تعليق: المتغير والثابت في العلاقات الأمريكية الإيرانية

بدأ الضباب الذي كان يغيم على العلاقات الأمريكية الإيرانية ينقشع شيئا فشيئا خلال الفترة الأخيرة. حيث تشير التقارير إلى أن حكومة طهران قامت بإزالة اللافتات المعادية لأمريكا بشوارع إيران. ورأت وسائل إعلام في ذلك علامة على إمكانية ظهور تحول جذري في العلاقات الأمريكية الإيرانية. لكن العديد من المحللين يعتقدون أن ذوبان الجليد بين البلدين قد يحتاج إلى فترة أطول.

تسبب الملف النووي في تعرض إيران لعقوبات دولية ثقيلة أدت إلى ضغوط ثقيلة على الإقتصاد الإيراني، حيث تراجعت الصادرات النفطية إلى النصف وهوقت قيمة العملة الإيرانية بـ 2|3، وإرتفعت معدلات البطالة والتضخم....واستمر هذا المأزق إلى حدود إعتلاء روحاني السطلة، وهو الذي عكس إنتخابه رغبة الشعب الإيراني في التغيير.

يدرك روحاني جيدا أنه لامجال إلى تخفيف الوضع المتأزم دون إلغاء أوتخفيف العقوبات. لذلك، طلب الحوار مع العالم بعد توليه منصبه، رغبة من في فتح حوار مع أمريكا. وخاصة عملية كسر الجليد التي تمت في سبتمبر الماضي مع الرئيس باراك أوباما، والتي فتحت تفاؤلا حذرا بعودة العلاقات الأمريكية الإيرانية.

وخلال الأزمة السورية فهم روحاني سر تهدئة الوضع المتوتر، لذلك بادرت إيران بإحالة قضية الملف النووي إلى مجلس الأمن، وفي ظل تراخي الموقف الإيراني لم يعد هناك موجبا للموقف الأمريكي الصلب، وما على أوباما إلا التغيير. خاصة وأن روحاني بعد توليه السلطة قام بتشكيل فريق مفاوضات جديد للملف النووي، حيث تعمل إيران على تعزيز شفافية برنامجها النووي، وهذا التنازل منحها فرصة جيدة وأدى إلى التخفيف من حدة الموقف الأمريكي.

استمر الإنفصال في العلاقات الأمريكية الإيرانية طويلا، كما يعد الملف النووي الإيراني ملفا بالغ الحساسية. لذلك فإن تحقيق تقدم في العلاقات خلال وقت قصير يبدو أمرا غير محتملا.

فإيران لديها عزم كبير في الحصول على الحقوق النووية، والى الآن لم تقم بإيقاف أنشطة تخصيب اليورانيوم. حيث يعد تطوير التكنولوجيا النووية سيادة وطنية بالنسبة لإيران، وأحد المظاهر الهامة للتقدم التقني والعلمي في البلاد، فما المانع من من التطوير؟ لكن بالنسبة لأمريكا، فهي تتعامل بحذر كبير مع مواصلة إيران تطوير التكنولوجيا النووية وضمان المراقبة تحت إشراف منظمات دولية شفافة، وعدم توصل إيران إلى إنتاج السلاح النووي، وتسعى إلى إيجان نقطة توازن بين كل هذه العوامل.

وتشير التقارير إلى وحدات الإستخبارات العسكرية الأمريكية تعتقد بأن إيران لاتزال غير صادقة، وترى بأن إعتدال إيران ليس إلا سياسة مماطلة، في حين يتواصل البرنامج النووي الإيراني بعدما تم نقله إلى تحت الأرض، وهذا ما يعني أن المفاوضات المستقبلة على الملف النووي الإيراني ستكون بالغة التعقد. من جهة أخرى، سيكون التقارب الأمريكي الإيراني إختبارا كبيرا لعلاقات أمريكا مع حلفائها في المنطقة خاصة إسرائيل والسعودية. حيث تشعر هذه الدول بالأزمة من التقارب الأمريكي الإيراني، وهو أصبح يطرح صعوبات كبيرة بالنسبة لأمريكا في كيفية الموازنة بين هذه الدول.

وفي ظل هذه البيئة العريضة، فإن الثابت والمتغير في العلاقات الأمريكية الإيرانية سيبقى في حاجة إلى المزيد من الوقت، لكن هناك نقطة يمكن تأكيدها وهي أن العلاقات الأمريكية الإيرانية من السهل أن تكسر الجليد لكن من الصعب أن تذيبه.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/