بنغازي (ليبيا) 17 أغسطس 2014/ بدأت الانقسامات بين إسلاميي ليبيا تطفو على السطح بعد تقدم "الجهاديين" على الأرض في مدينة بنغازي وسيطرتهم على أكثر من ثمانين في المئة من المدينة الواقعة في شرق ليبيا، بحسب ما يرى محللون.
وبدت هذه الانقسامات جلية عندما أعلنت شخصيات مدنية على رأسها أشخاص ينتمون لتيار الإسلام السياسي في بنغازي السبت عن تكوين "مجلس للشورى" تكون مهمته "مواجهة الأزمات التي تمر بها المدينة واقتراح الحلول المناسبة لها"، في وقت سارع فيه "مجلس شورى ثوار بنغازي"، وهو جسم يضم مقاتلين جهاديين إلى إعلان "تبرؤه من هذا الجسم الجديد".
وقال مجلس شورى ثوار بنغازي في بيان اليوم (الأحد) " ها هو مجلس شورى بنغازي يعلن عن تأسيسه والذي تسمى بنفس اسم مجلس شورى ثوار بنغازي واختار فرصة انشغال الأخير في جبهات القتال ليعلن عن نفسه محاولا تكرار نفس الأسلوب البالي إبان فترة التحرير متجاهلا الثوار المجاهدين".
ويعتبر عدد من الثوار أنه تم القفز عليهم بعد اندلاع ثورة 17 فبراير 2011 بتشكيل المجلس الوطني الانتقالي الذي قاد البلاد تلك الفترة حتى نهاية العام 2011، معتبرين أن المجلس هضم حقهم خلال انشغالهم بقتال قوات معمر القذافي.
وأوضح المجلس أن " الأنكى من ذلك أنهم عادوا بنفس الأسماء والصفات الحزبية (أعضاء حزب العدالة والبناء التابع للإخوان المسلمين، وحزب الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا وتحالف القوى الوطنية) وغيرها من الأحزاب السياسية التي أهلكت البلاد وأنهكتها وأدخلتها في أتون حرب مصالحها السياسية ".
وتابع "نقول لكل من يقدم مصلحته الشخصية أو الحزبية أو الجهوية على بنغازي وأهلها، أن ما حصل في بداية الثورة من التآمر على المجاهدين والإلتفاف على مطالبهم وإدخال الفرقة بينهم لن يتكرر ولن يعود ".
وأردف أنه " لن يرضى بالمشاريع الديمقراطية أو الأحزاب العلمانية أو الأحزاب التي تدعي زورا وبهتانا القضية الإسلامية وأنها تمثلها "، مؤكدا أن "هدفه حماية المدينة وتأمينها وإرجاع الحقوق إلى أهلها ورد المظالم وإعادة الاستقرار والحياة الطبيعية للمدينة تحت ظل الشريعة الإسلامية دون نفاق أو تلوين".
والسبت أعلن عدد ممن وصفوا أنفسهم بأنهم "وجهاء مدينة بنغازي ورموزها العلمية والاقتصادية والدينية والثقافية والفنية والرياضية تشكيل مجلس شوري للمدينة".
وجاء في بيان تأسيس المجلس الذي ضم عدة شخصيات تنتمي لتيار الإسلام السياسي أن مهمته تكمن في مساندة المجلس البلدي لمدينة بنغازي بما يضمن قيامه بالمهام المناط به باعتباره الممثل الرسمي لأهل المدينة والراعي لمصالحهم".
وطالب المجلس الوليد في بيان تأسيسه الذي حصلت (شينخوا) على نسخة منه ب"مساندة الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية لمكافحة كافة الظواهر السلبية المهددة للمجتمع وأمنه واستقراره ".
كما أعلن "نبذه للغلو والتطرف وكل مظاهر التشدد والعنف الذي يتناقض مع أصول الإسلام وأحكام الشريعة ومقاصدها"، مؤكدا على ضرورة "الالتزام بالخيار الديمقراطي والدولة المدنية ومبدأ التداول السلمي على السلطة وفق نظام ديمقراطي يرتضيه الجميع".
وبحسب الميثاق ذاته فإن المنظمين للمجلس يرفضون "الاستبداد والانقلابات العسكرية ".
ولفت البيان إلى "ضرورة احترام حرية التعبير وحق الاحتجاج والتظاهر والاعتصام السلمي للمطالبة بالحقوق بما لا يتجاوز حدود وحقوق الآخرين أو يسبب تعطيل المصالح والمرافق العامة أو يهدد أمن وسلامة المدينة وأهلها".
ورأى المحلل السياسي سعد نجم أن "هذه هي بداية الخصومة بين جماعة تيار الإسلام السياسي والمقاتلين الجهاديين الذي تم دعمهم في حروبهم الأخيرة بتشكيل غطاء إعلامي وسياسي لما يقومون به من قتال في مختلف المدن الليبية".
وتقع " 80 في المئة من مدينة بنغازي الآن تحت سيطرة الثوار السابقين الذي تمكنوا من الاستيلاء على معسكرات عدة للجيش وأجبروا معظم العسكريين وأفراد الأمن الآخرين على الفرار من المدينة في اتجاه مرتفعات الرجمة، حيث تتمركز قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي لا يعرف مدى قدرتها القتالية وجاهزيتها"، حسب ما قال محمد العداني الضابط السابق والخبير العسكري.
و"مجلس شورى ثوار بنغازي" أعلن عن تأسيسه في المدينة في 20 يونيو الماضي، ويضم إلى جانب جماعة أنصار الشريعة مجموعات من الإسلاميين الذين شاركوا هم أيضا في القتال ضد نظام معمر القذافي في العام 2011.
وجاء في بيان تأسيسه أن "ثوار المدينة أسسوا مجلسهم هذا بعد أن تخل من أوكلت إليهم مسؤولية حماية المدينة وحفظ أمن أهلها، وبعد أن أعلنت الحرب القذرة على ثوارها وأبنائها الشرفاء لإسقاط مشروعهم وخيانة دماء الشهداء تقبلهم الله".
وأسس هذا المجلس الذي يضم الثوار السابقين من ذوي التوجه "الإسلامي الجهادي" بعد أكثر من شهر من إعلان اللواء المتقاعد من الجيش الليبي خليفة حفتر في 16 مايو محاربة ما وصفه ب"بالإرهاب في بلاده" تحت اسم عملية الكرامة.
وعقب تشكيل الثوار السابقين مجلسهم سيطروا بعد مواجهات دامية على أهم معسكرات للجيش والتي تضم نخبته من القوات الخاصة والصاعقة، إضافة إلى مديرية الأمن ومواقع عسكرية أخرى خصوصا في مناطق بوعطني والقوارشة والهواري وسيدي فرج الواقعة في الضواحي الجنوبية والغربية والشرقية لمدينة بنغازي.
وميدانيا، تكاد تخلو مدينة بنغازي منذ اسابيع من أي وجود لمؤسستي الجيش والشرطة وأفرادها، إضافة إلى تعطل تام للقضاء، في ظل مناوشات بالأسلحة الثقيلة والمقاتلات الحربية بشكل شبه يومي بين هؤلاء الثوار السابقين والجيش المتمركز في قاعدة بنينا الجوية ومنطقة الرجمة الواقعتين في الضاحية الجنوبية الشرقية للمدينة والتي تعد آخر معقل للجيش، إضافة إلى كتيبة للصاعقة وأخرى للدبابات داخل المدينة.
وطالب البرلمان الليبي الأسبوع الماضي مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة بالتدخل وحماية المدنيين الليبيين ومؤسسات الدولة خصوصا في بنغازي وطرابلس التي يتحالف فيها مقاتلون إسلاميون مع ثوار مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) في مواجهة ثوار سابقين من بلدة الزنتان (180 كلم جنوب العاصمة) للسيطرة على مطار المدينة.
وقال المحلل السياسي عزالدين البرعصي إن "شهر العسل انتهى بين الإخوان المسلمين وإخوانهم الجهاديين الذين لا يعترفون بالعملية الديمقراطية وقيام أية دولة مدنية".
وأوضح أن "خلاف مجلس شورى ثوار بنغازي مع الليبراليين والعلمانيين يعتبر تحصيل حاصل، لكن إعلان الخلاف مع الإخوان المسلمين وحزب الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ذات التوجه الإسلامي سيغير مقاييس الأمور على الأرض".
غير أن المحلل السياسي نادر السمين اعتبر أن "هذا الخلاف قد يعيد ميول الشارع إلى جماعة الإسلام السياسي الفاقدة لحضورها في الفترة الأخيرة لدى المواطن الذي اصطدم بالواقع".
وأشار إلى أن "جماعة الإسلام السياسي الذين خسروا حتى اغلبية الانتخابات التي نتج عنها مجلس النواب في 25 يوليو السابق سيدفعون دعمهم للجماعات التي تقاتل حاليا ولا تؤمن بالديمقراطية".
وقال مجلس شورى ثوار بنغازي في بيانه إن "كل من يحاول أن يحسب مجلس شورى ثوار بنغازي عليه أو على مشروعه فليعلم أنه مخطيء وأنه مكشوف معلوم لدينا ، فنحن لا نقاتل من أجل ديمقراطية أو من أجل مؤتمر وطني أو لأجل رجوع مجلس النواب لبنغازي، بل قتالنا في سبيل الله ودفاعا عن الأرض والعرض ولئلا تضيع المدينة مرة اخرى".
وعقد مجلس النواب الجديد جلسته الأولى في 4 أغسطس الماضي في مدينة طبرق (1600 كل شرق طرابلس) واستمر في عقد الاجتماعات هناك بالمخالفة للإعلان الدستوري الذي يحدد المقر الدائم للمجلس في مدينة بنغازي، بسبب "انعدام الأمن في هذه المدينة" حسبما أفاد عدد من النواب.
ويقاطع عدد من النواب الإسلاميين عقد الجلسات في مدينة طبرق، مطالبين بنقل الجلسات حسب الإعلان الدستوري إلى مدينة بنغازي ليكون تحت حماية "الثوار" الذين نفوا في بيانهم أنهم سيتولون هذه المهمة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn