أبوظبي 20 يوليو 2025 (شينخوا) في أحد شوارع العاصمة الإماراتية أبوظبي، كان المواطن محمد المهيري يقود سيارته الكهربائية الجديدة بهدوء، في مشهد بات يتكرر كثيراً خلال الأشهر الماضية، مع تزايد أعداد المركبات الكهربائية في شوارع الدولة.
ويقول المهيري (34 عاماً)، وهو موظف حكومي: "كنت مترددا في البداية، لكن بعد التجربة، وجدت أنها أكثر كفاءة، وأوفر في استهلاك الطاقة، وصديقة للبيئة، حتى تكلفة الصيانة أقل بكثير من السيارة التقليدية".
وقد شهدت الإمارات خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في تبني السيارات الكهربائية، كجزء من استراتيجيتها الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وخلق بنية تحتية تدعم التنقل المستدام، ويأتي ذلك بدعم من السياسات الحكومية المحفزة، والتطور التكنولوجي، وبدء التصنيع المحلي للسيارات الكهربائية.
وبحسب بيانات وزارة الطاقة والبنية التحتية، فقد تجاوز عدد السيارات الكهربائية المسجلة في الإمارات 52 ألف مركبة بنهاية النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 32 ألفاً في عام 2023، ما يمثل نمواً بنسبة 62.5% خلال أقل من عامين، كما ارتفع عدد محطات الشحن إلى أكثر من 1300 محطة موزعة على مختلف الإمارات، في خطوة تعكس تسارع التوسع في البنية التحتية الداعمة.
وفي مدينة خليفة الصناعية في أبوظبي، بدأت أولى خطوط الإنتاج لمصنع "إمارات موتورز" للسيارات الكهربائية في العمل منذ مطلع العام الجاري، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 10 آلاف مركبة، ويعد هذا المصنع الأول من نوعه في الدولة.
ويقول المدير التنفيذي للمصنع، خالد السويدي، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)): "نحن لا نصنع مركبات فقط، بل نضع أساسا لصناعة وطنية مستدامة تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية، وتوفر فرص عمل عالية التقنية".
وأضاف السويدي: "نستخدم تقنيات متقدمة في البطاريات ونراعي أعلى معايير الكفاءة والأمان، كما نعمل بالتعاون مع شركاء دوليين لضمان تنافسية منتجاتنا في الأسواق الإقليمية، هدفنا في المرحلة المقبلة هو التوسع في التصدير نحو الخليج وشمال إفريقيا".
ويؤكد السويدي أن المصنع يستهدف زيادة الإنتاج إلى 20 ألف مركبة سنوياً بحلول 2027، مع طرح نماذج مخصصة للاستخدام التجاري كالحافلات الصغيرة والمركبات الحكومية.
من جانبها، أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي مؤخراً خطة لتحديث أسطول مركبات الأجرة، ليكون 100% كهربائياً وهجيناً بحلول 2030، كما بدأت بعض الجهات الحكومية باستخدام سيارات كهربائية في القطاعات الخدمية، مما يعكس التزاما فعليا من القطاع العام بالتحول نحو الطاقة النظيفة.
وتقول المواطنة سارة النقبي، التي اقتنت سيارة كهربائية في أوائل 2024: "أشحن سيارتي في المنزل ليلا، وتكفي الشحنة الواحدة لأكثر من 400 كيلومتر. أصبحت القيادة أكثر هدوءا ومتعة، والأهم أنني أشعر أنني أساهم في حماية البيئة".
ويشير خبراء إلى أن الحوافز المقدمة، مثل الإعفاء من رسوم التسجيل، وتوفير مواقف مجانية، ودعم محطات الشحن، ساعدت في تسريع تبني هذه التقنية.
وبحسب تقرير مشترك صدر مؤخراً عن وزارة الاقتصاد ومركز دبي للسياسات المستقبلية، من المتوقع أن تصل حصة السيارات الكهربائية إلى نحو 30% من إجمالي المركبات في الدولة بحلول عام 2030، ما يمثل نمواً مضاعفاً في غضون خمس سنوات.
وفي هذا السياق، قال أحمد الزعابي، خبير التنقل المستدام، إن الإمارات "أصبحت نموذجا إقليميا في دمج الاستدامة بالسياسات الاقتصادية والصناعية، وتحول السيارات الكهربائية من مجرد خيار تقني إلى ركيزة في مستقبل النقل الحضري".
في ظل هذا الزخم، تستمر الإمارات في تعزيز مكانتها كوجهة واعدة في صناعة وتبني وسائل النقل الذكية والمستدامة، في خطوة تنسجم مع توجهات الاقتصاد الأخضر وتعزيز جودة الحياة للأجيال القادمة.