بنغازي، ليبيا 27 ديسمبر 2014/ التهمت النيران اليوم (السبت) خزانين جديدين للنفط في مرفأ السدرة أكبر مرافيء النفط الليبية الواقعة فيما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي" شرق البلاد، ليرتفع إلى خمسة إجمالي الخزانات المحترقة منذ إصابة أول خزان الخميس بقذيفة صاروخية أطلقتها مليشيات "فجر ليبيا" الإسلامية من البحر باتجاه المرفأ، بحسب مسؤولين عسكريين وتقنيين.
وقال علي الحاسي المتحدث باسم القوات الحكومية المرابطة في منطقة الهلال النفطي أغنى مناطق البلاد بالنفط، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "النيران امتدت السبت لتلتهم خزانين نفطيين آخرين بعد أن اندلعت في أول صهريج الخميس جراء قذيفة صاروخية أطلقتها مليشيات فجر ليبيا الإسلامية من زورق بحري باتجاه المرفأ".
والجمعة التهمت النيران خزانين ليصل العدد الاجمالي للخزانات المحترقة حتى الآن خمسة خزانات، من أصل 19 خزانا في منطقة ال"فارم تانك" بمرفأ السدرة، بحسب مسؤول تقني في شركة (الواحة) للنفط.
وقال المسؤول التقني في الشركة طالبا عدم ذكر اسمه، إن الخزانات ال19 بسعة تخزينية 6.2 مليون برميل مملوءة بالكامل، سعة كل واحد منها أكثر من 326 ألف برميل.
وأوضح أن كمية النفط التي احترقت بسبب الحادثة تقدر بنحو 1.63 مليون برميل من خام البرنت المسعر بنحو 60 دولارا أمريكي في الأسواق العالمية، إضافة إلى خسائر بالمليارات جراء فقدان هذه الخزانات النفطية.
وتدير هذا المرفأ الذي يعد الأكبر في ليبيا شركة (الواحة) للنفط المحلية، والتي تعتبر ثانى أكبر منتج للنفط في البلاد.
وتعتبر شركة (الواحة) ملكاً للمؤسسة الوطنية للنفط بالمشاركة مع ثلاث شركات أمريكية هي (كونوكو فيلبس) و(ماراثون) و(اميراداهيس).
وقد عادت هذه الشركات للعمل كشركاء اعتباراً من يناير 2006 ، بعد أن غادرت فى سنة 1986. وإضافة الى تشغيل حقولها التى تمتلكها تتولى شركة الواحة للنفط نقل كميات كبيرة من النفط التابعة لعدد من الشركات ومن بينها ونترشال وتوتال والزويتينة وذلك بواسطة أنابيب إنتاجها الممتدة من حوض سرت إلى مرفأ السدرة.
ويقع مرفأ السدرة على الساحل الليبي على بعد حوالى 180 كلم شرق مدينة سرت، وبه أربعة مراسي مجهزة لسفن الشحن، كما يحوي 19 خزانا للنفط الخام.
ومنذ الهجوم الذي بدأته مليشيات فجر ليبيا في 13 ديسمبر على الهلال النفطي، اعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القاهرة على مرفأي السدرة وراس لانوف اللذين كانا يصدران نحو 300 ألف برميل يوميا.
وأوقفت المؤسسة العمل في المرفأين ما تسبب في تراجع انتاج النفط إلى نحو 350 ألف برميل يوميا، مقابل 800 ألف برميل قبل اندلاع الازمة.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المبروك أبوسيف، إنه "لايمكن قبول تبرير الهجوم الذي استهدف الخزانات النفطية".
واعتبر أبوسيف أن عملية التفجير تعد "انتهاكا صارخا لسيادة الدولة وزعزعة أمنها واستقرارها".
وأكد محمد الحراري المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط امتداد النيران، مطالبا ب"تحييد مؤسسات النفط عن الصراع"، خصوصا وأن الصهاريج تحوي مخزونات نفطية كانت على وشك التصدير قبل اندلاع الأزمة.
وقال شهود عيان ل((شينخوا)) إن ألسنة اللهب والدخان الكثيف غطت منطقتي السدرة وراس لانوف بالكامل على امتداد نحو (100 كلم مربع)، ما ينذر بكارثة بيئية في حال عدم السيطرة على النيران التي قد تمتد لبقية صهاريج المرفأ وتأتي عليه.
بدوره، قال الحاسي "إن إدارة الدفاع المدني لم تستجب لمطالب التعامل مع الحريق، وإن عمليات الإطفاء تدار حاليا من قبل متطوعين ومعاونة عناصر حرس المنشآت النفطية".
ولفت إلى أن "رجال الإطفاء والحماية المدنية والمتطوعين يحاولون قدر استطاعتهم إطفاء النيران حتى لا تنتقل إلى الخزانات الأخرى وسط ظروف صعبة"، مشيرا إلى أن عمليات الإطفاء تستغرق أياما.
وطلب عمر الصنكي وزير الداخلية في الحكومة الليبية المؤقتة المعترف بها من الأسرة الدولية "بشكل كتابي وعاجل" سفراء دول الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا المعتمدين لدى ليبيا "التدخل والمساعدة في إخماد النيران"، أمام نقص الإمكانيات الليبية أو انعدامها.
وقالت الوزارة في بيان حصلت ((شينخوا)) على نسخة منه إن وزيرها عمر الصنكي، طالب "هذه الدول بتقديم المساعدات العاجلة من أجل اطفاء الحرائق التي شبت في خزانات النفط في ميناء السدرة وايقاف الأضرار الخطيرة الناتجة عنه والسيطرة على تداعياتها البيئية".
ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشدة الهجمات التي تجددت على المنشآت النفطية، داعية إلى وقف هذه العمليات فورا.
وحذرت البعثة في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، من التداعيات البيئية والإقتصادية نتيجة أعمال العنف والتدمير في منطقة الهلال النفطي، مطالبة القوات على الأرض بالتعاون لإفساح المجال أمام فرق الإطفاء لإخماد الحريق.
واعتبرت هذه الهجمات إنتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن حول ليبيا، مشيرة إلى أن "النفط الليبي ملك لكل الشعب الليبي وهو عصب الحياة الاقتصادية في البلاد".
كما دانت البعثة الهجوم الذي قام به مسلحون مجهولون الخميس وأدى إلى مقتل عدد من الحراس المناوبين في محطة لتوليد الكهرباء بالقرب من مدينة سرت.
وحثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأطراف الفاعلة المؤثرة على بذل كافة الجهود الممكنة لإنهاء دائرة العنف العديمة الجدوى.
وأكدت أنه لن يكون هناك رابح في الصراع الحالي وأن العنف المستمر في منطقة الهلال النفطي وبنغازي وغيرها من المناطق في ليبيا سيزيد الشقاق بين الليبيين ويؤدي إلى إلحاق المزيد من الدمار بالبنية التحتية للبلاد وبمؤسسات الدولة.
وأشارت إلى أنه إضافة إلى تأثيره السلبي الخطير على الاقتصاد الليبي، فإن هذا التصعيد الأخير في منطقة الهلال النفطي يقوض من الجهود المستمرة لعقد حوار سياسي.
وأطلقت ميليشيات فجر ليبيا عملية مطلع الأسبوع الماضي باتجاه "الهلال النفطي" تحت اسم "عملية الشروق لتحرير الحقول النفطية"، قائلة إنها جاءت بتكليف من المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته)، لكن قائدها طارق شنينة المصراتي قتل إثر غارة جوية عقب الهجوم.
والخميس قتل 22 جنديا على الاقل في مدينة سرت في هجوم لمليشيات "فجر ليبيا" على كتيبة تابعة للجيش في المدينة التي تتمركز فيها هذه المليشيات الإسلامية لمهاجمة ما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي" شرق البلاد.
وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت (500 كلم شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس)، وتحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn