الديون بالتنمية، حيث لا تدخر الصين جهدا لتعزيز العلاقات مع مصر، التي تعتبرها صديقا موثوقا به".
ورفعت الصين ومصر، رسميا علاقاتهما إلى شراكة استراتيجية شاملة في عام 2014، مما عمق العلاقات الثنائية في مجالات السياسة والتجارة والبنية التحتية والتكنولوجيا والتبادل الثقافي.
وتشمل المشاريع الرئيسية بين الصين ومصر، في إطار مبادرة الحزام والطريق ورؤية مصر 2030، منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، ومنطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية المصرية "تيدا" في السويس، وهي نموذج تعاون صناعي يضم 185 شركة.
كما ساهمت الشركات الصينية في مشاريع مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية في محافظة أسوان، وهو من أكبر المجمعات في العالم، إلى جانب مشاريع البنية التحتية في قطاعات البناء والتصنيع والنقل والطاقة.
وقال الدكتور صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن "رحلة الصين من الصناعة التقليدية إلى التكنولوجيا المتقدمة تعد نموذجا يحتذى به لمصر، ويمكننا الاستفادة ليس فقط من الاستثمارات الصينية بل من خبرتها في التكنولوجيا والتصنيع والابتكار".
-- التعاون بين بلدان الجنوب
وتتجاوز الشراكة بين الصين ومصر نطاق الاقتصاد، حيث سلط المسؤولون والخبراء الضوء على كيفية تعزيز البلدين للتنسيق السياسي وتعزيز صوت بلدان الجنوب في القضايا الدولية الرئيسية.
وشدد حلمي، على الجانب السياسي للشراكة، مشيرا إلى دعم الصين لمصر والعالم العربي في قضايا من بينها القضية الفلسطينية، بينما تدعم مصر والدول العربية الصين في مصالحها الجوهرية كمبدأ صين واحدة والحقوق البحرية.
وقال الخبير المصري، إن "هذا النموذج للتعاون بين بلدان الجنوب عبر مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية يعكس مبدأ مجتمع المستقبل المشترك، والقناعة بأن التوترات والحروب ليست حلولا بل جزءا من المشكلة".
وأضاف أن التنسيق بين البلدين في السنوات المقبلة "ضروري لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تغير المناخ، وطرق التجارة البحرية، ومخاطر سلاسل التوريد، والتوترات الجيوسياسية".
وفيما يتعلق بأهمية مبادرة الحزام والطريق لمصر، قال فهمي إن موقع مصر الجغرافي يجعلها بوابة تربط آسيا وإفريقيا وأوروبا، مما يوفر منصة استراتيجية ضمن رؤية الصين التنموية الأوسع نطاقا فيما بين بلدان الجنوب.
ورأى الخبراء، أن الشراكة الصينية المصرية أكثر من مجرد قصة نجاح ثنائية، بل هي جزء من التحول نحو عالم متوازن ومتعدد الأقطاب، حيث تلعب الاقتصادات الناشئة دورا أقوى في التنمية العالمية.
وقال فهمي، إن "التعاون بين مصر والصين يدخل مرحلة نوعية جديدة، مما يساعد على الارتقاء بالبلدين وتقديم صوت أقوى للجنوب العالمي على الساحة الدولية".