تحليل اخباري : الرئيس المصري المؤقت.. أولويات وتحديات

بقلم/ عماد الأزرق

القاهرة 6 يوليو 2013 (شينخوا) حدد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين أهم الأولويات التي ستفرض نفسها على أجندة الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور، وكذلك أهم التحديات التي تواجهه في بداية توليه مهام منصبه .

وتولى عدلي منصور مهام منصبه الخميس الماضي بعد أن أدى اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا ، طبقا لـ"خارطة المستقبل" التي أعلنتها القوات المسلحة يوم الأربعاء الماضي.

واصدر منصور أمس الجمعة في أول ايام توليه منصبه اعلانا دستوريا تم بمقتضاه حل مجل الشورى ، الذي كان يتولى مهمة التشريع مؤقتا لحين انتخاب مجلس النواب، حسب دستور 2012 الذي تم تعطيله بموجب خارطة المستقبل.

كما أصدر أمس قرارين بتعيين محمد أحمد فريد رئيسا للمخابرات العامة المصرية ، وتعيين محمد رافت شحاتة مستشارا لرئيس الجمهورية لشئون الأمن ، وقرر كذلك تعيين المستشار على عوض محمد صالح مستشارا دستوريا له ، والدكتور مصطفى حجازي مستشارا سياسيا له .

وأكد المحللون على أن تشكيل حكومة قوية ، وتعديل الدستور واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تمثل اهم اولويات الرئيس المؤقت، فيما تمثل المصالحة الوطنية، والأزمة الاقتصادية أهم التحديات التي ستواجهه.

ويرى الدكتور محمد السعيد ادريس أن الرئيس المصري المؤقت سيكون ملزما بخارطة الطريق أو خريطة المستقبل التي توافقت عليها قوى سياسية ودينية وأعلنها الجيش المصري.

وأضاف ادريس لوكالة أنباء (شينخوا) أن اولى أولويات الرئيس هو تشكيل حكومة تكنوقراط قوية على قاعدة من الكفاءة والاقتدار يمكنها التصدي للمشاكل التي تعيشها مصر وخاصة المشاكل الاقتصادية والأمنية منها.

وتشهد مصر على الصعيد الأمني انفلاتا كبيرا منذ ثورة 25 يناير 2011 ، وشهدت الكثير من الجرائم وعمليات القتل والخطف والترويع والسرقة، على الرغم من تغيير العديد من وزراء الداخلية دون تحقيق نتيجة مرجوة .

كما شهدت مصر منذ ذلك التاريخ ، تراجعا اقتصاديا في مختلف المجالات سواء فيما يتعلق بتراجع الاستثمار الاجنبي والمحلي، أو تراجع السياحة، أو تدني الاحتياطي الأجنبي بشكل كبير، أو التوسع في القروض الأجنبية، وزيادة معدلات التضخم والبطالة، وتدني معدلات النمو.

وعاني المصريون في السنوات الأخيرة من أزمات كثيرة، خاصة في موارد الطاقة، فشهدت مصر أزمات ونقصا في البنزين والسولار والبوتاجاز، وعانت من الانقطاع المستمر في الكهرباء الى غير ذلك.

وتابع ادريس أنه مرتبط بتشكيل الحكومة تعيين محافظين جدد على نفس الدرجة من الكفاءة والقدرة على حل مشاكل المواطنين والتعامل مع متطلبات المرحلة.

واوضح أن تشكيل لجنة لادخال تعديلات جديدة على المواد التي تشهد معارضة في الدستور المعطل والذي اقر العام الماضي وسط خلافات كبيرة، ستكون من أولويات الرئيس حيث سيتم الاستفتاء على هذه التعديلات، يعقبها اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

واشار الى أن "كل القوى السياسية المدنية في مصر كانت تطالب في اعقاب ثورة 25 يناير بأن يتم اعداد الدستور أولا ثم اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ولكن القوى الاسلامية انذاك عارضت ذلك، وها نحن بعد عامين ونصف نعود لنفس النقطة لنسير بنفس الترتيب المنهجي".

أما فيما يتعلق بأهم التحديات التي تواجهها، قال المصالحة الوطنية تحدي كبير لا يواجه الرئيس فحسب وانما يواجه الأمة المصرية باثرها، فإن لم تتغلب على هذا التحدي باسرع وقت، فانه سيلقي بظلاله على مصر لسنوات عدة.

وتابع أنه بالاضافة لذلك فهناك التحديات الأمنية والاقتصادية، والتي سيكون لزاما على الحكومة الجديدة مواجهتها، ووضع خطط عملية لضمان السيطرة عليها بعد فشل الحكومات التي أعقبت ثورة 25 يناير في ذلك ما ادي إلى استنزاف مصر اقتصاديا وماديا.

وتشهد مصر منذ 26 يونيو الماضي حالة من الحشد المتبادل المؤيد والمعارض للرئيس المعزول محمد مرسي، تخللها أعمال عنف واقتحامات لمؤسسات حكومية، اشتباكات عنيفة قتل خلالها العشرات واصيب أكثر من ألفي شخص.

من جانبه، أكد الدكتور فخري الطهطاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الرئيس المؤقت هو رجل قانون بالاساس، وبالتالي فإن الملف الدستوري والقانوني سيحظى بأولوية عنده، خاصة ما يتعلق بتشكيل لجنة من الخبراء الدستوريين لاعداد مواد دستورية بديلة عن المواد المختلف عليها بالدستور الذي تم تعليق العمل به، بالاضافة الى اعداد اعلانات دستورية لتيسير أمور الدولة خلال الفترة الانتقالية.

واضاف الطهطاوي لوكالة انباء (شينخوا) أنه سيكون من اولويات الرئيس المؤقت كذلك تشكيل الفريق الرئاسي له على أن يكون هذا الفريق قليل العدد عميق الرؤية وذلك لمعاونته في ادارة شئون الدولة المصرية.

واوضح أنه على الرئيس المؤقت تغيير منهج الادارة ووضع خطة سريعة لاحتواء الضرر البالغ الذي اصاب قطاعات واسعة من الدولة المصرية داخليا وخارجيا، والتحرك بسرعة واستخدام الحلفاء الطبيعيين لمصر لمساعدتها في هذه التحركات.

وحول التحديات والمشاكل التي يمكن أن تواجهه فقد حذر الطهطاوي من تكرار أخطاء النظام السابق من غياب الانسجام والتفاهم بين الفريق الرئاسي للرئيس، وتركيزه وتغليبه كونه رجل قانون على الجوانب القانونية على حساب الجوانب الاخرى.

وأضاف أنه هناك تحدى هام أمام الرئيس المؤقت وهي الحفاظ على أهم مكتسب موجود حاليا، وهو تأييد بعض التيارات الاسلامية مثل حزب النور والدعوة السلفية، والعمل على احتوائه وعدم استفزازهن والعمل على استخدام فهم هذه التيارات المستنيرة لممارسة السياسة والدعوة في خدمة الصالح العام.

وقال إن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستشكل مشكلة فقط اذا ماحدث اقصاء للأحزاب ذات المرجعية الدينية، وأنه لابد من السيطرة عليها، وعدم تشويه كل ماهو اسلامي سواء بقصد أو بدون قصد، كما لايجب السماح باظهار الوجه الغير سليم للاحزاب الليبرالية، بمعنى انضباط الخطاب السياسي والانتخابي، حتى لا يقعوا في نفس ما انتقدوه سابقا، وعدم استخدام الفزاعات الدينية.

واوضح أنه اذا استطاع أن يوظف بثقة اداة الاسلام المعتدل الممثل في حزب النور والدعوة السلفية والاستثمار فيها وعدم استفزازها سواء بسياسات أو شخصيات فانها ستكون اما قناة للتواصل مع التيارات الاسلامية الاخرى، أو ابراء للذمة بعدم اقصاء الاسلاميين أو معاداة الاسلام .

وأكد على أنه لابد من تشكيل حكومة تحظى بثقة جميع القوى السياسية وخاصة الاسلامية منها لتشجيعها على الاستمرار في التحالف مع القوى المدنية وعلى متصدري المشهد السياسي من "عقول منتهية الصلاحية"، أن يستشعروا "حمرة الخجل" ولا يتصدروا المشهد السياسي مرة أخرى حتى لا يفسدوه وأن يحترموا هذا الشباب الذي نجح في تغيير وجه مصر مرتين أول أكثر خلال عامين ونصف.

/مصدر: شينخوا/