مالفائدة من مهمة إستكشاف تشانغ إه-3 للقمر؟

قبل عشرات السنين وعندما أهدت أمريكا عينة من صغيرة من صخور القمر يبلغ وزنها 0.5 غرام الى عالم الكيمياء الصيني أويانغ تسي يوانغ، شعر هذا الأخير بفرحة لا توصف. أما الآن فقد فتح القمر أبوابه على مصراعيها إلى الصينيين بكل وزنه الذي يتجاوز 700 مليون تريليون طن.

"ما هي العلاقة بيننا وبين الهبوط على القمر؟" بعد أن نجحت تشانغ إه-3 في الهبوط على القمر، كان هذا السؤال القديم أكثر الأسئلة التي طرحت أثناء البث الحي على التلفزيون وشبكة الإنترنت. لأن الصين ما زالت دولة نامية، في حين أن الأموال التي ستستهلكها مهمة استكشاف القمر ستكون ضخمة جدا.

"مالفائدة من عمل هذه الأشياء؟" سُئل صاحب جائزة نوبل للفزياء دينغ تشاو تشونغ هذا السؤال مرات في تاريخه العلمي لمدة عشرات سنة، حتى في أمريكا الغنية. فأجاب: "على إمتداد تاريخ تطور تجارب المسرع، رغم أننا كنا في كل مرة نكتب طلبا ونحدد هدفا لإقناع الحكومة بضخ الأموال في تجارب المسرع، لكن كنا دائما نكتشف بأن الحقيقة تختلف كثيرا عن الهدف المرسوم. "
إن ما قاله دينغ تشاو تشونغ صحيح.

إن تطوير وإستغلال معادن القمر، والموارد الطاقية، وتطويرإستكشاف الفضاء العميق والجاذبية الضعيفة والأقطاب التكنولوجية، وتأسيس محطات امامية وتحويلية في الفضاء الأبعد....كلها تعد أهدافا في برنامج إستكشاف القمر، لكن هناك نقطة يمكن تأكيدها هي أنها تعود بفوائد لا يمكن توقعها.

مثلا، تعد الإنترنت منتجا ثانويا لبرنامج أبولو في المشيّ على القمر، لأن العلماء بمركز هيوستن للفضاء كانوا بحاجة لربط الحواسيب ببعض وتشارك المعلومات. كما أن الرنين النووي المغناطيسي، والإتصالات الليزرية والشاشات الكريستالية والهواتف الخلوية التي تفارقنا، هي كلها إختراقات عملية للإستجابة لمتطلبات هبوط الإنسان على القمر. لكن كل هذه الأشياء لم تكتب في تقرير برنامج أبولو، كأساس هام لدعم تحليل الجدوى.

أما برنامج مانهاتن وبرنامج أبولو وبرنامج أبولو وبرنامج الجينات الوراثية البشرية وبرنامج 863 وبرنامج الفضاء المأهول وبرنامج تشانغ إه لإستكشاف القمر...فجميعها تتعلق بالبرامج الإستراتيجية طويلة المدى. ورغم أنها تتعلق بالحياة اليومية المستقبلية، لكن من الصعب أن نستعمل النفط والأرز والزيت والشاي إلخ لوصفها. لأنها دائما ما تستغرق العديد من السنين أو حتى عشرات السنين لتصل إلى نتيجة، وأي حسابات قصيرة النظر قد تجلب خسائر لايمكن تقديرها.

ونذكر أنه في بداية تنفيذ برنامج شفرة الجينات الوراثية البشرية في نهاية القرن الماضي، ترددت الصين كثيرا في تحمل 1% من مهمة التسلسل الجيني البشري. وهذه المهمة حتى إتمامها، أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط العلمية. وفي تلك الظروف كان غالبية الناس يرون أن التسلسل الجيني ينتمي للأبحاث الأساسية ذات المصلحة العامة، والتي تتطلب إستثمارات ضخمة ومن الصعب أن تنتج فوائد، وان اهتم الصينيين بهذه الأعمال سيكون شاقا وبدون جدوى.

وفي الحقيقة، ومع تقدم أبحاث الجينات أصبح التسلسل الكامل أساسا كبيرا للبيانات التي لا يمكن الإستغناء عنها في مشروع الجينات، ومن لديه القدرة على القيام بمعالجة وتحليل واسع النطاق، ستكون له القدرة على احتلال المقدمة في هذا المجال. وعلى المستوى التطبيقي، تكتسي هذه الأبحاث أهمية كبيرة في العلاج من الأمراض الوراثية الشائعة مثل متلازمة داون، سرطان عنق الرحم وصمم الأطفال. ولو إنطلقنا في ذلك الوقت من سؤال "مالفائدة من ذلك؟"، وتخلينا عن جهود خوض الحروب المستمرة، فإن الصين ستكون متأخرة على الأقل 10 سنوات في هذا المجال الإستراتيجي الجديد.

وهنا يعتقد عضو لجنة الخبراء بالمشروع الصيني لإستكشاف الفضاء لونغ جيهاو ان الميزة الأكبر في مشاريع الفضاء هو التوسع المستمر وشموليتها العالية، حيث تمتلك الكثير من الفوائد المهمة بالنسبة للتطور التقني وقوى الإنتاج والتقنية ذات الإستعمال المدني.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/