تعليق: الأزمة السورية والتحولات في القضية النووية الإيرانية

فشلت مجموعة الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن الدولي و محادثات ألمانيا "5 +1" في تحقيق أي تقدم حقيقي بشأن القضية النووية الإيرانية طيلة ست سنوات، ولكن تخلي سوريا المفاجئ عن أسلحتها الكيمائية هذا الشهر، سمح للولايات المتحدة وإيران النظر إلى نقطة تحول لحل هذه المشكلة، في ظل محاولة إيران تجنب تعرضها لضربة عسكرية، ومحاولة الولايات المتحدة كسب النجاح وتجنب القتال مع الجنود الإيرانية.

سيصل الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى نيويورك يوم 24 سبتمبر الجاري لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكشفت قناة فوكس نيوز يوم 17 سبتمبر الجاري عن احتمال عقد اجتماع مباشر غير رسمي بين الرئيس الإيراني حسن روحاني و نظيره الرئيس الأمريكي باراك اوباما، مع العلم أنه لم يجتمع رئيس أمريكي بزعيم إيراني كبير منذ الإطاحة بالشاه عام 1979 .

وبالرغم من رفض الحكومتين الأمريكية والإيرانية التعليق عن الخبر، لكن في مقابله مع قناة (ABC ) الأمريكية يوم 15 سبتمبر الجاري أكد اوباما لأول مرة عن وجود اتصالات بينه وبين روحاني من خلال تبادل الرسائل. وقال اوباما:" تم إرسال رسائل شفوية وكتابية بيني وبين روحاني، لكن لم نتحدث بصورة مباشرة".

يشير موقف اوباما والاستجابة الايجابية لروحاني لاحقا إلى أن الحكومة الإيرانية على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي لحل القضية النووية . وبالرغم من تأكيد روحاني بأن إيران لن تضحي بحقوق إيران ومصالحها الوطنية"، إلا أن هذا الموقف أكثر ايجابية لاستئناف المفاوضات بشأن القضية النووية منذ تولي منصبه الجديد.

استنساخ النموذج السوري من القضية الإيرانية

يعالج اوباما إطلاق روحاني "محادثات السلام " الصادقة لحل القضية النووية الإيرانية بوجهين. حيث لا ينسى اوباما بالإضافة إلى مواصلة تعزيز المحادثات النووية من خلال الرسائل الخارجية، وتحذير الحكومة الإيرانية من الإساءة إلى تطبيق الأحكام العادلة في الأزمة السورية وخاصة " تخلي سوريا عن الأسلحة الكيميائية."

وقال باراك اوباما أن ما يقلقه هي قراءة إيران الخاطئة للولايات المتحدة، وأن تعتقد أن عدم ضرب سوريا يعني عدم ضرب إيران أيضا! كما يأمل اوباما أيضا أن يقيض تخلي سوريا عن الأسلحة الكيميائية وعي الإيرانيين، وحل المشكلة من خلال النقاط المتشابهة وأيضا من خلال القنوات الدبلوماسية. وحذر اوباما قائلا:"رأي الشخصي هو أنه طالما هناك تهديد كافي باستخدام القوى، بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية ، فمن الممكن التوصل إلى اتفاق."

ويعترف اوباما بأن النموذج السوري يمكن أن يحل القضية النووية الإيرانية. ويعتقد أن التعاون مع روسيا في مسألة الأسلحة الكيميائية في سوريا يفتح أفكار جديدة لحل القضية النووية الإيرانية. وقال اوباما: "إذا أرادت إيران المشاركة أيضا، وإدراكها بان التمسك بتطوير الأسلحة النووية يضر المنطقة بأسرها، فإن الولايات المتحدة سوف تعمل مع القادة الإيرانيين في المستقبل."

لكن أوباما أشار أيضا إلى أن الأزمة النووية الإيرانية معقدة للغاية مقارنة مع الأسلحة الكيميائية السورية، ويشكل حيازة إيران للأسلحة النووية تهديد قريب للمصالح الجوهرية لاسرائيل.

وطار وزير الخارجية الأمريكي إلى القدس مباشرة بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين موسكو وواشنطن يوم 15 سبتمبر الجاري في جنيف بشان تفكيك الأسلحة الكيميائية السورية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إزاء اتفاق أمريكي روسي حول الأسلحة الكيماوية السورية، أن هذا الاتفاق لن يغير إصرار الولايات المتحدة على منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية.

وعلى الرغم من عدم تحديد موعد استئناف جولة جديدة من محادثات "5 +1" حتى الآن،إلا أنه من الممكن أن تقوم الدول ذات الصلة إجراء الاتصالات الأولية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في منتصف الشهر الجاري.وإن احتمالات عقد رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني ما يسمى بـ " اجتماعات غير رسمية"، يمثل معلما هاما في تحول الطريق المسدود للمحادثات النووية الإيرانية.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/