تحليل أخباري : الأزمة السورية في عامها الرابع ذاهبة في اتجاه الحل السياسي مع تفاقم الوضع الإنساني

دمشق 15 مارس 2014 /مع دخول الأزمة السورية عامها الرابع يرى الكثير من المحللين السياسيين في سوريا أن الازمة السورية، رغم التعقيدات الحاصلة في المشهد السياسي ، إلا أنها ما تزال ذاهبة باتجاه الحل السياسي ، خاصة بعد أن حقق الجيش السوري تقدما مهما في بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة وتعتبرها استراتيجية بالنسبة لها ، ولكن مايثير القلق فعلا بعد مضي ثلاث سنوات، هو تفاقم الازمة الإنسانية بسبب نزوح الكثير من السوريين من بيوتهم بسبب الاشتباكات التي وقعت ، ووجود نقص حاد في الأدوية نتيجة تخريب معامل الأدوية والمستشفيات في عموم المناطق السورية .

ويؤكد الخبراء والمحللين السياسيين أن الأزمة السورية لم تعد أزمة محلية بيد السوريين ، بل أصبحت أزمة متعددة الأطراف ، وباتت معقدة ، لتشعب التدخل فيها إقليما ودوليا ، ولكن حدوث التوافق الدولي بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية خلال الأشهر الماضية من السنة الثالثة من الأزمة ، تم استبعاد شبح التدخل العسكري الأجنبي ، وأفسح المجال أمام الحل السياسي بعد إدراك الجميع أن الحل السياسي هو الحل والأوحد لها .

وأكد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السورية في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ( شينخوا ) بدمشق( الثلاثاء) الماضي أن الحكومة السورية تريد حل الأزمة السورية " حلا سياسيا الأمس قبل اليوم ، واليوم قبل غد".

وأضاف المقداد أن سوريا " صمدت خلال السنوات الثلاث الماضية ، وهي تعمل من أجل دحر هذه المؤامرة عليها ،" ، مؤكدا أن " سيادة سوريا وحدة وأرض وشعب هي الفكرة التي مازلنا نعمل من أجل ترسيخها".

وأشار إلى أن هناك " انجازات حقيقة على أرض الواقع يحققها الجيش العربي السوري وقوات الدفاع والمصالحات التي تتم بكل أرجاء سوريا والرغبة العارمة لدى القيادة السورية في حل الأزمة السورية حلا سياسيا " ، مستدركا قائلا " أؤكد أن حربنا على الإرهاب وانتصارنا عليه هو انتصار لكل دول وشعوب العالم".

ومن جانبه قال شريف شحادة النائب في البرلمان السوري اليوم ( السبت ) في تصريحات لوكالة ( شينخوا ) بدمشق إنه " بعد مرور ثلاث سنوات من عمر الأزمة السورية بات الجميع يدرك أن ما حصل في سوريا ليس له علاقة بالإصلاح والتغيير السلمي وبالمطالب المحقة للشعب السوري ، ما حدث هو تخريب وأعمال إرهابية بامتياز ، وليس له علاقة بالحراك الشعبي".

وأضاف النائب السوري " الأزمة السورية ذاهبة في اتجاه الحل السياسي .. لأن الشعب أدرك خلال الثلاث سنوات أنه الخاسر الأكبر في هذه الأزمة " ، مشيرا إلى أن مسار التسوية هو الطريق الذي يجب أن يسلك رغم صعوبته بسبب الضغوط الغربية على سوريا .

وبدوره أكد علي حيدر وزير المصالحة الوطنية في سوريا في تصريحات لوكالة أنباء ( شينخوا ) بدمشق أن " العمل العسكري والسياسي والدعم المالي للمسلحين يؤخر الحل السياسي ، وهذا بإرادة الدول التي تدعم وليس بالإرادة السورية التي تريد حلا سياسيا".

واشار حيدر إلى أن الصراع اليوم " بين إرادات ، فنحن مع العملية السياسية والشعب السوري مع العملية السياسية ويريدون الخروج من الأزمة السورية بحل سياسي ولكن هناك جزء من إرادة دولية لدول معتدية على سوريا سابقا تريد ان تعطل هذا الحل السياسي".

ويشار إلى أن سوريا شاركت في جولتي مفاوضات مؤتمر جنيف 2 الذي عقد في 22 يناير الماضي ، دون أن يحرز أي تقدم ملحوظ ، حيث يصر الوفد الحكومي السوري على جعل مكافحة الإرهاب أولوية ومقدمة لأي حل سياسي ، في حين يصر وفد الائتلاف السوري المعارض على تشكيل هيئة حكم انتقالي ، ويتبادل الطرفان مسئولية إفشال مفاوضات جنيف 2 .

وعلى الصعيد الميداني يرى الباحث الاستراتيجي تركي الحسن أن المراهنة على الحل العسكري بصنفيه الداخلي والخارجي لم يحقق أي نتيجة بسبب صمود الجيش السوري ، واستعادة سيطرته على الكثير من المناطق الاستراتيجية لمقاتلي المعارضة المسلحة .

وقال الباحث الاستراتيجي الحسن في تصريحات لوكالة ( شينخوا ) بدمشق " عندما نتحدث عن مرور ثلاث سنوات مع وجود عشرات الالاف من المسلحين اصحاب الخبرة القتالية ، واشتراك 83 دولة في تصدير هذا الإرهاب ، يعني هذا عجز الاتفاق على كل ما تم الانفاق علية من عشرات ملايين الدولارات ، والعجز الدبلوماسي ، بأخذ سوريا عبر استثمار مجلس الامن الدولي وغيره من المنظمات الدولية ، كمنصة متقدمة للتدخل في الشؤون السورية والعجز عن اي شيء يمكن البناء عليه".

وتابع الحسن يقول " بالتالي المراهنة على الحل العسكري بصنفيه الداخلي والخارجي تقوض تحت ضربات وتقدم الجيش السوري ميدانيا على الأرض".

ومنذ ربيع العام 2013، وبعد سلسلة من التراجعات امام هجمات مقاتلي المعارضة، انتقل الجيش السوري الى الهجوم، بعدما تلقى دعما حاسما من عناصر من حزب الله اللبناني ومقاتلين عراقيين مدربين على يد الحرس الثوري الايراني .

وكان الجيش السوري قد تمكن من استعادة السيطرة على مدينة القصير بريف حمص ( غربا ) في يونيو الماضي ، وهذا تقدم استراتيجي هام للجيش السوري ، واستعاد السيطرة على بعض المناطق في ريف دمشق شرقا وجنوبا وشمالا ، والأن بات يطوق مدينة "يبرود" التي تعد أخر معقل لمقاتلي المعارضة المسلحة بريف دمشق ، كما سيطر على عدة مناطق في بريف حلب المحيطة بمطار حلب الدولي ، استعادة السيطرة على مدينة السفيرة بحلب ايضا .

وعلى الصعيد الإنساني ، فهناك تدهور ملحوظ في هذا الجانب ، بسبب الاشتباكات الدائرة في عموم المناطق بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة من جهة وبين بعض فصائل المعارضة المتشددة وعناصر من الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش).

وقالت المتحدة باسم برنامج الغذاء العالمي عبير وطفة في مقابلة خاصة مع وكالة ( شينخوا ) بدمشق اليوم إن " الأزمة السورية دخلت في مرحلة أصبح من الصعب على الكثير من الاسر التعامل والتعايش مع هذه الأزمة "، مشيرة إلى أنه ليس من المناسب الحديث عن تخفيض حجم المساعدات .

وأضافت " إذا لم يكن هناك حل سياسي سريع ، فيجب أن يكون هناك على الأقل حل إنساني ويجب أن يكون هناك استمرار في تقديم المساعدات الإنسانية ونأمل في هذا العام ونحن على عتبة العام الرابع أن يكون أخر عهدنا بالأزمة السورية وأن يتعافى المجتمع السوري وأن يعود المجتمع بصورة طبيعية ". تابعت تقول إن " البرنامج بحاجة إلى ملياري دولار أمريكي للوفاء بالتزاماته تجاه الاسر التي تأثرت بالأزمة السورية".

ومن جانبه اعتبر شريف شحادة أن سبب تفاقم الوضع الانساني يعود إلى هناك دول كبرى ودول إقليمية وعربية كانت تعرقل وصول المساعدات الانسانية إلى الكثير من المناطق ، مؤكدا أن معظم الدول عملت على تسييس الشأن الانساني لأغراض باتت معروفة لدى القاصي والداني .

وسبق أن حذرت الأمم المتحدة من أن عدد اللاجئين السوريين قد يصل إلى حوالي 4,10 مليون لاجئ بحلول نهاية 2014، مناشدة الدول المانحة بتوفير 6,5 بليون دولار لسوريا والدول المجاورة لتقديم المساعدة لإجمالي 16 مليون شخص تضرروا جراء الصراع، في حين دعت دول غربية لإعادة توطين لاجئين على أراضيها.

ومن جانبه قال الطبيب السوري بهجت عكروش لوكالة ( شينخوا ) بدمشق إن " الازمة السياسية على سوريا والعقوبات التي فرضت على سوريا أثرت بشكل أو بأخر على كل القطاعات وتعطلت الاجهزة الطبية ولم يعد هناك كوادر طبية بسبب الهجرة والتهجير القسري للاطباء وتدمير معامل الادوية والنقص الحاد في الاودية الحاصل خلال السنوات الثلاث من عمر الازمة اثر بشكل سلبي عل القطاع الصحي في سوريا ، ولكنه مازال يقوم لحد الأن بالحد الادنى بالخدمات المطلوبة تجاه المواطنين ".

وتعرض القطاع الصحي لخسائر جسيمة خلال العام الماضي بسبب الأحداث الحالية، بلغت حتى 6 مليارات ليرة (نحو100 مليون دولار). إذ بلغ عدد المستشفيات التي خرجت من الخدمة 32 مستشفى، إضافة إلى تضرر 20 مستشفى من حيث الأبنية أو سرقة الأجهزة الضرورية فيها من أصل 124 مستشفى كان متوزعا على المساحة الجغرافية للقطر. يتبع منها 92 لوزارة الصحة، والباقي للوزارات الأخرى، جزء منها مستشفيات تخصصية عامة. وقد كان آخرها مستشفى السلمية الذي بلغت تكلفة ترميمه حتى الآن 250 مليون ليرة، إضافة إلى تضرر 400 سيارة إسعاف ، بحسب ما أكده رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي في ديسمبر الماضي .

وتبنى مجلس الأمن، أواخر فبراير الماضي، قرارا يقضي بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى كافة الأراضي السورية، ووضع حد لقصف المناطق السكنية ورفع الحصار عن المدن والبلدات، ويتهم الحكومة والمعارضة على حد سواء بارتكاب "فظائع ضد المدنيين"، كما تضمن العزم في حال عدم الاستجابة للمطالب باتخاذ خطوات إضافية على أساس تقرير طلب أمين عام الأمم المتحدة.

وبدأت الأزمة منتصف مارس 2011 بتظاهرات احتجاجية ضد النظام، تحولت بعد اشهر إلى نزاع دام اتسع بشكل كبير منذ فبراير 2012، لا سيما مع بدء المعارك في حمص (وسط).

/مصدر: شينخوا/