تقرير:دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط تعمل على حماية قدراتها التنافسية

أظهرت البيانات الأخيرة التي نشرتها شركة PIRA الأمريكية للأستشارات الطاقية أن الإنتاج الأمريكي اليومي للنفط المسال سيتجاوز إنتاج المملكة العربية السعودية لتصبح بذلك أمريكا أكبر منتج للنفط في العالم. مايعني أن "ثورة الزيت الصخري" قد رفعت مستوى الإكتفاء الذاتي الأمريكي من الطاقة، في المقابل تتراجع تبعية أمريكا للنفط الأجنبي بوتيرة سريعة. ومع إرتفاع قدراتها الإنتاجية، فإن أمريكا لن تخفض وارداتها النفطية من الشرق الأوسط فقط بل من الممكن أن تتنازع مع دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط على مستهلكي النفط والغاز. وفي مواجهة تحديات "ثورة الصخر الزيتي" في أمريكا، تعمل دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط جاهدا على "المحافظة على مكانتها المركزية في قطاع النفط العالمي."

ويرى خبراء الطاقة الأمريكيين أن أمريكا تسعى إلى إقامة تعاون تقني مع بولندا، أكرانيا، الأردن، الصين والمكسيك. وهذا لن يساعد السياسة الخارجية الأمريكية على فصم علاقتها مع التقلبات السياسية في الشرق الأوسط فقط، بل سيساعدها على تشكيل وتغيير سياسات الدول المعنية.

الخليج مازال يحتفظ بأسبقية في زيادة هامش الإنتاج

بالنسبة للملكة العربية السعودية تعد "ثورة الزيت الصخري" تهديدا وليس فرصة. فإذا إستمر إرتفاع الإنتاج الأمريكي مقابل تراجع طلبها فإن السوق ستشهد إرتفاع العرض مقابل الطلب، وهو ماقد يضطر المملكة العربية السعودية وباقي دول منظمة الأوبك لتخفيض الإنتاج من أجل تفادي الهبوط المدوي لأسعار النفط. وفي هذا السياق رأى تحليل لصحيفة " فاينانشال تايمز" البريطانية أن تراجع العائدات النفطية لهذه الدول سيجلب ضغوط كبيرة على سياساتها المالية، ماسيستوجب سياسات حكومية مناسبة.

ووفقا لإحصاءات وكالة الطاقة الدولية فإن إنتاج السعودية والكويت والإمارات وقطر من النفط قد حقق مستوى تاريخيا خلال الثلاثة شهور الماضية.

من جهة ثانية، تعمل دول الخليج على إقتناص فرصة تزايد طلب الدول الآسيوية الناشئة على النفط، وتعزيز صادراتها إلى آسيا. وقد شهدت الواردات الصينية والهندية من النفط الشرق أوسطي إرتفاعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة.

تعليق

تشين موه (باحث مساعد بمركز دراسات غرب آسيا وإفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية): لقد أحدثت "ثورة الزيت الصخري" تأثيرا كبيرا على الإمدادات النفطية العالمية، لكن منطقة الشرق الأوسط تبقى مصدر الإمداد الرئيسي بالنفط بالنسبة للدول الآسيوية.

في ذات الوقت، دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط إلى جانب إمتلاكها على أكبر حصة من الإحتياطي العالمي للنفط، فإنها تستحوذ على الحصة الأكبر من الإنتاج والتصدير. وعلى مدى وقت طويل، حافظ إنتاج النفط بمنطقة الشرق الأوسط على نسق تصاعدي، كما سيحافظ على مكانته المتميزة داخل سوق النفط، وتتمتع هذه الدول بفضاء كبير لتوسيع الإنتاج.

وفي ظل التغيرات التي تشهدها سوق النفط، تعمل مختلف دول الأوبيك على حماية مصالح ثرواتها النفطية. مثلا، تستعمل المملكة العربية السعودية طاقتها الإنتاجية الفائضة لإجراء تعديلات على إمدادات النفط في السوق العالمية للنفط من خلال منظمة الأوبك، للحفاظ على إستقرا العائدات النفطية السعودية. من جهة أخرى، تعمل السعودية جاهدة على دفع عملية تكامل التكرير الدولي للنفط، ومضاعفة إستثماراتها في مجال التكرير داخل أراضيها، لتحقيق تنوع في الصادرات النفطية، ورفع القيمة المضافة للصادرات النفطية. في ذات الوقت، تقوم السعودية بالإستثمار في إنتاج النفط المصب بدول "الأسهم المحتملة" المنتجة للنفط، مثل تأسيس المصافي، وتوقيع إتفاقيات طويلة الأمد مع هذه الدول لتزويد المنشآت بالنفط. كما تعمل السعودية على تعزيز علاقاتها مع الدول المستهلكة للطاقة.

وفي المستقبل ستواصل دول الأوبك مسعاها في المحافظة وتوسيع قدراتها الإنتاجية وحماية حصتها من السوق.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/