تعليق: ثلاثة تحديات رئيسية تواجهها أفريقيا عام 2014

احتفل الملايين حول العالم بالانتقال إلى العام 2014 في احتفالات عمت مدنا عدة في آسيا و أوروبا وأيضا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي استقبلت معظم بلدانها من السنغال إلى أوغندا العام الجديد بسلام متمنية تحقيق الرخاء في السنة الجديدة.ومع ذلك، يبقى هناك قلق عميق إزاء الوضع الأمني في بعض البلدان الأفريقية التي أدت الفوضى السائدة فيها إلى ظهور شوارع مغطاة بالجثث وجدران تملؤها ثقوب من الرصاص.

أصبحت الحالة التي استقبلت فيها إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى العام الجديد معاينة للوضع الأمني في المنطقة على مدار عام 2014:حيث تمضي معظم البلدان قدما في مسيرة السلام وتحقيق الاستقرار الدائم، وعدد قليل من البلدان التي يصعب عليها الخروج من مستنقع عدم الاستقرار على المدى الطويل،كما سوف تشهد دول استثنائية سفك دماء كثيرة.وقد يشهد الوضع في المنطقة ثلاث تحديات خلال السنة الجديدة.

أولا، ظلت دول القارة الأفريقية تنأى بنفسها عن تحول أراضى دولها إلى ساحة للحرب على الإرهاب على غرار ما حدث في دول أخرى من العالم، لكن من المحتمل أن يشهد عام 2014 اتساع رقعة التهديدات الإرهابية في المنطقة واعتماد متزايد لسرطان الإرهاب على الأراضي الإفريقية.ومنذ بداية الاضطرابات في غرب آسيا وشمال أفريقيا عام 2011،يزداد تغلغل القوى الإرهابية بسرعة كبيرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى،ويستمر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي، وجماعة "بوكو حرام" الإسلامية في نيجيريا وغيرها من القوى الإرهابية الأخرى في ارتكاب الجرائم الإرهابية في غرب أفريقيا، بالإضافة إلى التواطؤ مع حركة شباب الصومال وغيرها من المعارضات المسلحة في شرق أفريقيا على نحو متزايد.

وقد أدت الهجمات الإرهابية التي صدمت العالم على مركز "ويستغايت" للتسوق بعاصمة كينيا،نيروبي في سبتمبر عام 2013 إلى مقتل 67 شخص. ووفقا للمعهد الملكي البريطاني لدراسات القوات المسلحة في لندن، من المحتمل أن يشكل " قوس عدم الاستقرار" في أفريقيا يمتد من غرب أفريقيا إلى شمال أفريقيا ومن ثم إلى شرق أفريقيا. وإن الالتقاء الحقيقي للقوى الإرهابية مرة واحدة لا يهدد السلام في أفريقيا فقط.

ثانيا،تعاني بلدان عديدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حالة عدم الاستقرار مزمنة، وتزايد الآثار الخطيرة غير المباشرة، وضعف الحكم الداخلي نسبيا، و يمكن بالكاد أن نكون متفائلين حول الوضع الامني..

وقد أدى الوضع المتفجر في جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وغيرها إلى تدفق اللاجئين والضغط على أمن الدول المجاورة. وتظهر بيانات الأمم المتحدة إلى أن النزاع الذي اندلع في جنوب السودان في منتصف ديسمبر من العام الماضي أدى إلى فرار 190 ألف شخص من منزلهم، وتسببت الفوضى التي اندلعت في جمهورية أفريقيا الوسطى في هروب ما يقرب 70 ألف شخص إلى البلدان المجاورة،مما خلق ضغط كبير على أمن دول الجوار الصغيرة مثل الكونغو وغيرها من البلدان الأخرى.

ومن المحتمل أن تتحول بعض الدول في شرق أفريقيا إلى نقطة عبور المخدرات لدول من " الهلال الذهبي" مثل أفغانستان. ويبين تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة التابع لهيئة الأمم المتحدة، تضاعف مضبوطات الهيروين ما يقرب من 10 مرة في إفريقيا خاصة شرق إفريقيا منذ عام 2009. وقال مسؤول بالاتحاد الإفريقي، أن قلق تواطؤ مجرمين المخدرات مع الإرهابيين في تزايد مستمر، وبات هناك حاجة ملحة لمكافحة هذا السم جنبا لجنب مع الإرهاب.

ثالثا،تشهد أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى احتمالات حدوث تقلبات اقتصادية كبيرة، ويشكل التمويل في الوقت المناسب لبناء " جدار الحماية" ،وتسريع إعادة الهيكلة الاقتصادية أولوية للعديد من الدول في المنطقة.

ويستمر نمو الاقتصاد في جنوب الصحراء الكبرى خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2013 توقع تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للفرد 1000 دولار أمريكي في البلدان الإفريقية وتوسيع الطبقة الوسطى،يوفر" حجر الصابورة "من اجل السلام والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، لم يشهد النمو الاقتصادي تغير كبيرا في ظل الهيكل الأحادي للبنية الاقتصادية الإقليمية، وعلل الاعتماد على الصادرات من الموارد والاستثمار الأجنبي.

توقعت وسائل الإعلام الأفريقية مؤخرا أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يسحب التيسير الكمي تدريجيا عام 2014،وقد تتحول رؤوس الأموال الدولية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من تدفق إلى انسحاب، كما يؤدي تخفيف الوضع المضطرب في الشرق الأوسط والتغيرات في عرض وطلب النفط والغاز في السوق العالمية إلى انخفاض أسعار النفط،ومن المرجح أن تؤدي هذه التغيرات الجديدة إلى وقوع جنوب إفريقيا ونيجيريا انغولا وغيرها من النجوم الاقتصادية الإفريقية الأخرى في معضلة تخفيف قيمة عملتها،وتقلص احتياطيات النقط الأجنبي.

لا يزال الناس يثقون بالوضع الأمني في أفريقيا جنوب الصحراء على الرغم من التحديات العديدة. وبعد كل شيء، فإن المنطقة صمدت أمام اختبارات عديدة خلال السنوات الأخيرة، مما يدل على أن حراك أفريقيا نحو الاستقرار والتنمية وتطور ونماء وحلم " النهضة الإفريقية" يتحقق تدريجيا.والعزيمة والحكمة في التنمية في جنوب الصحراء الكبرى يمكن أن تكون مرتفعة،ولدى الناس في هذه المنطقة أسبابهم التي تحقق آمالهم وتطلعاتهم في العام الجديد.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/