مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في بكين : الدورات الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب تسطر صفحات جديدة لكتابة تاريخ الصين المستقبل

أيمن القاضي
مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط فى بكين

على الرغم من أنه عطلة رسمية في الصين، إلا أن قادة الحزب الشيوعي كانوا على موعد "السبت" الماضي للاجتماع لسطر صفحات جديدة لكتابة تاريخ الصين المستقبل، والمذهل والمثير للاعجاب هو أن الطموح الصيني أصبح يتعدي كل طموح، فرغم أن الصين وصلت إلى مرتبة سياسية ودولية وتربعت على مرتبة ثاني اقتصاديات العالم وربما الأولى خلال سنوات قليلة، إلا أن المواطن الصيني، يري فى إجتماع قادته خلال الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية ال18 للحزب الشيوعي الصيني، أملا جديدا فى غد أفضل ليس له فقط فى مدن الصين الكبري المتقدمة بل أيضا لأهله وجيرانه فى القرى والمقاطعات البعيدة التى ما زالت تعاني من قلة الامكانات والفقر إلى حد ما، من خلال سلسلة إصلاحات تطال البشر والحجر لرسم وجه جديد يطلق عليه المارد الصيني العملاق ذو العقل والطموح الذهبي .

وما يلفت الانتباه خلال هذه الاجتماعات وللكشف عن أحد أهم أسرار "مسيرة التنمية الصينية" علينا أن نستذكر جيدا تاريخ الدورات الكاملة السابقة للجان المركزية للحزب الشيوعي، حيث دائما ما تكتسب الدورات التى تحمل رقم "3" على مدار تاريخ للجنة المركزية أهمية تاريخية، منذ أن أطلقت الدورة الثالثة للجنة المركزية ال11 في عام 1978، بزعامة "مهندس الاصلاحات الصينية" دنغ شياو بينغ والتى أقر خلالها حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، كانت البذرة الأولى لشجرة الاقتصاد الصيني الثابتة حتى الأن فى عصرنا الحديث .

ويراقب العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه، وأيضا فى عالمنا العربي، ما يحدث داخل الصين، خاصة بعد تولى القيادة الصينية الجديدة من الجيل الخامس برئاسة شي جين بينغ، كما يتسع نطاق الاهتمام سواء داخل الصين أو خارجها بهذا الاجتماع الهام تحديدا، كونه من المتوقع أن يتمخض عنه زخم اقتصادي وسياسي جديد على الصعيدين المحلي والعالمي، ما من شأنه أن يجعل التنمية الصينية نموذجا تحتذي به فى دول أخرى، شبيها بما شهدته الصين إبان فترة الاصلاحات الاولى عام 1978، وهو ما يحتاجه العالم العربي حاليا الذي ينظر إلى الصين صديقا وملهما يمكن الاستفادة من تجربته فى اعادة التوازن بمنطقة الشرق الأوسط على مستويات اقتصادية وأخرى متنوعة .

ويتوقع أن يتمخض عن الاجتماع قرارات تطال أعماق الاصلاحات بشكل شامل في الصين، فيما يتعلق بالرفاهية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ومحاربة الفساد، والوظائف الحكومية والتمدين والانفتاح في القطاع المالي واصلاحات المنظومة المالية والضرائب وتنظيم الاسعار إضافة لاعادة التوازن لادارة الدولة والحكومة بوضع مسارات جديدة تهدف لرفاهية المواطن الصينى داخليا، واستمرار مسيرة الصين الخارجية كقطب اقتصادي يرتكز عليه أحيانا الاقتصاد العالمي.

ومن المتوقع أن ينظر قادة الصين إلى المناطق الاكثر احتياجا وفقرا فى الصين وبحث التحول من الاقتصاد الموجه إلى التصدير إلى اخر موجه للاستهلاك، مع منح أفضليات للاسر الريفية عبر سندات ملكية للاراضي، والسماح لرأس المال الخاص الدخول في القطاع المالي العام بالدولة، لكن مهما كانت النتائج فبالتأكيد انها ستضع الصين على الطريق الصحيح نحو احتلال مكانة دولة كبيرة عريقة أكثر صلابة وقوة، مما وسيعود بالنفع ليس فقط على المواطن الصيني بل على عدد كبير من دول العالم، وليس بعيدا أن نقول الاقتصاد العالمي بشكل كامل .

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/