غزة 29 يوليو 2025 (شينخوا) يرقد الطفل الرضيع هاني زيارة على سرير المرض في حالة حرجة داخل مستشفى المعمداني في مدينة غزة بعد أن فقد ساقه جراء غارة إسرائيلية استهدفت منزل عائلته قبل أسابيع.
وكان زيارة (5 أشهر) يجلس في حضن والدته ليلى مع بقية أفراد العائلة لحظة سقوط صاروخ أُطلق من طائرة إسرائيلية على منزلهم في حي التفاح شرق غزة.
وقالت ليلى بينما تجلس بجوار هاني تتحدث معه لمواساة نفسها المنكسرة، إن العائلة كانت في المنزل وفجأة دون سابق إنذار انفجر صاروخ وسط البيت، مما أدى إلى انبعاث دخان أسود في المكان وانعدمت الرؤية.
وأضافت ليلى بعيون باكية لوكالة أنباء ((شينخوا)) "بدأت بالصراخ إن كانت هناك إصابات، بينما كان هاني في حضني يرضع، فتحسست جسده فوجدت ساقه منفصلة عن بقية جسده".
وتابعت الأم المكلومة رغم إصابتها بشظايا جراء الغارة "كنت أتخيل إصابة هاني بجروح أو شظايا خفيفة في جسده ولكن صُدمت عندما وجدت ساقه اليمنى مبتورة من الحوض".
وقال استشاري الجراحة محمد مسعود إن الرضيع هاني يعاني من تهتك رهيب في الطرف السفلي الأيمن وبتر كامل من الحوض مع تهتك في المثانة البولية ومجرى البراز والأعضاء التناسلية الخارجية، داعيا إلى سرعة سفره إلى الخارج لتلقي العلاج وإنقاذ حياته.
وفي كل زاوية من قطاع غزة المحاصر الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، تجد أطفالا مبتوري الأطراف أُصيبوا في قصف إسرائيلي في حوادث منفصلة خلال الحرب المتواصلة في القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وفي داخل قسم الأطفال في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع، يرقد الطفل راتب أبو قليق في حالة حرجة جراء إصابته في قصف إسرائيلي قبل أسابيع.
ويستلقي الطفل أبو قليق (12 عاما)، والذي كان يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم مشهورا، على سرير المستشفى يبكي تارة من شدة الوجع أو نهاية حلمه بعدما يتحسس عدم وجود ساقه اليمنى تارة أخرى.
وقال محمود جد الطفل بينما يرافق حفيده في المستشفى لـ((شينخوا)) إن غارة شنتها طائرات إسرائيلية استهدفت بيتا في الحارة بينما كان راتب يلعب بالشارع، ما أدى إلى إصابته ببتر في ساقه اليمنى.
وأضاف الجد أن "راتب يتواجد داخل المستشفى يعاني الألم من جهة، ومن انعدام التغذية من جهة أخرى فلا يوجد بيض ولا حليب.. لا لبن لا سمك ولا حاجة لإنسان بترت ساقه".
وإلى جانب راتب يوجد عدد من الأطفال بين ذكور وإناث من مبتوري الأطفال داخل المستشفى يحتاجون يوميا إلى غيار داخل غرف العمليات، بحسب الطبيبة فاطمة الكحلوت.
وقالت الطبيبة فاطمة "نواجه صعوبة في هذا الأمر كون الطفل بحاجة إلى عمليات وعلاج ومسكنات ومهدئات بالإضافة إلى ذلك سوء التغذية والمجاعة".
وفي مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، تعاني الطفلة منال أبو دباغ (12 عاما) مبتورة القدم اليمنى أثناء الخروج يوميا من بيتها بحثا عن الطعام في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية لعائلتها.
وتجد الطفلة ذات البشرة السمراء والوجه البريء، والتي بُترت قدمها في قصف إسرائيلي على منزلها قبل أشهر، صعوبة في السير على العكازين وهي تضع الإناء الفارغ على رأسها.
وقالت أم منال بينما تجلس مع عدد من بناتها في مكان متهالك شبه مهجور "بناتي في مأساة ونفسهن في الطعام ولكني مش قادرة أوفر لهم ونعيش ظروفا اقتصادية سيئة".
وأضافت السيدة التي تبلغ من العمر (45 عاما) "اضطر أبعت منال على التكايا التي تقدم وجبات طعام مجانية وهي عندها بتر (..) بأوسيها معلش علشان أخوتك يأكلوا رغم حصولها على كميات قليلة لا تكفيهم".
وأعربت الطفلة منال عن أملها بالسفر لتلقي العلاج وتركيب طرف صناعي يمكنها من المشي على قدميها كما كانت قبل الحرب.
وقالت منال بينما تقف على عكازيها لـ ((شينخوا)) "قبل الإصابة كنت أمشي وأتحرك وأتنقل بحرية ولكن اليوم فقدت قدمي ونفسي ترجع وأرجع ألعب مع صديقاتي واسترجع ذكرياتي".
ويوجد في القطاع قرابة 5 الآف حالة بتر بسبب الحرب الإسرائيلية 20% منها تعود لأطفال، وفق مركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة.
وقال الناطق باسم المركز حسني مهنا إن أعداد حالات البتر تتزايد بين شرائح المجتمع في القطاع نتيجة الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة والاستهداف المباشر للمدنيين.
وأضاف مهنا لـ ((شينخوا)) أن المركز استقبل نحو 600 حالة من مبتوري الأطراف منذ بداية الحرب ويتم متابعتهام دوريا عبر المختصين والطواقم الفنية.
وتابع أن المركز تمكن منذ بداية الحرب من تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب، كما قام بتسليم عشرات الأجهزة التعويضية والكراسي المتحركة للمحتاجين.
وأشار مهنا إلى تزايد الطلب على خدمات المركز يوميا في ظل معاناته من نقص في المواد الخام الأساسية لتصنيع الأطراف الصناعية وحاجته الماسة للأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة للمعدات الموجودة، مما يعوق تقديم الخدمات بشكل فعال للمصابين.
وإلى جانب ذلك يخضع حاليا، وفق مهنا، أكثر من 300 حالة للعلاج الطبيعي داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل، حيث تُقدم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي ومتابعة تركيب الأطراف الصناعية والصيانة الدورية لها.
وتشن إسرائيل حربا واسعة في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أوقعت أكثر من 60 ألف قتيل و145 ألف إصابة، بحسب وزارة الصحة في القطاع، وتسببت في دمار كبير في المباني والبنية التحتية.
ومن بين القتلى أكثر من 18592 طفلا و9782 سيدة و4412 من كبار السن، بما يمثل نسبة 55% من إجمالي القتلى، وفقا للوزارة التي اعتبرت أن ذلك يعكس حجم الاستهداف المباشر وغير المبرر للمدنيين من قبل الجيش الإسرائيلي.
ووفقا للوزارة، فإن قرابة 25 ألف مريض بينهم آلاف الأطفال، بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج اللازم.
وجاءت الحرب إثر هجوم مفاجئ شنته حماس على جنوب إسرائيل، أسفر بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز رهائن.