في الوقت الذي يجتمع فيه قادة العالم في نيويورك سيتي اليوم (الثلاثاء) للمشاركة في قمة للأمم المتحدة حول المناخ، سارعت بعض القوى الغربية مرة أخرى إلى الدفع بالصين إلى دائرة الضوء وبالغت في تصويرها بأنها أكبر باعث لغازات الاحتباس الحراري في العالم.
وتتحدث عن ضرورة أن تحمل هذه القوة الناشئة الآسيوية على عاتقها حجما أكبر من المسؤوليات فيما يتعلق بالمكافحة العالمية لتغير المناخ.
إن إدعاء كهذا غير قابل للدفاع عنه نظرا لاطلاقه بغض النظر عن كل من الحقائق التاريخية والواقع الحالي.
ومن ناحية يقول المثل "روما لم تبن في يوم واحد"، فخطر المناخ الذي يواجهه العرق البشري الآن ليس نتاج النمو الصناعي للدول النامية الذي لم يبدأ معظمه سوى منذ بضعة عقود فحسب، بل إن هذا الخطر آخذ في الاستفحال على نحو مستمر منذ بداية عصر التصنيع -- وهو عملية دامت لأكثر من قرنين من الزمان.
ومن ناحية أخرى، فإنه في ظل عملية سريعة من العولمة، تعكف الدول المتقدمة حاليا على نقل صناعاتها المستهلكة للطاقة والملوثة إلى العالم النامي، وبهذا تنقل المزيد من انبعاثات الكربون إلى الأخيرة.
وفي حالة الصين بالتحديد، تواجه الدولة الأكثر تعدادا للسكان في العالم مهمة شاقة متمثلة في تحديث اقتصادها لتعود الفائدة على عدد هائل من السكان يبلغ 1.35 مليار نسمة -- وهو خمسة إجمالي سكان العالم تقريبا. وخلال هذه العملية التي تتطلب جهدا ومثابرة، لا تزال الصين تواجه مجموعة من المصاعب المتنامية مثل خلل التنمية والحد من الفقر.
ومن ثم، فإنه من غير المعقول تماما ومن الأنانية الشديدة أن تقوم تلك الدول المتقدمة، التي أخرجت نصيبها الضخم من غازات الاحتباس الحراري وتنقل نصيبها الحالي إلى أماكن أخرى، بالقاء العبء الأكبر على كاهل الدول النامية وتنتهك حقها في التنمية.
وفي الوقت ذاته، تبذل الصين باعتبارها دول نامية مسؤولة، رغم أنها لا تواجه أهدافا ملزمة بموجب بروتوكول كيوتو القائم، تبذل جهودها بدوافع ذاتية للحد من الانبعاثات سعيا لتحسين جودة نموها وكبح حالة التدهور البيئي.
وتجدر الإشارة إلى أنه رغم وصفها بأنها "أكبر ملوث" في العالم، إلا أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للفرد في الصين أقل بكثير من تلك الخاصة بالدول المتقدمة، ولا سيما الولايات المتحدة.
ولكى تظهر مدى تصميمها، تعهدت الصين مؤخرا بأن تخفض شدة انبعاثاتها من الكربون لتصل بها إلى النصف تقريبا، أي الانبعاثات للوحدة من إجمالي الناتج المحلي، وذلك بحلول عام 2020 مقارنة بمستوى عام 2005. ومن المتوقع أن يشرح نائب رئيس مجلس الدولة تشانغ قاو لي خلال قمة نيويورك الإجراءات الجرئية التي تعتزم الصين اتخاذها فيما بعد عام 2020.
وبروح من العدالة والإنصاف، يؤيد المجتمع الدولي أيضا توزيع التزامات خفض الانبعاثات بما يتماشي مع مستوى تنمية كل دولة وقدراتها -- وهو مبدأ يلخص في عبارة" مسؤوليات مشتركة ولكن متفاوتة" بموجب بروتوكول كيوتو لعام 1997 الذي يعد الاتفاقية الوحيدة الملزمة قانونا بشأن خفض الانبعاثات والتي وقعت عليها قرابة 200 دولة.
بيد أنه مع اقتراب انتهاء سريان بروتوكول كيوتو في عام 2020، فإن بعض دول العالم المتقدم وخاصة الولايات المتحدة تبدو مستعدة لمعركة التحدى الصارخ لمبدأها الأساسي وتأمل في رؤية "أعبائها" وقد تضائلت بموجب معاهدة جديدة من المقرر بلورتها بحلول العام المقبل.
إن محاولة كهذه كانت سببا رئيسيا وراء عرقلة سنوات من جهود المجتمع الدولي لدفع المكافحة العالمية لتغير المناخ قدما وكذا سببا رئيسيا وراء الوصول بها إلى نفق مسدود.
ومن المستحسن أن تتوقف تلك الدول المتقدمة عن الإشارة بأصبع الاتهام إلى الصين ودول نامية أخرى وتبدأ بواقعية في تحمل مسؤولياتها الواجبة والتي لا يمكن تجنبها.
كما يلزم تذكيرها بأنه كلما تأجلت إجراءاتها، كان الأمر أكثر صعوبة وأكثر تكلفة بالنسبة لها مستقبلا.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn