تعليق: إخطار الشركات النقل الجوي الأمريكية الصين بأي رحلة جوية تدخل " منطقة الدفاع الجوي" قرار حكيم وصائب

نصحت وزارة الخارجية الأمريكية يوم 29 نوفمبر هذا العام الشركات النقل الجوي الأمريكية للامتثال لطلب الصين بالإخطار بأي رحلة جوية تدخل منطقة الدفاع الجوي التي حددتها الصين فوق البحر الشرقي مؤخرا. وبعد يوم واحد، عملت الخطوط الجوية الأمريكية، خطوط طيران الولايات المتحدة، خطوط دلتا الجوية شركات الطيران الثلاث وفقا لنصيحة وزارة الخارجية الأمريكية، وأبلغت الجهات الصينية حول خطة الطيران.

وشعر بعض الناس خاصة اليابانيين بالدهشة من صدر مثل هذه النصيحة، والتغيرات السريعة والجديدة وغير المناسبة في القرار الأمريكي، لكن في الواقع، إن مثل هذه الخطة صحيحة جدا وسلوك عادي يتماشى مع المصالح القومية للولايات المتحدة أيضا.

يعتبر الاقتصاد من أحد الاعتبارات الهامة للدولة. من جهة، إن عدم اعتراف مصلحة صناعة الطيران المدني الأمريكي بمنطقة بحر الصين الشرقي لتمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي التي حددتها الصين، وعدم إبلاغ الجهات الصينية المعنية سوف يؤثر إلى حد كبير على الطيران المدني الأمريكي، إذ من المحتمل أن تتعرض إلى موقف محرج للغاية، حيث أن الجانب الصيني قد يتخذ إجراءات دفاعية غير محددة في حال عدم فهم وضع الطائرة، وهذا قد يؤثر على أمن الركاب، وبالرغم من احتمال عدم حدوث أي صراع حقيقي لكن هذه التجربة ليست جيدة بالنسبة للمستهلك. من جهة أخرى، سوف يقلق أي توتر مع الصين في المنطقة طائرات بويينغ الأمريكية وشركات الطيران الأخرى، حيث أن الصين سوف تكون أكثر ميلا لطيران ايرباص الأوروبية مستقبلا ، مما تكون ضربة هائلة لشركة بوينغ وغيرها من الشركات الأخرى. وفي الوقت نفسه، فإن موقف حلف شمال الأطلسي لمتردد من المشاركة في هذا الحدث، يعني انه في حال وصول الولايات المتحدة والصين إلى طريق مسدود بشأن هذه القضية، فإنه سوف تقدم فرصة جيدة لأوروبا.

والاهم من ذلك، فإن العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة لا يمكن أن تتدهور بسبب هذه القضايا غير الأساسية، حيث أنه من المحتمل أن يؤثر الوضع تأثيرا خطيرا على التعاون الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة. ويمكن لإدارة اوباما الاعتماد إلى حد كبير على الأسواق الخارجية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي ،وعلى وجه الخصوص، السوق الصيني الواسع الفضاء. وبالتالي،فإن إبداء الولايات المتحدة حسن النية للمصالحة مع الصين سيصبح جزء من " الدبلوماسية الاقتصادية".

والجدير بالذكر أنه في عام 2014 انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ولا يزال لدى الديمقراطيين آمال وطموح لاستعادة السيطرة على مجلس النواب العام المقبل، لذلك ينبغي تحقيق تقدم كبيرعلى الجانب الاقتصادي، حتى تكسب الحكومة الحالية ثقة الرأي العام الأمريكي والديمقراطيين، وفي هذا السياق، فإن أي توتر أو ضعف النفوذ في السوق الصينية، سيكون خطوة غير حكيمة جدا.

في الواقع، تحديد الصين منطقة بحر الصين الشرقي لتمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي تتماشى مع الممارسات الدولية، وأداء عادي لدولة ذات سيادة، ولا داعي للضجة. وما أحدثته اليابان ودول أخرى من ضجة جزء منه رغبة هؤلاء في إحداث توتر في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، ولكن في ظل التوازن القائم، فإن واشنطن ليست بحاجة لذلك، لان ظهورها تحت ظل هذا النوع من الممارسات الدولية سيظهرها بعدم وجود الحس الدولي السليم.

علاوة على ذلك، فإن نمو القوة الوطنية الصينية يعزز مخاطر وتكاليف الصراع الصيني ـ الأمريكي أيضا، وعلى ما يبدو فإن أمريكا غير راضية على ضريبة والمخاطر الكبيرة التي قد تنجم من إصرارها على مواجهة الصين في منطقة بحر الصين الشرقي لتمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي، حيث أن الأمر لا يرجع بأي فائدة للولايات المتحدة الأمريكية وإنما بعض المصالح والمنافع اليابانية فقط، لذلك لا ترغب في تحمل المخاطر، وتكثيف التناقض بينها وبين الصين.

إن تقديم اوباما النصح للشركات النقل الجوي الأمريكية، للامتثال لطلب الصين بالإخطار بأي رحلة جوية تدخل المنطقة الجوية الجديدة التي حددتها الصين فوق البحر الشرقي، هي خطوة حكيمة جدا، والنأي بأنفسهم عن الضرر الذي قد يلحق بالعلاقات الصينية ـ الأمريكية بسبب هذه المسألة، وتجنب التورط في ما تعده اليابان. وفي الواقع، إن الضجة التي أحدثت بسبب تحديد الصين منطقة بحر الصين الشرقي لتمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي اختبار للجانب الصيني. وإن إدراك الولايات المتحدة في وقت لاحق بثقة وعزم الصين على الاستمرار في هذا الاتجاه اختارت بدورها أفضل خيار، لمحافظة ماء الوجه، والعلاقات الصينية ـ الأمريكية. والاهم من ذلك، سوف تفضي إلى المحافظة على المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/