طرابلس 29 سبتمبر 2014 / تعيش طرابلس كبرى مدن شمال لبنان حالة من الترقب الحذر على خلفية الأحداث والوضع الأمني القائم في بلدة (عرسال) الحدودية مع سوريا في منطقة البقاع الشمالي بشرق البلاد بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة أصولية سورية.
وكانت جماعات مسلحة سورية من تنظيمي (جبهة النصرة) و (داعش) متحصنة في مرتفعات (عرسال) قد استهدفت مراكز للجيش في مطلع اغسطس الماضي واختطفت نحو 28 عسكريا، أعدمت (النصرة) أحدهم، فيما أعدمت (داعش) جنديين اثنين مطالبين بمبادلة العسكريين المحتجزين بمعتقلين من عناصرها في السجون اللبنانية.
وأدت تطورات (عرسال) إلى تنامي عودة حضور مجموعات مسلحة في أحياء كانت مسرحا للمواجهات المسلحة قبل أشهر بين مسلحي محلة (باب التبانة) ذات الغالبية السنية وآخرين في محلة (جبل محسن) ذات الغالبية العلوية.
وتعتبر (طرابلس) مركز ثقل كبير للطائفة السنية اللبنانية ومأوى لعشرات آلاف النازحين السوريين الذين يحتضن الشمال نحو 300 ألف منهم.
وقد شهدت المدينة منذ 6 أشهر عودة للهدوء مع اقرار الحكومة لخطة أمنية أفضت إلى وقف المعارك المذهبية بين المتنازعين في (التبانة) و (الجبل) وانسحاب المسلحين والقبض على العشرات منهم ومصادرة أسلحتهم مما ساهم جزئيا في تنشيط الحركة الاقتصادية في عاصمة لبنان الثانية بعد فترة من الركود.
لكن منسوب الخطاب المذهبي التحريضي عاد إلى الارتفاع في شوارع مدينة (طرابلس) تزامنا مع أحداث (عرسال)، مما أعاد اليها أجواء التوتر نتيجة تزايد الاعتداءات المسلحة على مراكز الجيش اللبناني في المدينة.
وشهدت المدينة عدة أحداث أمنية أخيرا حيث استهدفت 4 مراكز للجيش مما اسفر عن مقتل جندي وجرح 6 آخرين، فضلا عن استهداف وقتل شخص ينتمي للطائفة الشيعية، كما سجل قيام البعض بكتابة عبارات مؤيدة ل(داعش) على جدران كنيستين وطرق عامة.
وأثار هذا التوتر خشية لدى أهالي (طرابلس)، وقال مصدر محلي في المدينة لوكالة أنباء (شينخوا) إن هذه الخشية تعززت مع بدء مجموعات مسلحة بالتحرك علنا من خلال اصدار بيانات داعمة ل(داعش) ومن خلال رسائل نصية هاتفية فضلا عن رفع اعلام هذا التنظيم.
وأضاف المصدر أن محلة (باب التبانة) شهدت يوم (الجمعة) الماضي خروج مسيرتين بعد صلاة الظهر رفعت خلالهما اعلام (داعش) واطلقت هتافات مؤيدة لهذا التنظيم، وهو الامر الذي ضاعف المخاوف من المجموعات المسلحة التي كانت خطفت قبل أيام عنصرين من قوى الأمن في (التبانة) واعتدت عليهما بالضرب وجردتهما من سلاحهما ثم أطلقتهما بعد التحقيق معهما."
بدوره، أكد مصدر أمني رفيع المستوى ل(شينخوا) أن "متضررين من الاستقرار الامني الذي تعيشه (طرابلس)، نشطوا بعد أحداث (عرسال) من خلال إنشاء مجموعات مسلحة في الاحياء مستخدمين شعارات طائفية للتحريض على الجيش."
وأضاف "نعمل على تكريس الأمن بعد توقيف معظم قادة المسلحين في (طرابلس) وضبط كميات من السلاح، لكن معارك (عرسال) ساهمت في بروز اشخاص يحملون افكارا متطرفة ويعملون على تأجيج الشارع من خلال اتهام للجيش بالانحياز لفئة معينة في لبنان" في اشارة إلى (حزب الله).
وتابع المصدر "تنتشر هذه المجموعات بشكل خاص في محلة (باب التبانة) وتتخذ من أحد مساجد الاحياء القديمة مركزا لها، مستغلة احترام الجيش لحرمة المساجد وعدم استعداده للدخول في معركة داخل تلك الاحياء تلافيا لسقوط ضحايا من المدنيين."
وأوضح أن "الجيش عمد إلى اتخاذ اجراءات بمواجهة هذا الوضع من بينها تعزيز مراكزه وتنفيذ عمليات دهم في احياء متفرقة من المدينة وفي مجمعات يقطنها نازحون سوريون اسفرت عن توقيف العشرات من اللبنانيين والسوريين وضبط كميات من الاسلحة."
وأشار المصدر إلى أن "مصدر الخشية يكمن في عدم معالجة قضية العسكريين المختطفين بسرعة وحسم الوضع في مرتفعات (عرسال) تلافيا لأية ارتدادات على الحالة العامة في البلاد."
وأضاف أن "اطالة أمد هذه القضية قد يمكن تلك المجموعات من اثارة القلاقل من خلال اللعب على الوتر الطائفي مما يضع الجيش امام أحد خيارين، اما ترك عناصره عرضة للاستهداف او التصدي للمسلحين في الأحياء بما يؤدي إلى خسائر بين المدنيين، خصوصا وان معظم المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات ارهابية يتحصنون في اماكن سكنية ضمن أحياء (طرابلس) القديمة."
من جهة ثانية، وفي اطار تحصين الوضع في المدينة، أكد وزراء ونواب وفعاليات (طرابلس) في بيان عقب اجتماع طارئ عقدوه أمس (الأحد) أن "طرابلس ليست حاضنة للثقافة (الداعشية)."
كما شددوا على "تفعيل الخطة الأمنية في (طرابلس) وضرورة دعم الجيش والقوى الأمنية بلا تحفظ" وقالوا ان المدينة "تدعم النازحين السوريين اليها" واصفين الذين رفعوا علم (داعش) خلال مسيرة في المدينة بأنهم "يعدون بالعشرات."
ودعوا إلى "الإسراع في تحرير العسكريين المختطفين من خلال موقف وطني موحد يبدأ أولا في الحكومة."
وما يزال موقف الحكومة في شأن مسألة العسكريين المختطفين في دائرة الالتباس على رغم طلبها وساطة قطرية/تركية مع الخاطفين حيث لم تتخذ قرارا ن?ائيا باقرار مبدأ التفاوض وبالتالي القبول بمقايضة العسكريين بموقوفين في السجون اللبنانية.
يذكر أن قضية العسكريين تعتبر موضع تجاذب وانقسام داخلي حتى بين أهالي العسكريين الذين تحولوا إلى معسكرين بين من يؤيد التفاوض وتسليم الموقوفين للخاطفين ومن يطالب باعطاء الامر لضرب المسلحين في مرتفعات (عرسال) وكلاهما يتهم الحكومة بالتقاعس."
ويخشى في حال تنفيذ الخاطفين لتهديداتهم باعدام العسكريين اذا لم تلب مطالبهم في أن يؤدي ذلك إلى ايقاع فتنة داخلية في ضوء تحميل الخاطفين ل(حزب الله) مسئولية جر لبنان إلى الصراع في سوريا واتهامهم للجيش بأنه يخضع للحزب محرضين "أ?ل السنة" ضدهما.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn