تعليق: أربعة دلالات للأزمة الأوكرانية (2)

ثالثا، قراءة الغرب الخاطئة للتاريخ، هي فتيل الإضطراب

شعر الغرب بنشوة كبيرة بعد تفكك الإتحاد السوفياتي ونهاية الحرب البارد، أما أمريكا فخرجت بإستنتاج مفاده "نهاية التاريخ "، ومن ثم تصاعد مجددا ضجيج المحافظين الجدد ونظرية الإمبراطورية الجديدة، وهذا دفع أمريكا للغرق في المستنقع الأفغاني والعراقي. أما الإتحاد الأوربي فإلتهم 10 دول منذ سنة 2004، وإلى حد الآن لا يزال يعاني عسر في الهضم. وهذا كله نجم عن القراءة الخاطئة لنهاية الحرب الباردة.

رابعا، المعايير الغربية المزدوجة، تعكس نفاقها مرة أخرى

في الماضي، ساند الغرب الإستفتاء في كوسوفو، أما الآن فيعارضه في أوكرانيا. في السابق كان الغرب ينادي بأن حقوق الإنسان أهم من السيادة، أما الآن فأصبح يرى سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها لا يمكن تقسيمها. إن الازدواجية الغربية تربك الجميع، والسبب يعود طبعا إلى أن المصالح الأوربية والأمريكية هي التي تحدد مفاهيمها القيمية: حيث رأى الغرب أن إستقلال كوسوفو عن الإستبداد السربي مطابقا للقانون، أما إستقلال القرم عن أوكرانيا فهو مخالف للقانون؛ كما رأى أن روسيا ليست دولة قومية تكونت بشكل طبيعي، والآن تستوعب القرم، الأمر الذي يتعارض مع المفاهيم القيمية الغربية. وعند تفكك الحرب الباردة، وعد الغرب الرئيس الروسي بوريس يالتسين: بعدم توسع الناتو شرقا، وعدم دخول بحر البلتيق إلى الإتحاد الأوروبي. لكن كيف هو الوضع الآن؟ وكيف يمكن لروسيا أن تثق في الغرب؟

لا يزال الوضع الأوكراني يواجه الكثير من الغموض. حيث قامت جزيرة القرم في الـ 16 بإستفتاء عام، في حين أعلنت مجموعة السبع وأمريكا وأوروبا بعدم قبول نتائج الإستفتاء، وإذا كانت نتائج الإستفتاء في صالح روسيا، فلا ندري هل سيقبل الغرب الأمر الواقع أم لا. وفي النهاية يمكن القول، بأن الوضع السياسي الأوكراني قد طرح صعوبات كبيرة للدول الكبرى، وكيفية مواجهته، تعتمد على الحكمة السياسية لكل دولة.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/