بالتزامن مع الانتقادات المحلية والدولية الحادّة لتصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، اتخذت طوكيو سلسلة من الإجراءات الخطيرة، من بينها تصدير أسلحة فتاكة لأول مرة منذ تخفيف قيود التصدير عام 2023، وبدء الحزب الليبرالي الديمقراطي مناقشات حول مراجعة "وثائق الأمن الثلاث"، إضافة إلى نشر أسلحة هجومية في الجزر الجنوبية الغربية القريبة من تايوان.
وتعكس هذه الخطوات بوضوح نيّة اليابان الانحراف عن طبيعة النظام الدولي الذي استقرّ بعد الحرب العالمية الثانية. فبصفتها دولة مهزومة في تلك الحرب، تمثل هذه الأفعال خرقًا واضحا لالتزاماتها القانونية الدولية وتحديا خطيرا لنظام ما بعد الحرب، بما يهدد الأمن والاستقرار في آسيا والعالم.
وجاء في إعلان بوتسدام قبل ثمانين عاما أنه "يجب القضاء نهائيا على سلطة ونفوذ أولئك الذين يخدعون الشعب الياباني ويضلّلونه لغزو العالم"، مؤكدا أنه لا يمكن إقامة نظام جديد للسلام والأمن والعدالة دون القضاء على النزعة العسكرية اليابانية وأسبابها الكامنة. وقد كبّل الإعلان حق اليابان في شنّ الحرب سياسيا، واقتلع الجذور الأيديولوجية للحرب اليابانية، بهدف إرساء نظام جديد للسلام والأمن والعدالة.
كما نصّت وثائق دولية عدة، منها ميثاق الأمم المتحدة وإعلان بوتسدام ووثيقة الاستسلام الياباني، على التزامات واضحة لليابان كدولة مهزومة. وتم تقييد حق الدفاع الجماعي عن النفس، الذي أُقرّه ميثاق الأمم المتحدة لحماية الأمن الجماعي ومنع عودة القوى الفاشية، في حالة اليابان. وطالب إعلان بوتسدام اليابان بنزع سلاحها بالكامل، ووقف أي صناعات قد تُعيد تسليحها. أما وثيقة الاستسلام الياباني، التي أعلنت الهزيمة التامة للنزعة العسكرية، فقد تعهدت بـ"الوفاء التام بالالتزامات المنصوص عليها في إعلان بوتسدام". وقد حدّدت هذه الوثائق، ذات القوة القانونية الدولية، التزامات اليابان في مرحلة ما بعد الحرب، وشكّلت ركيزة أساسية لعودتها إلى المجتمع الدولي.
كما تمثل الوثائق السياسية الأربع بين الصين واليابان، إلى جانب المادة التاسعة من الدستور الياباني، التزامات مهمة من اليابان بالتمسّك بطريق التنمية السلمية. ففي البيان الصيني الياباني المشترك، أعربت اليابان بوضوح عن ندمها العميق على أفعالها خلال الحرب، وتعهدت بحل النزاعات بطرق سلمية. ويُعدّ مبدأ "الدفاع الدفاعي الحصري" في الدستور الياباني ضمانة حاسمة لالتزامها بالتنمية السلمية بعد الحرب. وهو تعهّد رسمي قطعته اليابان تجاه شعبها، وتجاه الشعب الصيني، وتجاه شعوب العالم، كما يمثل التزاما ثابتا وملزما لا يقبل الغموض أو التراجع.
غير أن ما يبعث على القلق هو أن القوى اليمينية اليابانية تحدّت هذه المبادئ الأساسية مرارا في السنوات الأخيرة. فمن الدعوات إلى التدخل العسكري في مضيق تايوان، إلى طرح مناقشات حول التخلي عن "المبادئ غير النووية الثلاثة"، مرورا بمحاولات تعديل المادة التاسعة من الدستور والسعي إلى امتلاك "القدرة على مهاجمة قواعد العدو"، تكشف هذه التحركات عن انحراف اليابان عن مسار التنمية السلمية الذي التزمت به بعد الحرب. ولا تشكل هذه الإجراءات خرقا للقانون الدولي فحسب، بل تتعارض أيضا مع الدستور الياباني والتزاماتها السياسية. وتدل جميع المؤشرات على سعي اليابان للتحرر من قيود إعلان بوتسدام ووثيقة الاستسلام، في وقت تعود فيه النزعة العسكرية للظهور ويتزعزع الأساس السلمي الذي قامت عليه اليابان بعد الحرب.
وقد جاءت ردود المجتمع الدولي واضحة. فقد انتقد باحثون ماليزيون القادة اليابانيين بسبب فهمهم الخاطئ لتاريخ الحرب العالمية الثانية. ونشرت وزارة الخارجية الروسية مقطع فيديو يظهر استسلام اليابان على وسائل التواصل الاجتماعي، مذكّرة طوكيو بالتعلم من التاريخ والالتزام ببنود السلام التي لا تزال قائمة في دستورها. كما عبّر الرأي العام ووسائل الإعلام اليابانية عن مواقف عقلانية؛ إذ تجمع مواطنون محتجوّن أمام المقر الرسمي لرئيسة الوزراء، وطالبوا بالتراجع عن التصريحات المغلوطة. وأشارت افتتاحية في صحيفة "طوكيو شيمبون" إلى أن أي نظام قصير النظر يسعى لمراجعة "المبادئ الثلاثة غير النووية" بدافع المصلحة الذاتية يعد أمرا غير مقبول. وتمثل هذه الأصوات تحذيرا للقوى اليمينية، وجهودا للدفاع عن القانون الدولي والنظام العالمي.
ويحمل التاريخ درسا واضحا مفاده أن الدول التي لا تتعامل بجدية مع ماضيها تجد صعوبة في فهم مستقبلها. ومن خلال الاستفادة من دروس الماضي، والالتزام بالقانون الدولي و"دستور السلام"، واتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز ثقة جيرانها الآسيويين والمجتمع الدولي، تستطيع اليابان تحمل مسؤولياتها تجاه نفسها والعالم. كما يتحتم على المجتمع الدولي، بحكم مسؤوليته، الحفاظ على النظام الدولي القائم على القانون الدولي وضمان احترام مكتسبات السلام بعد الحرب. وإذا واصلت اليابان السير في هذا الاتجاه الخاطئ، فإن من حق الدول والشعوب المدافعة عن العدالة إعادة النظر في جرائمها التاريخية، ومن واجبها أيضا منع عودة النزعة العسكرية اليابانية بحزم.


الصين تصدر تميمة عام الحصان
زفاف صديق للبيئة: المحاصيل بدلا من الورود والهدايا جاهزة للالتقاط
جينهوا، تشجيانغ: استخدام روبوتات التفتيش والنقل الذكية للصوب الزراعية رسميًا
هامي، شينجيانغ: حيوانات صغيرة "تنمو" من ثقوب الأشجار
عاملات النظافة في جامعة داليان للغات الأجنبية يبدعن مظلّات مصنوعة من الجنكة
شينغان، جيانغشي: حصاد الفطر الأسود
"ياقوت أمريكا الشمالية" يتجذر في بلدة صغيرة في الصين
خفي، الصين: أول روبوت تعليمي بشري بالحجم الكامل في العالم يُدرّس فصلًا دراسيًا
ذرة الزينة في يوننان، حبّاتها مثل الأحجار الكريمة
تسليم أول سفينة نقل ركاب كبيرة الحجم تعمل بالوقود المزدوج إلى إيطاليا
طيار يتجول بمركبته الصغيرة فوق ساحة بهانغتشو
ثمار الموز في قوانغشي تبدأ دخول الأسواق