محللون صينيون: هجوم نيروبي يدق جرس خطر "القوس المضطرب" في إفريقيا

بقلم ثريا لوو
بكين 24 سبتمبر 2013 / أعلنت حركة الشباب الصومالية يوم (الأحد) مسئوليتها عن هجوم نيروبي الذي أودى بحياة 68 شخصا حتى الآن في حصيلة مرشحة للزيادة. وأشار محللون صينيون إلى أن الحركة تهدف من وراء الهجوم إلى توسيع تأثيراتها وترهيب المجتمع الدولي وإيقافه عن تطويقها، قائلين إن خطر "القوس المضطرب" يشكل تدريجيا في القارة الإفريقية، ما يثير قلق المجتمع الدولي بأسره.

-- هدف أفضل وتأثيرات أبعد
تعتبر نيروبي، عاصمة كينيا، الآن جسرا مهما يربط بين وسط أفريقيا وشرقها. تحتضن المقر الفرعي الوحيد للأمم المتحدة في الدول النامية والعديد من المؤسسات العالمية، ويقيم فيها عدد كبير من الدبلوماسيين، ويقصدها عشرات الآلاف من السياح. ومن هنا جاء اختيار مركز ويست غيت التجاري بنيروبي كـ "أفضل هدف" للمهاجمين لاجتذاب الانتباه العالمي، وفقا لما قالت خه ون بينغ مديرة قسم الشؤون الإفريقية في مركز غرب آسيا وأفريقيا بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية.

وكانت حركة الشباب الصومالية قد حذرت سابقا من هجومها المحتمل على متجر ويست غيت، وهو مركز راقي للتجارة في نيروبي يتبع جزئيا لمستثمرين إسرائيليين، ويتردد عليه كثيرا الأغنياء المحليون والأجانب.

وقالت خه إن "حركة الشباب الصومالية الموالية للقاعدة تدرك انها لن تتمكن من تحقيق هدفها المتمثل في إصابة كينيا بشدة، إلا اذا كان ضحايا الهجوم هم الأجانب والأغنياء المحليون، ما يشكل ضربة كبيرة وهزة نفسية شديدة للحكومة الكينية فضلا عن تأثيرات ذلك الكبيرة على الساحة الدولية".

وهذا الهجوم ليس الأول للحركة الصومالية خارج الحدود. ففي 11 يوليو عام 2010، وقعت انفجارات بمطعم ونادى لكرة القدم في العاصمة الأوغندية ، أسفرت عن مقتل 76 شخصا. وأعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن الانفجارات ، قائلة إن "هجماتها جاءت انتقاما لارسال اوغندا وبروندي جنودا للمشاركة في بعثة حفظ السلام للاتحاد الإفريقي في الصومال".

ومن جانبه، قال لي وي، مدير مركز الأبحاث بشأن مكافحة الإرهاب التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، إن حركة الشباب الصومالية طالما قامت بعمليات اختطاف في المناطق الحدودية بين كينيا والصومال، معظمهم يحملون جنسيات أجنبية، ما شكل تهديدا كبيرا علي السياحة والأمن الاجتماعي لكينيا، ودفع كينيا الى التعاون مع الحكومة الصومالية، فأرسلت جنودا الى الصومال لضرب الحركة. ومنذ ذلك الحين، دأبت الحركة على شن هجمات انتقامية عديدة على أهداف داخل كينيا مثل تفجير محطات الحافلات ونقاط التفتيش الشرطية.

ورأي محللون صينيون آخرون أن اختيار الإرهابيين مركز ويست غيت للتجارة الذي يتردد عليه الأجانب لا يعود الى دافع الانتقام من كينيا فقط، بل يهدف إلي توسيع نطاق الانتقام ليمتد الى الإتحاد الإفريقي ودول غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة، بعد ان أعلنتا عن دعمهما للاتحاد الافريقي في تطويق الحركة العام الماضى. وطالما نعتت الحركة الرئيس الصومالي الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة والإتحاد الافريقي بالـ "خائن".

وقال الخبير لي وى " يلاحظ أن موعد وقوع الهجوم يصادف الذكرى الأولي لإرسال الجنود الكينيين الى الصومال لضرب الحركة. لذا، هجوم الحركة هذه المرة هدفه ترهيب المجتمع الدولي وإيقاف عمليات تطويقها".


-- وضع مكافحة الإرهاب في إفريقيا مقلق
وقال المحللون الصينيون إن التنبؤات بشأن تشكيل "قوس مضطرب" من غرب إلى شمال إلى شرق إفريقيا قد يتحقق، معربين عن قلقهم إزاء وضع مكافحة الإرهاب في القارة الافريقية.

وأشار المحللون الى أن نفوذ المتطرفين والإرهابيين تنامي بسرعة في المناطق جنوب الصحراء الكبرى بعد الاضطرابات الكبيرة في غرب آسيا وشمال إفريقيا في مطلع عام 2011 خاصة بعد أن أسفرت أزمة ليبيا عن فراغ في السلطة وخروج أنشطة تهريب الأسلحة عن السيطرة. وتزامن مع ذلك انتشار أمواج الإرهاب الى شرق إفريقيا، وأثبتت حوادث الاختطاف المتكررة وهجوم نيروبي الأخير أن أمن شرق إفريقيا تعرض لضعف خطير.

وذكر المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية، في تقريره التحليلي عن الهجمات الإرهابية في إفريقيا، أن المنظمات الإرهابية لم تظهر ميزات "تنظيم القاعدة" من حيث تكتيكات الهجمات خلال العامين الماضيين فحسب، بل سعت أيضا الى تعزيز علاقاتها ببعضها البعض. وإذا نشط الإرهابيون في غرب وشمال وشرق القارة في آن واحد، فقد يشكلون " كيانا موحدا" لن يهدد إفريقيا فحسب، وإنما ستمتد مخاطره الى العالم بأسره.

وشاطرت خه رأي المعهد مضيفة إن وضع الإرهاب شهد تغيرات في القارة الإفريقية. حيث تحالفت المنظمات الإرهابية الثلاث الموالية لتنظيم القاعدة-- حركة الشباب الصومالية وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد-- في كيان واحد. وتتعلم المنظمات الإرهابية الثلاث من بعضها البعض من حيث تكتيكات الهجمات.

وأضافت الخبيرة أن تنظيم القاعدة أصبح أكثر نشاطا في الوقت الحاضر، ويتوسع حجم هجماته وقوته مع مرور الزمن بعد تسرب الأسلحة من ليبيا. إضافة الى ذلك، يحاول بعض المسلحين المناهضين للحكومة تعزيز إتصالاتهم مع تنظيم القاعدة لتحقيق أهدافهم الخاصة مثل متمردى الطوارق في شمالي مالي. كما أن هناك إتجاه بأن تميل القوى المناهضة للحكومة الى إقامة إتصالات مع تنظيم القاعدة أثناء الاضطرابات، ما يزيد الوضع تعقيدا.

وقالت خه ون بينغ إن هجوم نيروبي يدق جرس الانذار لكينيا لتعزيز دعمها لمكافحة الإرهاب. أما بالنسبة للغرب، فأهم شئ هو تقاسم المعلومات مع الجانب الكيني بشأن حركة الشباب لضرب الإرهابيين بشكل فعال. فمن هذا المنظور، قد يساعد الهجوم في تحسين علاقات كينيا مع الغرب، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب هو المدخل لذلك.

وأضاف الخبير لى وى أن "الربيع العربي" أدى الى اضطرابات شديدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عانت جماهير منها من جانب، واستفاد منها تنظيم القاعدة من جانب آخر حيث حصل على المزيد من الأسلحة والقذائف والأموال وعزز تجنيدها، ما شكل تهديدا كبيرا لعدد من الدول الإفريقية. ويتعين علي الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة التفكير في مسئولياتها تجاه هذا الوضع.

/مصدر: شينخوا/