تعليق: تسريبات سنودن تتعلق بالمصالح الوطنية الصينية

صرح عميل الإستخبارات الأمريكية السابق سنودن الذي "فر" إلى هونغ كونغ لوسائل الإعلام، بأن الحكومة الأمريكية قد إقتحمت شبكة الحواسيب في هونغ كونغ والبر الرئيسي الصيني منذ فترة طويلة. وعلى ضوء ذلك فإن الصين يجب أن تطالب الحكومة الأمريكية بتقديم تفسيرات.

ويرى البعض أن سنودن قد أصبح قضية شائكة بين الصين وأمريكا، ويعتقدون بأن مسألة تسليمه إلى الحكومة الأمريكية ستكون إختبارا للحكومة الصينية المركزية. وهذا في الحقيقة إعتقاد منطقي، حيث تتميز العلاقات الصينية الأمريكية بوضع جيد في الوقت الحالي، ولايرغب الجانبان الرسميان في أن يتغير مجرى وضع العلاقات.

لكن،مراعاة العلاقات الصينية الأمريكية يجب ألا " تجاهل كل التفاصيل"،فالصين يجب ألا تتخلى عن فضاء ومرونة مناقشة الأشياء كل على حدى مع أمريكا. وقد بادر سنودن بالكشف على أن الحكومة الأمريكية قامت بمهاجمة شبكة الإنترنت في هونغ كونغ والبر الرئيسي الصيني، وهي تصريحات تتعلق بالمصلحة الوطنية الصينية. وربما مازال بحوزته المزيد من الأدلة، لذلك يجب على الحكومة الصينية أن تسمح له بتقديمها،وتجرى مفاوضة علنية أو داخلية مع الولايات المتحدة حسب إذا كان قد تم الكشف عن تلك الأدلة أم لا.

واذا قامت الصين بهذا فإنه لن يمثل صدمة للعلاقات الصينية الأمريكية. ولوافترضنا أنه حصل العكس، ولجأ أحد الموظفين الصينيين إلى أمريكا وبحوزته معلومات إستخباراتية، فماذا ستفعل الحكومة الأمريكية حينئذ؟ لذلك، على الصين أن تفعل نفس الشيء. ولاشك بأن العلاقات الصينية الأمريكية لديها قدرة تحمل مثل هذه القضايا.

العلاقات الخارجية للدول الكبرى تفترض أولا إحترام النفس. لكن هناك من الباحثين الصينيين من يرى بأن على الصين ترحيل سنودن مراعاة لعلاقات الدول الكبرى بين الصين وأمريكا. لكن هذا النوع من العلاقات بين الصين وأمريكا في حاج إلى أن تنبني على الإحترام المتبادل، وفي حاجة أكبر إلى أن تحترم الصين نفسها. فسنودن هو "مجرم" سياسي في أمريكا لكن مايفعله فيه خير لـ"العالم". لذا، يجب ألا يكون قضية شائكة، بل أن يكون درسا تجريبيا في مجال تأسيس نوع جديد من علاقات الدول الكبرى بين الصين و أمريكا.

من جهة أخرى على الحكومة الصينية المركزية وحكومة هونغ كونغ التفكير جيدا في رد فعل الرأي العام، حيث لاشك بأن ترحيل سنودن إلى أمريكا سوف لن تلقى ترحيبا من الرأي العام في عموم الصين.

كشف سنودن عن بعض التحركات التي لايعلمها الكثير عن الحكومة الأمريكية. حيث قدم لنا معلومات تزيد في معرفتنا عن فضاء الإنترنت، وتعزز فهمنا لعصر الإنترنت. وفي ظل القدرات الخارقة التي تتميز بها تكنلوجيا الإنترنت، من المتوقع أن تصبح قدرة أمريكا على الهجوم والدفاع الإلكتروني ميزة أكثر بروزا من قدراتها الدفاعية التقليدية.

وقد عرفنا الآن مدى حدة "الرمح" الإلكتروني الذي تمسكه أمريكا، كما عرفنا أيضا أن أكبر 9 شركات إتصالات أمريكية أصبحت تساعد الجهود الإستخباراتية للحكومة الأمريكية، وما عرفنا أكثر هو أن أمريكا لاتكتفي بالنفاق والمعايير المزدوجة فقط، بل تفعل مايحلو لها دون أن تبالي بمواقف الآخرين. ومع ذلك، كانت أمريكا دائما تظهر في ثوب الضحية متهمة الحكومة الصينية بدعم الهجمات الإلكترونية ضدها. وبعد تسريبات سنودن أصبح من الصعب تخيل مدى حجم الهجمات الإلكترونية التي تقوم بها الأطراف المدعومة من الحكومة الأمريكية ضد الصين.

ويبدو أن أمريكا بصدد توحيد وتنظيم مختلف القوى ذات الصلة بالإنترنت لتشكيل "قبضة قوية" ترسل "اللكمات" إلى الخارج، لتتفرد أمريكا بهذه الصفة في العالم. حيث تجدر الإشارة إلى أن قوة أمريكا على النيْل من الدول الأخرى إلكترونيا ليست بسيطة كما نتصورها، لذلك فإنه مع تطور وتغير فضاء الإنترنت، يجب أن يرتفع مستوى فهمنا وإستعمالنا لها بإستمرار.

وتكمن الهيمنة الأمريكية على فضاء الإنترنت في تفوقها في مجال البرمجيات، وجودة القطع الإلكترونية إلى جانب وسائل التحليل. في حين مازالت نجاحات صناعة الإنترنت في الصين مقتصرة على السوق فحسب، في لاتزال التقنيات الرئيسية متأخرة وهي تعد مكمن الضعف. كما تنتظر الصين طريق طويلا وشاقا في تحديث هذا المجال.

يعد سنودن "كرتا" دق على أبواب الصين، ورغم أن الصين ليس لديها لاتجربة ولاعادة لعب هذه الأوراق. لكن يجب ألا يتضح في النهاية أن سنودن قد اختار "المكان الذي يجب ألا يذهب إليه" بعد هروبه إلى هونغ كونغ،لذلك، يجب مراعاة وضع سنودن على الأقل.

الصين دولة كبرى، والعلاقات الصينية الأمريكية يجب أن تشمل احترام مكانة الصين كدولة كبرى. وعلى هذا الأساس يمكن أن تتطور العلاقات الصينية الأمريكية بطريقة صحية.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/