تحقيق إخباري: جني الرمان الصيداوي من أخطر المهن شرقي العراق

بعقوبة، العراق 3 نوفمبر 2013/ دفع تنامي خطر الجماعات المسلحة في محيط إحدى المناطق الزراعية بمحافظة ديالى شرقي العراق إلى جعل مهنة جني ثمار الرمان من أخطر المهن، ما دفع بالمزارعين إلى ارتداء سترات واقية من الرصاص وحمل البنادق أثناء قطف الثمار.

وقال حارث الربيعي مدير ناحية (أعلى مسئول اداري) ابي صيدا (30 كم ) شمال شرق بعقوبة، مركز محافظة ديالى لوكالة أنباء (شينخوا) " إن تنظيمات مسلحة عدة من بينها القاعدة تحاول فرض ارادتها والهيمنة على بساتين شاسعة من الرمان في محيط البلدة منذ أشهر عدة "، مؤكدا تسجيل العديد من حوادث قتل المزارعين عبر اطلاق نار مباشر او تفجير عبوات ناسفة.

وأضاف إن " جني ثمار الرمان الصيداوي (نسبة إلى بلدة ابي صيدا) بات من اخطر المهن لانها تتطلب من المزارعين اليقظة والانتباه عند دخول بساتينهم لانهم قد يتعرضون في اية لحظة إلى هجوم مباغت من قبل المسلحين"، داعيا إلى ضرورة تحرك القوات الامنية لتطهير البساتين من الجماعات المسلحة وايقاف هجماتها.

من جانبه، وصف المزارع ابراهيم التميمي (42 عاما) الذي كان يحمل في يده اليمنى بندقية كلاشنكوف روسية الصنع، الدخول إلى بساتين الرمان، مثل الدخول إلى ارض المعركة او الارض الحرام في الحرب لاننا قد نواجه في اية لحظة عملية قنص او استهداف بواسطة العبوات الناسفة، على حد تعبيره.

وتابع التميمي ان " اغلب المزارعين باتوا يحملون الاسلحة والبعض يرتدي سترات واقية خاصة ممن لديه ابناء في القوات الامنية، لحماية نفسه اذا تعرض لاي هجوم مباغتا اثناء قطف الثمار".

اما المزارع نعمان الربيعي (50 عاما) فقد اقر بان اكثر من 70 بالمائة من محصول الرمان لم يتم جنيه حتى هذه اللحظة بسبب خطورة الوصول الى البساتين من قبل المزارعين، ما يعني انه معرض للتلف، لافتا الى ان تلف المحصول سيؤدي الى خسائر جسيمة للمزارعين الذين يعتمدون على موسم جني المحصول لتأمين قوت اسرهم.

واوضح الربيعي ان خطر التنظيمات المسلحة برز في داخل البساتين الزراعية التي تبلغ مساحتها اكثر آلف دونم (الدونم يساوي 2500 متر مربع) منذ اشهر معدودة وباتت هذه البساتين احدى مراكز انتشار هذه الجماعات وانطلاقها نحو المناطق الامنة بشن الهجمات عليها.

بدوره، أكد المزارع شاكر حميد البياتي (36 عاما) ان مئات الاسر تعتمد على محصول الرمان لتأمين رزقها، إلا ان تواجد الجماعات المسلحة منعها من الوصول الى البساتين وجني الثمار، مبينا ان احد اقرباءه جنى محصول الرمان قبل عدة ايام في بستانه لكنه تعرض إلى انفجار عبوة ناسفة ادت الى تدمير مركبته واصابه بعض افراد اسرته بجروح، لافتا إلى أن الثمن الذي حققه من بيع الرمان صرفه على علاج افراد اسرته المصابين واصلاح مركبته.

وأكد البياتي أن جني محصول الرمان الصيداوي بات من اخطر المهن في ابي صيدا، لانه يدفع المزارعين الى حمل السلاح والتوجه الى جبهات القتال الحقيقية، حسب تعبيره.

إلى ذلك، قدر المهندس الزراعي علاء الخيلاني كمية ما ينتج من محصول الرمان ضمن ناحية ابي صيدا باكثر من الف طن سنويا وهي كمية كبيرة جدا توفر احتياجات الاسواق المحلية.

وأضاف الخيلاني إن " انتاجية الرمان انخفضت في السنوات الخمسة الماضية بنسبة 40 بالمائة بسبب الجفاف والعنف والافات الزراعية، الا انن العام الجاري شهد انخفاض كبير جدا بسبب عدم قدرة المزارعين على جني المحصول نتيجة الهواجس الامنية وبروز خطر الجماعات المتشددة.

على صعيد متصل، قال رئيس اللجنة الامنية في البلدة، عواد الربيعي "ان الاجهزة الامنية عثرت قبل نحو اسبوع على معسكر مؤقت للقاعدة يحوي ورشة متخصصة بصناعة العبوات الناسفة اضافة الى كميات من الاسلحة والاعتدة داخل بستان زراعي قرب قرية المخيسة التابعة للبلدة".

وتابع الربيعي ان" المعسكر كان يمثل مصدر شر لجميع المناطق" لافتا إلى أن محاولات القاعدة استهداف المزارعين ومنعهم من الوصول الى بساتينهم جاءت للسيطرة عليها وجعلها اوكار للانطلاق والتدريب والاختباء، داعيا إلى موقف قوي من قبل القوى الامنية لتطهير البساتين واعادة الطمأنينة للمزارعين لممارسة اعمالهم الطبيعية.

واعترف مصدر امني في البلدة بان نشاط تنظيم القاعدة وبعض حلفائها برز بشكل لافت في الاشهر الـ 6 الماضية خاصة في بساتينها الشرقية التي تمتاز بكثافة اشجار الرمان والنخيل والحمضيات.

واضاف المصدر ان " 20 مزارعا سقطوا بين قتيل وجريح في اطلاق نار وانفجار عبوات ناسفة اضافة الى مقتل واصابة 13 من افراد القوات الامنية اثناء محاولاتهم تأمين البساتين ومواجهة الجماعات المسلحة".

وأشار المصدر إلى أن محاولة التنظيمات المسلحة فرض هيمنتها في البساتين جاء لانها تعد منطقة إستراتيجية تربط العديد من المناطق وتضمن حرية التنقل في محيط زراعي يمتد لنحو (20 كم) يصل الى حدود بعقوبة من الجهة الشمالية الشرقية، مؤكدا وجود خطط امنية سيتم تطبيقها بالفترة المقبلة لتامين البساتين وتطهيرها من الجماعات المسلحة.

ويعد الرمان الصيداوي من أجود أنواع الرمان في محافظة ديالى، التي تشتهر بالرمان والبرتقال، ويوفر سنويا مئات الاطنان التي تسد حاجة جزء من الاسواق المحلية وخاصة في بعقوبة والعاصمة بغداد.

/مصدر: شينخوا/