الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

مقالة: ارتفاع أعداد الإصابات بمرض التهاب السحايا بين أطفال غزة يثير "قلق" ذويهم

/مصدر: شينخوا/   2025:07:15.09:32
مقالة: ارتفاع أعداد الإصابات بمرض التهاب السحايا بين أطفال غزة يثير
في الصورة الملتقطة يوم 9 يوليو 2025، أطفال فلسطينيون يقفون بين أنقاض المباني المدمرة في غارة جوية إسرائيلية على مخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة. (شينخوا)

غزة 14 يوليو 2025 (شينخوا) أثار الارتفاع المطرد في أعداد الإصابات بمرض التهاب السحايا بين أطفال قطاع غزة "قلق" ذويهم والطواقم الطبية، في ظل انهيار المنظومة الصحية والنقص الحاد في التغذية بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية.

وقال الدكتور راغب آغا، رئيس قسم الأطفال بمستشفى النصر للأطفال في مدينة غزة، إنه خلال الأيام الماضية سجلت المستشفى مئات الإصابات بمرض التهاب السحايا.

وحذر آغا في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) من تصاعد "انتشار المرض في ظل الانهيار المستمر للقطاع الصحي والظروف المعيشية الكارثية التي يعيشها سكان غزة".

وأوضح آغا أن النقص الحاد في المياه النظيفة ومستلزمات النظافة الشخصية، "يفاقم من فرص انتشار الأمراض والأوبئة خاصة في مراكز الإيواء التي تعاني من الاكتظاظ وانعدام شروط الصحة العامة"، ويزيد من أعداد الإصابات اليومية بمرض التهاب السحايا.

وأكد آغا أن هذا التكدس السكاني الخطير يزيد من احتمالية تفشي الأمراض المعدية مثل السحايا، في الوقت الذي تعاني فيه المستشفيات والمراكز الصحية من نقص حاد في الأدوية والمضادات الحيوية ومستلزمات الوقاية.

وداخل إحدى غرف مستشفى النصر، ترقد الطفلة شام الركب (5 أعوام) على سرير، ويختلط صوت أنينها مع صوت أزيز الأجهزة الطبية.

وقالت جدتها أم محمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "ارتفعت حرارة شام فجأة، وأصبح جسدها قطعة واحدة مثل لوح الخشب، مما دفعني على الفور لوضعها تحت الماء البارد في محاولة لخفض حرارتها".

وتضيف "نحن في قطاع غزة نعاني من ظروف إنسانية صعبة، نعيش في خيام ملتهبة بفعل ارتفاع درجات الحرارة، ولا يوجد غذاء نظرا لاستمرار إغلاق إسرائيل للمعابر، مع عدم وجود أدنى مقومات حياة حتى الصحية منها".

وعلى مقربة من شام، تجلس سلوى والدة الطفل الرضيع المصاب بالتهاب السحايا هاني وهي تضعه في حضنها، تحاول أن تخفف من حرارة جسمه باستخدام كمادات المياه الباردة.

وتقول بعيون دامعة وهي تنظر لوجه طفلها وهو نائم "تعاني الأمهات المرضعات من قلة الحليب، والأطباء يخبروننا بتعويض ذلك بالرضاعة الطبيعية، لكن لا يوجد غذاء للأم حتى تستطيع أن ترضع أطفالها".

وتضيف "نأكل وجبة واحدة يوميا، لا يوجد غذاء، أغلب طعام أهالي غزة هو العدس، لا يوجد لحوم أو فواكه أو عصائر طبيعية وحتى الخضار أسعاره مرتفعة جدا، وهذا كله يؤثر على صحة الأم المرضعة وعلى صحة طفلها".

ويعاني الرضيع هاني من سوء تغذية وفقر دم، وتتساءل والدته ما ذنب هذا الطفل الذي لم يتعد عمره سوى شهرين؟

وقال الدكتور أحمد الفرا رئيس قسم الأطفال والولادة في مستشفى ناصر في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، إن المستشفى سجل 40 حالة إصابة جديدة بين الأطفال بمرض التهاب السحايا.

وأرجع الفرا في حديث لـ ((شينخوا)) الزيادة في الحالات المرضية إلى سوء التغذية، وانخفاض بعض الفيتامينات والمناعة لدى الأطفال، موضحا أن تدمير نظام الصرف الصحي في غزة والمياه الملوثة التي يتعامل معها الناس والاكتظاظ وسوء التهوية و ظروف النظافة كلها عوامل تسببت في انتشار مرض التهاب السحايا خلال الأسبوع الماضي.

وحذرت منظمات عالمية من أن مشافي قطاع غزة التي تعمل بأقل الإمكانيات تسجل حالات جديدة يوميا بمرض التهاب السحايا، بالتزامن مع النقص الحاد في الأدوية والمضادات الحيوية.

وقال ريك بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي المحتلة أن هناك ارتفاعا في حالات التهاب السحايا بين الأطفال معظمها فيروسي وبعضها الآخر بكتيري.

وأضاف في تصريحات صحفية أن التهاب السحايا الفيروسي نادرا ما يكون مهددا للحياة، أما البكتيري فهو خطير جدا على حياة الإنسان.

وأشار بيبركورن أن المشكلة في مستشفيات قطاع غزة أن الأطباء والممرضين لا يستطيعون تشخيص الحالات بشكل صحيح، بسبب نقص أدوات المختبرات وخاصة الاختبارات السريعة اللازمة لإنجاز مثل هذا العمل.

ومرض التهاب السحايا هو التِهاب حاد للأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي، والتي تعرف باسم السحايا، وتتعدد أسباب الالتهاب وتشمل العَدوى الفيروسات أوالبكتيريا أو غيرها من الكائنات الدقيقة، وأقل شيوعا عن طريق بعض الأدوية.

ومن أعراض المرض الحرارة المرتفعة، والصداع الشديد، وتيبس في الرقبة، وقيء وغثيان، وتشويش أو صعوبة في التركيز، ونوبات تشنج وطفح جلدي.

وينتقل المرض عبر العطس والسعال أو ملامسة مريض، إلى جانب انتقاله عبر المياه أو الأغذية الملوثة.

وقال الفرا إن استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر هو أحد الأسباب الرئيسية في زيادة انتشار التهاب السحايا، حيث أن عدم إدخال الأدوية والأغذية والفيتامينات والإمدادات الطبية، أثر على مناعة سكان قطاع غزة وجعلها في أدنى مستوياتها.

وتفتقر المستشفيات في قطاع غزة إلى أدنى مقومات بسبب نقص الأدوية والوقود اللازم لتشغيلها، كما تفتقر إلى غرف عزل كافية مما يجعلها تضع المرضى في غرف مكتظة مما يزيد من خطر تفشي العدوى.

وقال الدكتور آغا أن "المرافق الصحية في قطاع غزة تتعرض لضغوطات غير مسبوقة، نتيجة سياسة الاحتلال القائمة على الحصار والتدمير الممنهج للبنية التحتية الصحية، بالإضافة إلى قيام الاحتلال بإخلاء قسري لنحو ثلثي مساحة قطاع غزة من السكان، ما أدى إلى حشر أكثر من 1.5 مليون مواطن في مناطق محدودة ومكتظة، لا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة أو الرعاية الصحية".

وتشن إسرائيل حربا واسعة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أوقعت أكثر من 56 ألف قتيل و120 ألف إصابة ودمار كبير في المباني والبنية التحتية.

وجاءت الحرب إثر هجوم مفاجئ شنته حماس على جنوب إسرائيل، أسفر بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز رهائن.

وتوقفت الحرب لنحو شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية أمريكية في 19 يناير 2025، قبل أن تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة في 18 مارس الماضي، بعد انتهاء مرحلته الأولى وتعثر المفاوضات بين إسرائيل وحماس بشأن بدء المرحلة الثانية أو تمديده.

صور ساخنة