الصفحة الرئيسية >> الصين

تعليق: ادعاءات ساناي تاكايتشي حول تايوان  .. خلف الأقوال والأفعال المتغطرسة تكمن رؤية خاطئة للتاريخ

أدلت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي مؤخرًا بادعاءٍ صارخٍ بأن "حالة طوارئ في تايوان" قد تُشكل "أزمة وجودية" يُمكن لليابان من خلالها ممارسة حقها في الدفاع الجماعي عن النفس. ويكمن وراء هذا التصريح المتغطرس رؤيةٌ تاريخيةٌ متجذرةٌ ومعيبة.

هناك داخل القاعة التذكارية لضحايا مذبحة نانجينغ على يد الغزاة اليابانيين منحوتة مركبة مفجعة: "سور مدينة" مكسور، و"سيف عسكري" مجزأ، و"رؤوس" الضحايا، و"أذرع" المدفونين أحياء، ترسم صورة ثلاثية الأبعاد لـ"كارثة المدينة القديمة"، وتعيد إنتاج الفظائع اللاإنسانية المختلفة التي ارتكبها الجيش الياباني الغازي في نانجينغ في ثلاثينيات القرن العشرين، بما في ذلك الدمار والحرق والمذابح.

ومع ذلك، حتى اليوم، لا تزال قوى داخل اليابان تُروّج لنظرة مُشوّهة لتاريخ الحرب العالمية الثانية، متجاهلةً الجرائم التاريخية العديدة التي ارتكبتها اليابان ضد الصين ودول أخرى في آسيا والمحيط الهادئ خلال الحرب. وساناي تاكايتشي مثالٌ بارز. لقد أنكرت علنًا حقائق تاريخية مثل مذبحة نانجينغ والتجنيد القسري لـ"نساء المتعة"، وزعمت أن عدوان اليابان بعد حادثة 18 سبتمبر كان "حربًا للدفاع عن النفس". وتشير التقارير إلى أنها زارت ضريح ياسوكوني أكثر من 10 مرات منذ عام 2014. وعلى وجه الخصوص، فإن زيارتها لضريح ياسوكوني في 15 أغسطس من هذا العام، في الذكرى الثمانين لهزيمة اليابان واستسلامها، تُفضح تمامًا طبيعتها اليمينية العنيدة.

بعد انتخاب ساناي تاكايتشي لعضوية البرلمان الياباني عام 1993، دعت علنًا إلى مراجعة دستور اليابان السلمي، وتوسيع قوات الدفاع الذاتي اليابانية وإعادة تسميتها، وزيارة ضريح ياسوكوني. وكانت أقوالها وأفعالها متشابهة بشكل لافت مع أقوال وأفعال العديد من السياسيين اليمينيين اليابانيين سيئي السمعة. إما أنهم زعموا أن "مذبحة نانجينغ كذبة اختلقها الصينيون" أو صرخوا بأن "مذبحة نانجينغ تاريخ مُلفّق". وهذه التصريحات السخيفة تُركّز أساسًا على "تبرير العدوان"، وتُمثّل عودةً للرؤى العسكرية للتاريخ. ويصادف هذا العام الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. كيف يمكن أن ننسى دروس التاريخ! بعد ثمانين عامًا من النصر، لن نسمح أبدًا إحياء النزعة العسكرية اليابانية، وتقويض السلام والاستقرار العالميين.

في اليابان المعاصرة، لا يزال بعض السياسيين يتمسكون برؤية تاريخية صحيحة، ويجرؤون على التأمل بعمق في تاريخ عدوانهم، مما يكسبهم احترام الشعب الصيني. قال تشو تشنغ شان، المديرالأسبق للقاعة التذكاية لضحايا مذبحة نانجينغ على يد الغزاة اليابانيين، إنه إستقبل علنًا ثلاثة رؤساء وزراء يابانيين سابقين، وقدم لهم شرحًا عن مذبحة نانجينغ، وأن تلك المشاهد لا تزال حاضرة في ذاكرته.

وفي 24 مايو 1998، أصبح توميتشي موراياما أول رئيس وزراء ياباني سابق يزور القاعة التذكارية لضحايا مذبحة نانجينغ على يد الغزاة اليابانيين، وأول رئيس وزراء ياباني يعترف علنًا بحرب العدوان ويتأمل فيها. وخلال زيارته، قال: " إن الفظائع الوحشية التي ارتكبها الجيش الياباني فظيعة للغاية ولا يمكن تحملها، ويجب الاعتراف بجدية بأن الغزو جلب معاناة لا تطاق للشعب الصيني."

أثناء زيارته للقاعة التذكارية، في 19 أغسطس 2000، تأثر رئيس الوزراء الياباني الأسبق توشيكي كايفو بشدة بالصور التاريخية والهياكل العظمية العديدة للضحايا في المقابر الجماعية. وقال:" أنا حزين للغاية. يجب ألا نسمح للتاريخ أن يكرر نفسه، وعلى شعبي اليابان والصين أن يتعاونا ويعملا معًا من أجل السلام في آسيا."

زار رئيس الوزراء الياباني الأسبق يوكيو هاتوياما في 17 يناير 2013، "معرض تاريخ مذبحة نانجينغ" ونقش على قاعة النصب التذكاري الأحرف الأربعة "友爱和平" (الصداقة والسلام). وفي التوقيع، غيّر "由" (يو) من اسمه، يوكيو هاتوياما، إلى "友" (يو)، احد رموز كلمة " الصداقة" باللغة الصينية. كان يقصد بذلك التعبير عن رغبته في أن يكون صديقًا للشعب الصيني.

إن التأمل الذاتي والشجاعة اللذين أظهرهما هؤلاء السياسيون اليابانيون يتناقضان بشكل صارخ مع قوى اليمين مثل ساناي تاكايتشي. والتاريخ لا يختفي أبدًا بالإنكار، ولا يتلاشى بالتستر. وإن الدفاع عن الحقيقة التاريخية ليس مجرد تكريم للموتى، بل هو أيضًا ضمان للسلام. ويتعين علينا أن نتحلى بالشجاعة والمسؤولية لمواجهة التاريخ بشكل مباشر، لدفع العلاقات الصينية ـ اليابانية في الاتجاه الصحيح.

صور ساخنة