بقلم عاشور تشن
بكين 29 أغسطس 2013 / لم تمض أربعة أشهر على أول جولة قام بها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للشرق الأوسط منذ عودته للجلوس على عرش رئاسة الوزراء في ديسمبر الماضي، حتى شرع هذه الآونة في جولة ثانية تستغرق ستة أيام وتشمل البحرين والكويت وقطر وجيبوتي ليعلم القاصى والدانى أن الحكومة اليابانية باتت الآن أكثر من أي وقت مضي تعلق أهمية لا يستهان بها على هذه المنطقة تحديدا.
ويرى المحللون الصينيون المهتمون بالشأن الياباني أن زيارة آبي تحمل في ثناياها أهدافا عدة، أبرزها ضمان إمدادات الطاقة من الدول الخليجية، وكسب الدعم لإنشاء قانون جديد بهدف إرسال بعثات من قوات الدفاع الذاتي اليابانية إلى المنطقة، واستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2020، ما يكشف للعيان أن زيارة آبي أشبه "بضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد".
-- إمدادات الطاقة من دول الخليج ... "عصب حياة اليابانيين"
ففي أعقاب الكارثة النووية التي وقعت في محطة فوكوشيما للطاقة النووية عام 2011، أصبحت اليابان أول اقتصاد عالمي عملاق يقرر السير قدما دون الارتكاز على الطاقة النووية والتحول إلى مصادر ووجهات أخرى لسد احتياجات البلاد.
وفي هذا الصدد، يشير يو تشي رونغ، الباحث بمركز شانغهاي للدراسات اليابانية، إلى أن ضمان إمدادات الطاقة المستقرة من دول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، يعد من أهم أهداف جولة آبي،إذ حولت اليابان بعد وقوع كارثة فوكوشيما وجهتها شطر دول الشرق الأوسط لتعتمد عليها في استيراد ما يقرب من 80 في المائة من إمدادات النفط الخام و30 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي.
وأكد ليو فان، الخبير الصيني في شؤون آسيا، أن ثمار التحركات اليابانية الأخيرة بدأت على ما يبدو تأتى أكلها وذلك بعدما اتفقت اليابان والبحرين، التي تتولي رئاسة مجلس التعاون الخليجي للدورة الحالية، على إطلاق آلية الحوار الإستراتيجي الثنائي على المستوى الوزاري لتبدأ في مباشرة عملها اعتبارا من سبتمبر المقبل.
وفي إطار الأهمية بعيدة المدي للتعاون الإستراتيجي بين اليابان ودول الخليج، أوضح ليو أن آبي سيكون قد وطأ بقدميه خمس من دول مجلس التعاون الخليجي الست بزيارته للسعودية والإمارات في مايو المنصرم وزيارته للبحرين والكويت وقطر في جولته الحالية، وهذا ما يعكس مدى اهتمام طوكيو بتأمين إمداداتها من النفط الخام من دول الخليج التي باتت الآن "تتحكم في عصب حياة اليابانيين".
وبعدما وجد آبي نفسه أمام فرص ضئيلة في عقد قمم مع قادة الصين وكوريا الجنوبية بسبب توتر علاقات بلاده مع الجارتين الآسيويتين، فقد أصبح الشاغل الأول والرئيسي له في المرحلة الحالية منصبا على توطيد العلاقات الدبلوماسية مع دول جنوب شرق آسيا مثل اندونيسيا والفلبين وتنشيط "دبلوماسية الطاقة" مع بلدان الشرق الأوسط. ومن المنظور طويل الأجل، تعتبر اليابان تعزيز العلاقات مع هذه الدول بالذات "الكنز الثمين" للدبلوماسيتها الخارجية.
-- تعاون طوكيو الأمني مع الخليج .. وارتباطه بالتحالف الياباني-الأمريكي
ومن جانبه، قال الخبير يو إن زيارة آبي لهذه الدول الخليجية لتوطيد التعاون معها سوف يسهم دون شك في تدعيم أواصر تحالف قائم منذ سنين بين طوكيو وواشنطن، حيث تحتفظ الأخيرة بالعلاقات الوثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي الست.
وشرح يو وجهة نظره قائلا إن تعزيز التحالف الياباني- الأمريكي عبر هذه الجولة قد يكون مسعى من قبل اليابان لمنع تعرض إيران، جارة البحرين والكويت وقطر، لهجمات إسرائيلية على خلفية الملف النووي الإيراني، وهو أمر سيؤدى على الأرجح إلى زعزعة استقرار المنطقة وإغلاق مضيق هرمز الذي يعد ممرا ملاحيا استراتيجيا لنقل النفط من دول الخليج إلى اليابان.
ومن ناحية أخرى، نقلت صحيفة ((الأخبار المرجعية)) الصينية عن مصدر عليم بالحزب الديمقراطي الليبرالي الياباني قوله إن أحد الأهداف الرئيسية لزيارة آبي تكمن في كسب أكبر نسبة من دعم الرأي العام الدولي لتهيئة المناخ المناسب لليابان لسن مشروع قانون يمكنها من ممارسة حق الدفاع الذاتي الجماعي وارسال أفراد من قواتها إلى الخارج، ومن ثم تستطيع المشاركة في مهام مكافحة الإرهاب والقراصنة الصوماليين.
وذكرت الصحيفة أن آبي ادعى ، خلال زيارته لجيبوتي، بأن "قوات الدفاع الذاتي اليابانية قدمت اسهامات لمكافحة القراصنة الصوماليين، وبالتالي فإن السماح بإرسال أفراد من قواتها إلى الخارج ليس مطلبا معقولا فحسب، وإنما ضروري للغاية أيضا من أجل إحلال السلام العالمي".
ويرى المحللون الصينيون إن عودة آبي إلى شعبه بعد هذه الجولة حاملا معه اعترافا من بعض دول المجتمع الدولي بهذا الحق، قد يجعل العقبات التى تعترض إنشاء القانون الجديد أصغر بكثير داخل البلاد ، ولكن غايته من وراء هذا القانون ستظل على الدوام تقابل بالاعتراض والرفض من قبل الدول التي عانت كثيرا من العدوان الياباني في الماضي.
-- جولة آبي.. مسعى لفوز طوكيو باستضافة الألعاب الأولمبية 2020
وذكر الخبير ليو أنه بخلاف ما سبق، فإن زيارة آبي تأتى مع اقتراب يوم السابع من سبتمبر الذي تم تحديده موعدا لانعقاد جلسة تصويت اللجنة الأولمبية الدولية لاختيار المدينة الفائزة بحق استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2020.
وشرح ليو قائلا إن الكويت وقطر وجيبوتي لديها أعضاء في اللجنة، ويهدف آبي من خلال زيارته لتلك الدول إلى الترويج لاستضافة طوكيو لهذا الحدث الرياضي الكبير وكسب تأييدها في التصويت النهائي المرتقب.
أما الخبير يو فيرى أن خطوة آبي هذه تدل على أن المنافسة على الفوز بالاستضافة على أشدها ولاسيما وأن طوكيو تتنافس أمام مدريد واسطنبول خلال التصويت النهائي الذي سيجرى في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
وأضاف يو أن حرص آبي على فوز طوكيو باستضافة الحدث دفع وزارة الخارجية اليابانية إلى إعلان أنه سيهرع على الفور إلى الأرجنتين لتقديم العرض النهائي للجنة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في سان بطرسبرج بروسيا.
ويتفق المحللون الصينيون في أن آبي عاد إلى رئاسة الوزراء هذه المرة وفي ذهنه تصور جديد لاستراتيجية بلاده تجاه الشرق الأوسط، ولكن الأيام المقبلة هى التي ستثبت ما إذا كان بمقدور آبي أن يسقط ثلاثة عصافير بحجر واحد أم لا.
/مصدر: شينخوا/
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn