تحليل اخباري: جهود التقارب بين الرئاسة في مصر والجيش والاعلام بين التهدئة والمناورة السياسية

بقلم/ عماد الأزرق

القاهرة 12 أبريل 2013/تباينت رؤية المحللين والخبراء السياسيين والعسكريين، حول الجهود التي تبذلها رئاسة الجمهورية في مصر ومبادراتها تجاه الجيش والاعلام، وتراوحت ما بين اعتبار هذه الجهود محاولة لتهدئة الوضع الملتهب في الشارع السياسي، وكونها مناورة سياسية، ما تلبث الرئاسة أن تنقلب عليها، وتتراجع فيما اتخذته من اجراءات.

والتقى الرئيس المصري محمد مرسي مساء أمس الخميس مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قائلا "ثقتي وتقديري لأبناء القوات المسلحة قيادة وضباط وصف ضباط وجنود "، مشيدا بالدور الذى يضطلعون به فى تأمين الحدود وحفظ الأمن القومي .

وأكد الرئيس المصري خلال الاجتماع على أنه "لن يسمح لاى جهة أو أي مصري بالإساءة إلى القوات المسلحة أو التعدي عليها"، حسبما ذكرت وكالة أنباء (الشرق الأوسط).

وصدق الرئيس مرسي على ترقية قادة الافرع الرئيسية للجيش الى رتبة "فريق" وهم قائد قوات الدفاع الجوي اللواء أركان حرب عبد المنعم إبراهيم بيومي ، وقائد القوات الجوية لواء أ.ح يونس السيد حامد.

وجاء الاجتماع بالتزامن مع تقارير نشرتها صحف محلية مؤخرا تتضمن تصريحات نسبتها لبعض اعضاء جماعة (الاخوان المسلمين) وحزبها (الحرية والعدالة) الذي كان يترأسه مرسي قبل توليه رئاسة البلاد، اعتبرت مسيئة لقادة الجيش السابقين والحاليين.

والخميس ، نفى مصدر عسكري ما ورد في تقرير نشرته صحيفة (الجارديان) البريطانية وتضمن اتهاما للجيش المصري بالضلوع في الاعتداء على المتظاهرين ابان الثورة التي أطاحت بمبارك .

وأعلنت رئاسة الجمهورية الاربعاء الماضي قرار رئيس الجمهورية بسحب جميع البلاغات القضائية التي حركتها الرئاسة ضد عدد من الصحفيين والاعلاميين بتهمة اهانة رئيس الجمهورية.

وقام وفد تابع لرئاسة الجمهورية يضم الدكتور عماد عبد الغفور مساعد رئيس الجمهورية للتواصل المجتمعي، والدكتورة بكينام الشرقاوي مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية والدكتور ايمن على مستشار رئيس الجمهورية للمصريين بالخارج، بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في محاولة منهم لامتصاص غضب المسيحيين بعد أحداث الفتنة التي شهدتها مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية، ومحيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وشهدت مقتل 9 أشخاص.

ويرى اللواء عادل سليمان مدير مركز الدراسات المستقبلية والاستراتيجية، أن اجتماع مرسي مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة يأتي في سياق منصبة كقائد اعلى للقوات المسلحة، لافتا إلى أن مرسي استهدف من هذا الاجتماع ارسال رسالة للتيارات السياسية أنه لاتوجد مشكلة أو خلافات بين الرئيس والجيش.

وأعرب سليمان لوكالة أنباء (شينخوا) عن اعتقاده بأن جهود التقارب بين الرئاسة وكل من الجيش والاعلام يأتي في اطار تهدئة الجو العام والاعلامي الملتهب، خاصة والبلاد بصدد الاعداد للانتخابات البرلمانية.

واضاف أن الرئيس محمد مرسي يحاول من خلال هذه الجهود تهدئة المناخ العام ، وتخفيف حدة الاحتقان في الشارع السياسي وتهيئة الظروفلتحسين الاوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية .

يأتي هذا فيما يرى اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي أن هناك بعض الأمور التي تشعر معها القوات المسلحة بعدم الرضا عنها، وأن هذا يأتي في الوقت الذي يطالب فيه البعض القوات المسلحة بالتدخل ، فيما يحرر أخرون توكيلات لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي توكيلات لادارة شئون البلاد.

واوضح مسلم في تصريحات لوكالة انباء (شينخوا) أنه لكل ماسبق بالاضافة الى الاتهامات والانتقادات التي وجهها عدد من قيادات جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة، كان لابد وان يحدث نوع من اللقاء لنزع فتيل الأزمة ، وتخفيف حدة التوتر ، وتطييب الخواطر .

واستبعد مسلم أن يكون هذا الاجتماع بين مرسي والمجلس الاعلى للقوات المسلحة ، وقراره السابق بسحب البلاغات المقدمة ضد الاعلاميين هو محاولة لتهدئة الأوضاع الملتهبة في مصر .

واعتبر ذلك من قبيل "المناورة السياسية"، مشيرا إلى " أن مرسي اتبع اسلوب المناورة منذ اللحظة الاولى لتوليه الحكم ، مذكرا برفضه اداء اليمين الدستورية امام المحكمة الدستورية، واداها بميدان التحرير أمام مؤيديه ، ثم تراجعه وادى اليمين امام المحكمة الدستورية مضطرا، ثم قراره باعادة مجلس الشعب وعودته في قراراه مرة اخرى نتيجة الضغط السياسي والقانوني عليه، واصداره للاعلان الدستوري المثير للجدل المحصن لقراراته وللجمعية التأسيسية للدستور ولمجلس الشورى ، ثم الغائه بعد استنفاذ مهمته ".

من جانبه ، أكد عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية القيادي بالحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي لوكالة أنباء (شينخوا) ، أن لقاء مرسي مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة هي محاولة لترضية الجيش بعد تأجج الغضب في نفوسهم جراء الاتهامات والانتقادات الحادة والشائعات التي روجها اعضاء بجماعة الاخوان المسلمين ضدهم.

واتفق جاد مع اللواء طلعت مسلم ، في أن هذه الخطوة هي بمثابة مناورة سياسية لكسب الوقت، واستمالة الجيش في صف مرسي والاخوان ، ومحاولة لقطع الطريق أمام بعض القوى السياسية التي تدفع في سبيل عودة الجيش من جديد للشارع ، وتطالبه باستعادة السلطة من الاخوان، وهو ما يسبب قلق بالغ لهم.

وقلل من جدوى هذه الخطوات على الشارع السياسي في مصر ، مؤكدا ان الوضع السياسي والاقتصادي في مصر من التعقيد والتأزم ما يصعب معه من خلال مثل هذه الخطوات البسيطة أن تؤدي الى تغيير الوضع فيه .

وتابع ، أن مصر تمر بأزمة مركبة سياسية واقتصادية وتحتاج الى حلول جذرية، بعيدة عن المماطلة والمناورة والتسويف ، وبشرط أن تكون منزهه عن الهوى أو الغرض ، وهو ما يصعب تخيل وجوده في ظل وجود الاخوان المسلمين في السلطة.

وأوضح أن الاخوان فتحت جبهات معارضة كثيرة جدا عليها، واصطنعت عدوات مع الجيش والقضاء والاعلام والازهر والكنيسة والمعارضة السياسية، وكل ذلك جعل أمرها جد صعب، وربما مرسي يحاول أن يغلق بعض هذه الجبهات مؤقتا، حيثما يبدأ الصراع معهم من جديد ولكن فرادى وليس بشكل جماعي .

وتعاني مصر وضعا متأزما سياسيا واقتصاديا وامنيا ، وزاد تأزم الأوضاع بعد زيادة حدة الخلافات والصراعات السياسية ، والتي كان لها أكبر الأثر على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

/مصدر: شينخوا/