بقلم شيماء خه
بكين 16 أكتوبر 2014 / تواصلت موجة الهبوط الأخيرة في أسعار النفط العالمية يوم الأربعاء على إثر بيانات اقتصادية ضعيفة بعدما سجلت الأسعار أكبر انخفاض لها منذ أكثر من عامين حيث تراجع سعر الخام الخفيف النقي تسليم نوفمبر بواقع 6 سنتات ليستقر عند 81.78 دولار للبرميل في بورصة نيويورك التجارية.
وبدورهم يرى الخبراء الصينيون صعوبة ارتفاع أسعار النفط على الأمد الطويل مع وقوف حالة الوهن التي يعاني منها الاقتصاد العالمي وراء انخفاض أسعار النفط العالمية، لافتين إلى أن انتعاش الاقتصاد العالمي يستلزم نهوض ترويكا (الولايات المتحدة وأوروبا والاقتصادات الناشئة) معا وليس طرفا واحدا منها.
-- عوامل وراء انخفاض أسعار النفط
ويعرب المحللون الصينيون عن اعتقادهم بأن السبب الرئيسي وراء هذه الجولة من انخفاض أسعار النفط يرجع في الأساس إلى حدوث تراجع في الاقتصاد العالمي أدى بدوره إلى عدم كفاية الطلب على النفط، علاوة على أن الدول المصدرة للنفط لم تقلل من حجم إنتاج النفط، الأمر الذي دفع العرض إلى تجاوز الطلب وساهم في انخفاض الأسعار.
وقال لين بوه تشيانغ، مدير المركز الصيني لدراسات الطاقة بجامعة شيامن، إن الدول الرئيسية المستوردة للنفط تشهد في الوقت الحالي تراجعا في الطلب، خاصة في ضوء حالة الضعف التي تدب في أوصال الاقتصاد الأوروبي .
وأضاف لين أن ما ساهم في تواصل موجة تراجع أسعار النفط هو أن السعودية والكويت أشارتا من جهة أخرى مؤخرا إلى أن منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) لا تفكر في خفض حجم الإنتاج لدعم أسعار النفط وأعلنت السعودية سياستها المتمثلة في خفض أسعار النفط الخام للحفاظ على حصتها في السوق.
وشاطره الرأى سانغ شياو، المحلل بشبكة تشونغ يويه للمعلومات، قائلا إن سوق النفط لم تتأثر بما شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من اضطرابات في الفترة ما بعد يوليو الماضي وعادت إلى الارتباط بالعاملين الرئيسيين لها وهما العرض والطلب، ما جعل الفائض في العرض السبب الرئيسي وراء انخفاض الأسعار .
وقال تشن دونغ، المحلل بشركة جين ين داو الرائدة في التجارة الإلكترونية للسلع الكبرى، إن ما قالته السعودية بشأن قدرتها على تحمل سعر 80 دولارا أمريكيا للبرميل وعدم خفض إنتاجها هو ما أدى إلى التراجع المستمر في أسعار النفط.
وأضاف تشن إن عدم الإتفاق بين دول منظمة الأوبك بشأن ما إذا كانت تقلل إنتاج النفط أم لا تسبب في انتهاج السعودية لسياسة مختلفة عما انتهجته في ثمانينات القرن الماضي عندما شهدت أسعار النفط انخفاضا حادا وسلكت السعودية سياسة خفض الإنتاج وتكبدت خسائر مالية كبيرة إثر ذلك.
وشدد المحللون على ضرورة عدم اغفال سببين آخرين مهمين وراء انخفاض أسعار النفط وهما قوة الدولار الأمريكي في الوقت الراهن وزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري.
--تأثيراته على الاقتصاد العالمي
وأعرب الخبراء الصينيون عن تفاؤلهم إزاء تأثيرات انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي، قائلين إن انخفاض أسعار النفط ترك تأثيرا ملحوظا على السياسة النقدية لحكومات مثل الصين والولايات المتحدة وساهم في تقليل ما يقع على عاتقها من ضغوط لمواجهة مشكلة التضخم.
ومن جانبه، ذكر لين بوه تشيانغ أن انخفاض أسعار النفط يصب على المدى القصير في صالح دول مستوردة للنفط، مثل الصين حيث انخفضت تكلفة الإنتاج وتحسنت أرباح الصناعات التحويلية.
وبالنسبة للاقتصاد العالمي، يعتبر انخفاض تكلفة الطاقة بشرى بشكل عام، وقد يدفع باتجاه نمو الاقتصاد العالمي في الفترة المقبلة.
وقال لي يان، المحلل بشبكة لونغ تشونغ للبتروكيماويات، إن الولايات المتحدة هي الرابح الأكبر من انخفاض أسعار النفط، فالأموال التي توفرها من تكلفة النفط ستنهض بأوجه الاستهلاك الأخرى للمواطنين بما يصب في صالح نموها الاقتصادي .في حين أن انخفاض أسعار النفط يمثل ضربة كبيرة لروسيا وإيران اللتين يعتمد اقتصادهما على تصدير النفط بشكل كبير.
وأضاف لي أنه بالنسبة للدول المصدرة للنفط ولا سيما روسيا، أسفر انخفاض أسعار النفط عن ضغوط مالية واجتماعية.
ومن جهته ذكر لي جيان، كبير الباحثين الصينيين في صناعة البتروكيماويات والطاقة، أنه بالنسبة للاقتصاد العام، يأتي انخفاض أسعار النفط في صالح الاقتصاد شريطة أن يكون هذا الانخفاض بشكل طفيف، موضحا أنه إذا انخفضت الأسعار على نحو أكبر من اللازم، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور اقتصادات الدول المنتجة للنفط مثل روسيا ودول الشرق الأوسط ودول أمريكا الجنوبية وحدوث اضطرابات سياسية فيها ما سيؤثر بوجه عام على الاقتصاد العالمي.
ومن جهة أخرى، أشار المحللون الصينيون إلى إن استمرار انخفاض أسعار النفط قد يؤثر سلبيا على عمليات تطوير مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
-- نهوض الجميع ضرورة لانتعاش الاقتصاد العالمي
ومن جانبه، قال دونغ شيو تشنغ، مدير مركز دراسات تطوير صناعة النفط والغاز بجامعة النفط الصينية، إن ثمة علاقة طردية بين أسعار النفط ونمو الاقتصاد العالمي، إذ أن تغير أسعار النفط هو في الحقيقة علامة واضحة تعكس مسار الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الطريق الذي يمضى عليه انتعاش الاقتصاد العالمي ما زال غير ممهد.
ولهذا يرى خه ماو تشون، مدير مركز الدراسات الدبلوماسية الاقتصادية بجامعة تيسنغهوا، أن أسعار النفط ستظل من ناحية قابعة في حالة انخفاض مستمر لبعض الوقت مستقبلا وسيسير الاقتصاد العالمي من ناحية أخرى بخطى بطئية على الأمد الطويل.
وحدد خه أسباب تباطؤ الاقتصاد العالمي في ست نقاط ألا وهي تباطؤ النمو الاقتصادي للبرازيل وروسيا اللتين تمثلا ن أيضا أحد الدول الهامة فى استهلاك النفط العالمي وذلك لأسباب هيكلية وجيوسياسية، وعدم تبلور تعديل الهيكل الاقتصادي الأمريكي بصورة جيدة، والحاجة إلى وقت طويل حتى تندمج الموارد الداخلية لمنطقة اليورو، ووجود عناصر غير مستقرة في الاقتصاد الياباني؛ وتراجع سرعة نمو الاقتصادات الناشئة؛ واعتماد الدول النامية على الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة بشكل كبير إلى درجة لا يتسنى عندها إضافة نقطة نمو جديدة للاقتصاد العالمي.
وقد تنبأ صندوق النقد الدولي في تقرير له صدر يوم 7 أكتوبر الجاري بانخفاض نمو الاقتصاد العالمي هذا العام والعام القادم، متوقعا أن يسجل نموا قدره 3.3 و3.8 في هذين العامين على التوالي، وهو أقل من التوقعات التي صدرت في يوليو بواقع 0.1 و0.2 , مبينا أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو الضعف المستمر لاقتصاد منطقة اليورو وبطء نمو الاقتصادات الناشئة الرئيسية.
واتفق المحللون على أنه في ظل مناخ التكامل الاقتصادي ، لا يتسنى لدولة واحدة تغيير حالة الاقتصاد العالمي، فلا بد أن تعمل سواعد ترويكا الولايات المتحدة وأوروبا والاقتصادات الناشئة معا للنهوض به من حالة الوهن هذه، مؤكدين على أنه إذا ما قامت الاقتصادات الناشئة بما في ذلك دول بريكس والاقتصادات الوسطى والصغيرة، بتعزيز سرعة التكيف في مجالات الانفتاح والسوق والتجارة الحرة، فستنتعش اقتصاداتها بوتيرة أسرع من الدول المتقدمة وستسهم في انتعاش الاقتصاد العالمي.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn