غزة 20 نوفمبر 2012 / راقب مجموعة صبية بشعور ممزوج بين الألم والارتياح وصول وفد رفيع من جامعة الدول العربية إلى مجمع (الشفاء )الطبي في غزة لمعاينة جرحى هجوم إسرائيلي مستمر منذ سبعة أيام.
وكانت سيارات الإسعاف تتدفق لنقل الجرحى عندما دخل أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي على رأس وفد ضم13 وزير خارجية وممثلا عن دول عربية إلى جانب وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو المستشفى الأكبر في غزة.
وهتف الصبية وهم أقارب لقتلى وجرحى فور وصول الوفد إلى المستشفي، منددين باستمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق مدنية واسعة في غزة، بينما تحققوا بأعينهم بأن مسئولين عرب كبار يولون محنتهم اهتماما غير مسبوق إلى هذه الدرجة للمرة الأولى..
ولاحظ الفلسطينيون بيأس إلى حد ما، تراجع قضيتهم في أولويات العرب منذ بدء ثورات الربيع العربي التي تشهدها المنطقة منذ بداية العام الماضي، فصرفت انتباه الأغلبية عنهم حتى تحولوا في وسائل الإعلام إلى خبر من الدرجة الثانية وربما الثالثة.
وضاعف ذلك انسداد أفق التوصل أمام الفلسطينيين لتسوية مع إسرائيل واتهامهم للأخيرة بالتوغل في انتهاك حقوقهم خاصة في الضفة الغربية والقدس حيث بات يستشري الاستيطان بمعدلات قياسية ويصعب حلم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وجاءت عملية "عماد السماء" التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ الأربعاء الماضي وخلفت مقتل ما يزيد عن 130 شخص في غزة لتتكفل بتصحيح الصورة التي قد يصنفها الفلسطينيون بـ "المختلة" باعتبار أن قضيتهم يجب أن تبقى الأولى لدى العرب حتى يتم تسويتها.
وداخل بيت عزاء لقتلى عائلة (الدلو) التي فقدت 11 شخصا من أربعة أجيال في غارة إسرائيلية على غزة ،قال العربي إن المشكلة في غزة ليست بالتهدئة بل بالمشكلة الرئيسية المتمثلة فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي..
وطالب أوغلو بدوره بوقف "العدوان" الإسرائيلي فورا وأكد على المساندة العربية والإسلامية لسكان قطاع غزة.
وقال والد قتيل كانت جثة ابنه تنقل لثلاجة الموتى وهو يبكي "إن الوفود لن تعيد أبنائنا ونشك أنها ستحمي من تبقى في غزة بانتظار مزيد من العدوان (...) نريد أفعال لا أقوال ".
وكان سبق وفد جامعة الدول العربية وصول وفد مصري تقدمه رئيس الوزراء هشام قنديل في اليوم الثاني مباشرة من الهجوم الإسرائيلي تلاه وفد تونسي رسمي وآخر من الأحزاب المصرية إلى جانب وفود شبابية وشعبية من عدة دول.
كما ظهر التحرك العربي في إطلاق مساعي مكثفة قادتها مصر وشاركت فيها دول مثل قطر وتركيا وحتى أطراف أوروبية للتوصل سريعا لوقف إطلاق النار يكفل وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وتركزت أضواء هذه الجهود على مصر بقيادة جماعة الأخوان المسلمين التي تمثل الامتداد التاريخي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف يونيو عام 2007.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي من غزة هاني حبيب، إن القاهرة تعد محورا في إنهاء حرب غزة ليس فقط لأن للعاصمة المصرية تأثيرا مباشرا على حماس، إنما كونها معنية كطرف أساسي في وضع حد للوضع القائم بما يمثله من خطورة.
ويرى حبيب، أن هذه الخطورة تتركز بشكل مباشر على الجانب المتعلق بالأمن القومي المصري، والعلاقات المصريةـ الأمريكية وتأثيراتها المباشرة على استقرار الاقتصاد المصري، فالقاهرة ليست مجرد وسيط، بل هي شريك رغم إرادتها في هذه المعادلة.
غير أن الفلسطينيين يبقون يتطلعون لدور مصري أكبر من مجرد التوسط وحتى إن كان لصالحهم.
ويعتبر المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، أن الهجوم الإسرائيلي على غزة وفي ظل مرحلة الربيع العربي"أصدر حكما سلبيا على كل آليات وطرق التعامل الدولية والإقليمية مع عملية السلام ، ما يستوجب مراجعة عربية بما في ذلك لمبادرة السلام العربية، التي لم تبد إزاءها إسرائيل الحد الأدنى من الاهتمام والأهمية ".
وتابع قائلا "بلا شك فإن دماء غزة، حركت الدماء في عروق العرب، شعوبا وحكومات وأنظمة، لكن علينا أن ننتظر لنرى نتيجة المراجعة العربية التي ينبغي ألا تتأخر".
وبنظر كثير من الفلسطينيين العاديين، فإن الخطوات العربية مازالت دون المستوى خاصة عندما يتعلق الأمر بالتصدي لسياسات إسرائيل تجاههم.
وأكد رئيس الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة إسماعيل هنية خلال المؤتمر مع الوفد العربي، على "التجاوب" مع الجهود الرامية إلى التوصل إلى "تهدئة تحمي شعبنا وتضمن عدم تكرار العدوان وتوقف العدوان".
ودعا هنية، إلى مزيد من المواقف العربية والإسلامية " لحماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان وقطع الطريق لاستمرار المجازر".
وتهكم بعض المعلقين في غزة على (فيس بوك) طويلا إزاء زيارة الوفود العربية المتتالية وقال أحدهم إنهم يأتون للسياحة والتقاط الصور"، فيما قال آخرون "إنهم يكررون عبارات مساندة ثم يديرون ظهورهم دون تغيير عملي".
في المقابل، فإن ثمة هواجس لدى قطاع واسع من الفلسطينيين تجاه انفتاح عربي رسمي تجاه قطاع غزة قبل إنهاء الانقسام مع الضفة الغربية والعودة مجددا تحت راية قيادة موحدة.
وتقول حماس، إنها لا تسعي إلى إقامة إمارة إسلامية مستقلة في غزة وتؤكد أن القطاع جزء من الوطن الفلسطيني الكبير.
ويقول مسئولو السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، إن تكريس الانقسام مع غزة يعني عمليا نجاح المخطط الإسرائيلي في تدمير طموحات إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ويقول المحلل السياسي من رام الله حمادة فراعنة لـ((شينخوا)) "نعم هنالك مخاوف متزايدة بالنظر إلى (غزة المحررة المستقلة)، والاستجابة لأن يكون القطاع ومن ثم حماس عنوانا لفلسطين وعاصمتها، وصاحبة القرار لها وفيها ".
يرى فراعنة، أن الحل الوحيد لتبديد هذه المخاوف هو إنهاء الانقسام والاحتكام مرة أخرى لصناديق الاقتراع لولادة قيادة فلسطينية مشتركة من الكل الفلسطيني الذي يجمع كافة المكونات الفلسطينية وصياغة برنامج وطني فلسطيني مشترك.
ويتابع فراعنة "من دون ذلك فإننا نكون نستمر بالطريق الخطأ ويصب كل ما يحدث فقط في مصلحة إسرائيل بعزل غزة نهائيا عن الوطن المنشود ".
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn