بقلم اسامة راضي وعماد الدريملي
رام الله 7 نوفمبر 2012/ على النقيض من الموقف عند انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في ولايته الأولى، بدا التفاؤل الفلسطيني من فوز باراك أوباما بولاية ثانية محدودا ويغلبه الحذر وتدن شديد في التطلعات.
واتفق مراقبون للشأن الفلسطيني، على أن أي شعور بالتغيير لصالح القضية الفلسطينية أثاره انتخاب اوباما قبل أربعة أعوام اختفى سريعا في ضوء المواقف الأمريكية المترددة حول مطالبهم بشأن إقامة دولة مستقلة لهم ووقف الاستيطان الإسرائيلي.
وعزز غياب الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي عن جوهر حملات أوباما الانتخابية ومناظراته مع منافسه الجمهوري ميت رومني قبل الفوز، حدة التشاؤم لدى الفلسطينيين وهم يبدون يأسهم من تغيير جذري محتمل في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
ويقول السياسي الفلسطيني المستقل مصطفي البرغوثي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن أوباما قد يكون في ولايته الثانية أكثر تحررا من الضغوط الإسرائيلية، لكن من المستبعد نجاحه في خلق سياسة مستقلة بعيدا عن الميل لصالح إسرائيل.
ويعتبر البرغوثي أن أي رهان فلسطيني على تغيير أمريكي لن يكون في محله "لأن المطلوب هو خلق قدرة فلسطينية وعربية لفرض هذا التغيير المطلوب من خلال عوامل قوة فلسطينية دون الاستسلام لنوايا الأطراف الأخرى فقط".
ووضع الفلسطينيون كثيرا من التطلعات الإيجابية تجاه أوباما عند انتخابه عام 2008 إثر دعوته لوقف الاستيطان الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967، لكنها دعوات يقول البرغوثي إنها "ذهبت سدى بفعل الانحياز لإسرائيل".
وأبرز ما استنتجه الفلسطينيون في ولاية أوباما الأولى مرة أخرى هو أن القرار في دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ليس بالأمر الهين وقد لا يعود للرئيس وحده.
وبهذا الصدد دعا كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، واشنطن إلى التعامل بمنظور مصالحها.
وقال عريقات ل((شينخوا)) معلقا على فوز أوباما، "إن الفلسطينيين يأملون أن تشهد ولاية الرئيس الأمريكي الثانية تنفيذ خيار حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف "نأمل أن تحكم الولايات المتحدة في عهد أوباما الأمور وفقا لمنظومة مصالحها وأن تدرك أن لا ديمقراطية ولا أمن ولا سلام في المنطقة دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومنح الفلسطينيين حقوقهم".
وسيكون توجه الفلسطينيين مرة أخرى لطلب نيل عضوية في الأمم المتحدة محل صدام مبكر مع إدارة أوباما التي أعلنت مرارا معارضتها لهذه الخطوة وتصر على ضرورة العودة للمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وآخر مبادرة لمحادثات سلام مباشرة أطلقتها إدارة أوباما بين الفلسطينيين وإسرائيل تعود إلى سبتمبر 2010، لكنها سرعان ما انهارت بعد أربعة أسابيع من ذلك على خلفية رفض تل أبيب وقف أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس.
ودفع الجمود المتواصل بعملية السلام السلطة الفلسطينية إلى طلب عضوية كاملة من مجلس الأمن الدولي الأمر الذي قوبل بمعارضة صارمة من إدارة أوباما هددت خلالها باستخدام حق النقض (الفيتو) ونجحت في منع نيل الطلب الفلسطيني الأصوات اللازمة لعرضه على التصويت.
وهذا الشهر سيكرر الفلسطينيون مسعاهم، وهذه المرة من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لنيل مكانة دولة غير عضو حيث لا تملك واشنطن حق النقض لكنها تهدد بفرض عقوبات صارمة في حال نجاهم بذلك.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت في رام الله غسان الخطيب، إن الفلسطينيين في حال "ترقب حذر" إزاء ما ستتخذه إدارة أوباما ضدهم عقب التوجه للأمم المتحدة في ضوء التجربة "المخيبة للآمال " خلال الولاية الأولى.
ويضيف الخطيب ل((شينخوا)) ان المرجح هو استمرار نفس سياسات أوباما تجاه الملف الفلسطيني "حيث تشير بوضوح إلى انحياز مبالغ فيه لصالح إسرائيل وهو ما انعكس على حالة قد تصل إلى اليأس الفلسطيني من إمكانية التغيير".
وفي افتتاحية عددها الصادر اليوم كتبت صحيفة (القدس) المحلية واسعة الانتشار "الفلسطينيون والعرب كانوا وما يزالون يعلقون آمالهم، وربما خيبات آمالهم على نتائج الانتخابات الأمريكية التي يتنافس فيها كل مرة مرشح موال بالمطلق لإسرائيل مقابل مرشح نصف أو ثلاثة أرباع موال لها، وكانت الآمال تعقد على المرشح الثاني لأن نصف البلية أو ثلاثة أرباعها أهون من البلية الكاملة".
وأضافت الصحيفة أن "هذا واقع يعكس الضعف العربي وغياب الإرادة والتضامن العربيين وهو ما يؤثر سلبا على القضية الفلسطينية بمجملها ".
وتعهد أوباما مرارا بالحفاظ على الدعم الإستراتيجي الذي تقدمه بلاده لحليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط إسرائيل، والتصدي لأي محاولات لنزع الشرعية عنها، في إشارة إلى التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة.
غير أن بعض المتفائلين في المعسكر الفلسطيني قد ينظرون باهتمام لما تردد مرارا عن خلافات بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية كثيرا عن رغبته في فوز رومني.
ويقول المحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض ل((شينخوا)) إن إدارة أوباما سجلت تراجعا حادا فيما يتعلق برعاية عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلا أن خلاف أوباما- نتنياهو المعلن قد يكون نقطة هامة في توقع ما سيجري.
ويضيف عوض أن "الرهان الآن واسع بأن يلتقط الناخب الإسرائيلي رسالة فوز أوباما وليس رومني لإسقاط نتنياهو بانتخاب رئيس وزراء يتماشى مع توجهات الرئيس الأمريكي، وهو ما قد يساهم في إضعاف حظوظ اليمين الإسرائيلي المتطرف".
لكن حتى مثل هذا التطور لا يشكل دافعا لتوقع قرب إطلاق عملية سلام حقيقية تكفل التوصل لاتفاق نهائي بحسب عوض، الذي يرى أن إسرائيل "لا يمكن أن تعود للوراء من دون ضغط يجبرها على ذلك وهو أمر غير متوفر أمريكيا ولا دوليا".
وبعيدا عن الصدام الوشيك مع السلطة الفلسطينية وتعثر عملية السلام، فإن مراقبين لا يستبعدون نهجا أمريكيا يبدأ بالتغيير تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007 خصوصا مع تصاعد الإسلاميين في المنطقة.
ودعت حماس أوباما فور إعلانه فوزه بولاية ثانية، إلى إعادة تقييم سياسته الخارجية تجاه القضايا الفلسطينية والعربية وإنهاء "الانحياز" لصالح إسرائيل، مشددة على أن أي تغير في مزاج الشعوب العربية والإسلامية تجاه الإدارة الأمريكية "مرهون بإعادة التوازن للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه قضايا المنطقة".
ويقول المحلل السياسي من غزة طلال عوكل ل((شينخوا))، إن الإدارة الأمريكية تدرك أن حماس رقم على الأرض وجزء من المشهد الفلسطيني سلما وحربا، وهي على الأرجح ستقدم على تغييرات في سياساتها تجاه الحركة الإسلامية.
ويتوقع عوكل أن تكون التغييرات الأمريكية تجاه حماس وقطاع غزة "متدرجة وقد تتم بصفة غير مباشرة وببطء خاصة عند النظر إلى تطورات الربيع العربي التي تميل حتى الآن لتعزيز وضع حماس وليس السلطة الفلسطينية".
ويمثل الانقسام بين الضفة الغربية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وحماس في غزة أبرز وجوه نقاط الضعف الفلسطينية إزاء توقع القدرة على التأثير لتغيير التعاطي الأمريكي خلال ولاية أوباما الثانية.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn