بقلم: تيان ون لين
يثير الوضع العراقي في الوقت الحاضر قلق واهتمام العالم.حيث سيطر مسلحو الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام على مدينة تكريت العراقية، مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بعد سيطرتهم على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد خلال الفترة ما بين 10 و11 يونيه الجاري، ويستمر مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام في تقدمهم نحو العاصمة العراقية بغداد.وأكد الرئيس الامريكي باراك اوباما يوم 13 يونيه الجاري بأن بلاده لن ترسل قوات برية إلى العراق،لكنه يبحث عن خيارات أخرى في الأيام القادمة.
إن الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط السبب المباشر في تدهور الوضع في العراق.حيث أن الاضطرابات الكبيرة التي اجتاحت العالم العربي منذ عام 2011 وتسببت في تغيير النظام وعدم الاستقرار السياسي في بعض البلدان، وتفاقم الفوضى وفرت أرضية يرتع فيها تنظيم "القاعدة" وغيره من القوى المتطرفة الاخرى. كما أن استمرار الحرب الاهلية في السورية لاكثر من ثلاث سنوات جذب" جهاديين" من جميع انحاء العالم، وتحولت الى مركز توزيع ونشر " المجاهدين" الى المناطق المجاورة بما فيها العراق.وقد أنشأت الدولة الاسلامية في العراق و بلاد الشام في خلفية تسخين الحرب الاهلية في سوريا.وأعادت الجريمة المنظمة عبر الحدود في سوريا والعراق حالة عدم الاستقرار في العراق.ووفقا للاحصاءات، فإنه في اوائل عام 2011، بلغ متوسط الهجمات الارهابية في العراق 300 هجمة، واكثر من 1200 شهريافي عام 2013.ووفقا لاحصاءات بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق( UNAMI )، في عام 2013، بلغ عدد الوفيات في العراق 7818 شخص وهو أعلى مستوى منذ 2008.
منذ عام 2014 ، وفي ظل الانتصارات المستمرة التي حققها الجيش السوري، خاصة استعادة النظام السوري في مارس وابريل هذا العام مدينة حمص زاد الضغط على فضاء بقاء " الدولة الإسلامية في العراق و بلاد الشام" في سوريا، وحول أنشطتها السلحة الى العراق، ما ادى الى التدهور في الحالة الامنية في البلد.وفي ابريل عام 2014، بلغ عدد القتلى في العراق أكثر من 4000 قتيل. وفي اوائل 10 ايام من شهر يونيو، بلغ عدد القتلى 500 قتيل عبر البلاد. وأصبح العراق البلد الاكثر خطورة في العالم.
لقدكان الوضع السياسي في العراق قبل الحرب في عام 2003 مستقرا عموما رغم العقوبات الدولية المفروضة عليه، كما ان التناقضات الطائفية لم تكن واضحة ولا مكان لتنظيم " القاعدة"، لكن سياسة الهيمنة الامريكية حولت العراق من واحة استقرار الى بؤرة ارهاب. حيث أن التدخل العسكري الامريكي في العراق تحت شعار " مكافحة الارهاب" حطمت أجهزة الدولة العراقية السابقة، و "الديمقراطية البرلمانية" التي صممتها أمريكا أنشطت التناقضات الطائفية في البلد، ما أدى الى ضعف الحكومة المركزية والفوضى في المجتمع، وظهور تنظيم " القاعدة" في العراق( الدولة الإسلامية في العراق و بلاد الشام) وغيرها من المنظمات الارهابية، وجذب البلاد الى حلقة مفرغة من الاضطرابات والارهاب.
تهتم امريكا عادة بتصنيع المتاعب وليس بحلها. حيث ان صعوبة السيطرة التي الوضع الذي تشهده العراق والاستنزاف المستمر للقوة الامريكية جعلها ببساطة تمشي بعيدا، وبدأت منذ عام 2008 الانسحاب تدريجيا من العراق الى أن انسحبت كليا عام 2011. وإن الانسحاب الامريكي غير المسؤول من العراق تسبب في انخفاض حاد في معنوات وقدرة الجيش العراقي على الدفاع والسيطرة على الوضع ومواجهة خطر الارهاب دون دعم الاستخبارات الامريكية.وفي وقت سابق من هذا العام، سيطر مسلحو"الدولة الإسلامية في العراق والشام"على مدينة الفلوجة في محافظة الانبار بعد اشتباكات طويلة مع قوات الامن الحكومية. وقد اقتحم مسلحو"الدولة الإسلامية في العراق والشام" الموصل هذه المرة باسلحة ثقيلة، ادى الى انهزام الجيش العراقي بمعداته العسكرية الضعيفة للغاية. ويريد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السيطرة على الوضع من خلال تركيز السلطة، ولكن" الديمقراطية" تشرذم الفصائل،ومحاولة المالكي تجميع السلطة منذ عام 2008،ادى الى استياء السنة والاكراد وتاجيج الصراع الطائفي في العراق. وتواجه الحكومة المركزية في العراق معضلة " لا مركزية لا يمكن مكافحة الارهاب، المركزية تكثف التناقضات الطائفة.
محنة العراق مجرد "طاقة سلبية" مصغرة من السياسة الخارجية الامريكية. وفي الواقع، إن الحرب الاهلية في سوريا والفوضى في ليبيا والقضية النووية الايرانية وغيرها من القضايا الساخنة جميعها لها علاقة مع السياسة الامريكية في الشرق الاوسط. والأبعد من ذلك، إن السياسة الخارجية الامريكية هي نقطة بداية جميع القضايا. حيث أن هيمنة امريكا واوروبا وغيرها من الدول الغربية على العالم منذ عدة قرون،أدى الى تشكل الجمود في التفكير والتنازلات واصبحت " القوة هي الحق"، والتصرف باسلوب البلطجة، ومواقف نادرة اتجاه الدول غير الغربية، ولا تضع مشاعر الناس العادية والاطفال على محمل الجد. وإنطلاقا من هذه عقلية الهيمنة الضيقة، شنت أمريكا الحرب في العراق الدولة ذات سيادة بسبب لا أساس له اودت بحياة الآلاف من الامريكيين، وحولت العراق الى مستودع للارهاب.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn