تعليق: استعادة القصير نقطة تحول في الصراع السوري

استرجع الجيش السوري يوم 5 يونيو الجاري رسميا مدينة القصير التي كانت بيد المعارضة السورية المسلحة. ويعتبر هذا الانتصار من الانجازات العسكرية الأكثر أهمية بالنسبة لنظام بشار الأسد خلال ما يقرب عاميين من الحرب الأهلية، كما أن هذا الانتصار يضعف كثيرا قوة المعارضة، بالإضافة إلى أهميته الكبيرة في مساعدة الجيش السوري على الحصول على مبادرة إستراتيجية لاستعادة المناطق الشمالية والشرقية، ولا يزال أثره يتخمر لا حقا .

تعد مدينة القصير الواقعة في محافظة حمص وسط سوريا، وتسيطر على محور حركة المرور على الطريق الجنوبي من دمشق إلى الساحل الغربي. لذلك، فإن سيطرة المعارضة المسلحة السورية على مدينة القصير يشكل تهديدا مباشرا على الإمدادات والمساعدات اللبنانية الموجهة إلى الحكومة السورية وضمان حركة تحرك المعارضة السورية على طول الحدود السورية اللبنانية. لكن سيطرة القوات الحكومية على القصير يمكن ضمان امن خطوط نقل الإمدادات إلى الساحل الغربي، بالإضافة إلى إمكانية قطع إمدادات الأسلحة للمعارضة السورية من لبنان.

وليس ذلك فحسب، فإن معركة القصير مرتبطة مباشرة بمكاسب وخسائر الحرب في حمص. وقد ضغط الجيش السوري في منتصف ديسمبر 2012 على المعارضة المسلحة السورية الى حي دار بابا وحي الخالدية في حمص القديمة. لكن اعتماد المعارضة على دعم القصير ساعدها باستمرار على صد هجوم الجيش السوري. وفي منتصف مارس هذا العام، أطلقت المعارضة هجوما مضادا لاستعادة جزء من المنطقة. ومنذ بداية شهر مايو، أدى استخدام الجيش السوري للأسلحة الثقيلة والقصف الضخم والتفجيرات ومساعدة عناصر من حزب الله إلى تراجع المعارضة المسلحة واسترجاع الجيش السوري لمدينة القصير.

إن الجواب حول ما ذا كانت الحرب في القصير هي " نقطة تحول" في الحرب الأهلية في سوريا، أو ما يسمى" انعكاس خارج التوقعات"، يحتاج إلى المزيد من المراقبة. ولكن ما هو مؤكد أن المعركة سوف يكون لها تأثير كبير على مؤتمر دولي للسلام حول سورية “جنيف 2". وإن انتصار المعركة لا يثبت فقط أن السلطات السورية لا تزال قوية عسكريا، وإنما يثبت أيضا أن دعم إيران وحزب الله حليف سوريا الخارجي لا يزال قويا في اللحظة الحرجة. وفي المقابل، فإن دعم الولايات المتحدة وأوروبا للمعارضة السورية مجرد كلام فقط دون نتائج ملموسة. والمشاورات الرفيعة المستوى المتكررة بين روسيا والولايات المتحدة حول الأزمة السورية لم تحدد بعد تاريخ المؤتمر نظرا للتغيرات في وضع ساحة المعركة. وحاليا، السلطات السورية لا تتسرع في تحويل ثمار النصر إلى ورقة مساومة، بل تأمل في توسيع الفوز والانتصارات. وفي هذه الحالة، قال الأخضر الإبراهيمي المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية بشأن الأزمة السورية أن مؤتمر جنيف للسلام لبحث الأزمة السورية لن يعقد في يونيو الحالي وسوف يتم تأجيله إلى يوليو هذا العام.

والأهم من ذلك، فإن تدخل حزب الله وإيران علنا في معركة القصير والصراع السوري، بإمكانه أن يحول الصراع إلى الفوضى الطائفية الإقليمية. حيث أن غضب المعارضة المسلحة السورية من استرجاع الجيش السوري لمدينة القصير بعض المتطرفين أشعل الحرب على لبنان انتقاما لحزب الله. وفي 1 يونيو الحالي، قامت المعارضة السورية بقصف لمدينة بعلبك على الحدود السورية اللبنانية التي سقط فيها 18 صاروخاً، وفي يوم التالي، تبادل عناصر من " جبهة النصرة" المعارضة السورية المتطرفة إطلاق النار مع عناصر حزب الله، قتل خلالها 11 شخصا على الأقل. وارتفاع العنف الطائفي الأخير في العراق أيضا. حيث اتهم رئيس وزراء العراقي نوري المالكي يوم 3 يونيو الحالي المعارضة السورية المسلحة بأنها مصدر تهديد مباشر لأمن واستقرار في العراق. وفي المستقبل المنظور، سيتم تكثيف الانقسام الطائفي في لبنان والعراق، ومن المحتمل أن يتدهور الوضع إلى صراعات طائفية في جميع أنحاء الشرق الأوسط في وقت لاحق.
إقرا المزيد من تعليقات خاصة لصحيفة الشعب اليومية أونلاين

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/