![]() |
بقلم المستشار / الرشيد محمد احمد – سفارة السودان – بكين
فى هذا العام 2014م تكون قد مضت 58 سنة على نيل السودان لإستقلاله و55 عاما على قيام العلاقات الدبلوماسية بين السودان والصين. وتأريخا لذلك فقد أعلن السودان عن إستقلاله فى الأول من يناير من سنة 1956م، وجاء تفاعل الجانب الصينى سريعا عندما بعث رئيس مجلس الدولة تشو ان لاى إلى الزعيم إسماعيل الأزهري رئيس الوزراء السوداني في 4 يناير من ذات العام ببرقية تهنئة معلنا فيها إعتراف الحكومة الصينية بإستقلال السودان. وفي 28 نوفمبر من العام 1958م أصدرت الحكومة السودانية بيانا أعلنت فيه عن إعترافها بجمهورية الصين الشعبية، ودعم ذلك إرسال كل من رئيس اللجنة العليا للقوات المسلحة السودانية الفريق إبراهيم عبود ووزير الخارجية السودانى محمد أحمد المحجوب برقية إلى الرئيس ماو تسى تونغ ووزير الخارجية الصينى تشن يى (فى يوم 30 نوفمبر 1958م) يعلمان فيها الجانب الصينى بهذا الإعتراف. وفى يوم 4 فبراير من العام 1959 اقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا.
هذا التواصل المبكر بين السودان والصين أرسى دعائما قوية للعلاقات بينهما، وأعلن الساسة فى البلدين مرارا وتكرارا طيلة فترة العلاقات بينهما بأن السودان والصين تربطهما علاقة شعبين حميمين، وهذا هو سر إستمرارية وتنامي متانة العلاقات بين البلدين. وسر ثان هو ما توارثه الزعماء الصينيون وأمنت عليه سياستهم الخارجية الحكيمة فى إتباع سياسة ودية ثابتة ودون تغيير تجاه السودان وشعبه مهما عظمت التغيرات فى وضعيه الداخلي والدولي، ويضاف إلى هذه الأسرار فى تعميق هذه العلاقات التفسير العقدي فى الحث على طلب العلم ولو بالصين، نسبة لتميزها بالعلم لما لها من حضارات قديمة، ولبعدها عن العالم العربي (كما يعتقد البعض) فى زمان إنعدمت فيه وسائل الإتصال المواصلات الحديثة.
الخلفية التاريخية للبلدين تتشابه إلى قدر كبير من حيث نضال الزعماء من الأجداد الذين خاضوا حروبا ضد الإستعمار الذى إنتهك حقوق الإنسان بالإسترقاق والحروب الغير مبررة فى ذلك الوقت، وسرق موارد الشعوب وخيرات بلدانهم ، وزاد الأمر سوء ما تركه من ميراث ثقيل سئ تمثل فى بؤر الخلافات الناتجة عن الإختلاف حول الحدود السياسية بين البلدان التى خرج منها بعد ما نالت الشعوب حريتها عبر النضال، وهنا تعكس لنا مرآة التاريخ وجه الشبة ما بين الزعيمين الأمام محمد أحمد المهدي (1843-1885م) وماو تسى تونغ (1893-1976م). إذ ان كل منهما ناضل من أجل تحرير شعبه وبلاده من براثن الإستعمار وقساوته وظلمه، والصداقة القوية دائما تنشأ بين من جمعت بينهم المصائب الصعاب او تشابهت خلفيتهما التاريخية ، وهذا هو حال السودان والصين .
وتتواصل مسيرة التاريخ عبر حقبها المختلفة بدء من نيل السودان لإستقلاله وإنشائه لعلاقاته الدبلوماسية مع الصين علي أساس إتباع سياسة المبادئ الخمسة للتعايش السلمي المتمثلة فى الاحترام المتبادل لسيادة وسلامة أراضى الدول، والالتزام المتبادل بعدم الاعتداء، مع عدم تدخل أى دولة فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي. هذه المبادئ الدبلوماسية كان لها كبير الأثر فى الدفع بالعلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية بين البلدين وتطويرها ، دون وضع أى إعتبار للتغيرات السياسية فى السودان أو الصين مهما عظمت وتفاقمت.
ويدلل على إنتهاج جمهورية الصين الشعبية لسياسة صداقة ثابته تجاه السودان ما ذكره فخامة الرئيس الصينى السابق هو جين تاو فى آخر لقاء له بفخامة الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير فى يوم الأربعاء الموافق 29/6/2011م بان : ((بكين ستتبع دائما سياسة ودية تجاه السودان، وايّا كان التغيير فى الوضع الدولى أو الداخلى بالسودان، فإن هذه السياسة لن تتغير)). إنتهى حديث فخامة السيد الرئيس . وأردف ذات المعنى وزير الخارجية السابق و عضو مجلس الوزراء الصينى الحالي السيد يانغ جيه تشى: ((بان الصداقة الثنائية بين البلدين صمدت فى وجه مختلف الظروف بفعل الفهم والثقة المتبادلة بين الجانبين بالإضافة الى التعاون المثمر بينهما ، و إن الصين تولى أهمية كبيرة لتنمية العلاقات الثنائية مع السودان ، وإنها مستعدة للعمل مع السودان لدفع تعاونهما بشكل مشترك)). وجاء التأكيد على على ذلك على لسان السيد لى تشاو شينغ وزير الخارجية الصينى الأسبق فى يوم 8/8/2011م عندما ذكر : (( بان الصين والسودان منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما ، أجريا تعاونا مخلصا وحققا نتائج مثمرة على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة، وإنه مهما تغير الوضع الدولي والإقليمي ، ستواصل الصين تعزيزعلاقات الصداقة والتعاون العملى بين البلدين ، وأن الصين تلتزم بالحفاظ على التبادلات السياسية وتعميق التعاون العملى فى مجالات النفط والزراعة والتعدين وغيرها ، وعلى استعداد لتشجيع عدد اكبر من الشركات الصينية التى لها قدرة على المنافسة والسمعة الطيبة للاستثمار في السودان، ونأمل فى ان يوفر السودان المزيد من التسهيلات فى هذا المجال)). إنتهي حديث السيد الوزير .
وفى الوقت الراهن يسعى السودان والصين الى إحداث نقلة نوعية فى العلاقات لتكون علاقات شراكة إستراتيجية، ولوضع اللبنة الأولية لهذه الخطوة أكد وزير الخارجية السودانى السيد على أحمد كرتي رغبة السودان فى الدفع بالعلاقات قدما نحو ترفيع العلاقات الى مستويات إستراتيجية عليا خلال لقائه بسعادة وزير الخارجية الصينى السيد وانغ يى فى شهر أغسطس من العام المنصرم 2013م، وتبع ذلك تأكيد الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل وزير الإستثمار (رئيس المجلس الأعلي للإستثمار) وكذلك الإستاذ كمال عبد اللطيف الوزير السابق لوزارة المعادن خلال زيارتيهما إلى الصين على منح الشركات الصينية إمتيازات خاصة للإستثمار فى السودان ، مع إبداء رغبة السودان فى إقامة مناطق للأسواق الحرة لتكون شراكة بين البلدين ، وستتولي لجان خاصة وأخري وزارية رعاية هذه السياسة لتري النور قريبا . وعليه ومع إقبال الحكومة السودانية على إجراء إصلاحات شاملة وترقية اللوائح والقوانين التى تنظم عمل الإستثمار سيكون المستقبل واعدا للجانبين السودانى والصينى، وستمثل مرحلة الإصلاح المقبلة فى السودان فترة مثمرة وطاقة قوية لإحداث دفعة جديدة في العلاقات السودانية ـ الصينية للسنوات الـ55 القادمات .
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn