بكين 15 يوليو 2015 / تصدر نبأ التوصل إلى إتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني بين إيران ومجموعة (5+1) وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في الصين اليوم (الأربعاء)، وتركزت التغطيات على مدى تأثيراته على الصين إضافة إلى انعكاساته على السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره.
-- تأثيره على الصين يمثل سيفا ذا حدين
فمن جانبها، أشادت صحيفة ((الشعب)) اليومية بإبرام الإتفاق ، مبرزة دور الصين البناء في التوصل إليه، ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي وقع على الإتفاق نيابة عن الحكومة الصينية قوله إن الصين شاركت، رغم عدم كونها طرفا فى الأزمة ، بشكل إيجابى فى المفاوضات الماراثونية إنطلاقا من مسؤولياتها والتزاماتها تجاه السلم والأمن الدوليين، وتمسكت خلال مفاوضات "الشد والجذب" بمبدأ "الحل السياسي" أثناء تهديد بعض الأطراف بالجوء إلى القوة وفرض العقوبات، وطرحت أفكارا وخططا جديدة عندما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، ومن ثم لعبت الصين دورا بناءا فريدا نال تقدير وإعجاب جميع الأطراف .
شهدت العلاقات بين الصين وإيران تطورا كبيرا خاصة في المجال الاقتصادي نظرا لكون إيران مصدرا هاما لواردات الصين من النفط وسوقا كبيرا لصادرات الصين حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 50 مليار دولار أمريكي في عام 2014، لهذا تركزت تحليلات وسائل الإعلام الصينية على تأثيرات الاتفاق على العلاقات الصينية - الإيرانية .
وأجمعت وسائل الإعلام الصينية على أن التوصل إلى الاتفاق ورفع العقوبات التجارية عن إيران أمر إيجابي للصين على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، حيث أوضحت أن عودة إيران إلى المجتمع الدولي كدولة طبيعية قد يزيل العقبات أمام إنضمامها كعضو كامل إلى منظمة شانغهاي للتعاون ويمكنها بفضل موقعها الجغرافي من الاضطلاع بدور إيجابي في دفع مبادرتي "الطريق والحزام" اللتين تعمل الصين حاليا على تنفيذهما.
أما السيد هوا لي مين سفير الصين الأسبق لدى إيران فقد أوضح أن رفع العقوبات سيمكن بكين من توسيع أوجه علاقاتهما التجارية مع طهران، علاوة على أن استثمارات الصين في إيران وتجارتها مع شركات النفط الإيرانية ستصبح خاضعة لحماية القوانين والأعراف الدولية.
وفي الوقت نفسه، أعرب الكثير من المحللين عن قلقهم ومخاوفهم إزاء احتمالية توجه الولايات المتحدة إلى تشديد ضغوطها على الصين، إذ ذكرت صحيفة ((غلوبال تايمز)) الصينية المتميزة بطرح وجهات نظر ثاقبة تجاه القضايا الدولية أن إدارة أوباما أبدت حماسة بالغة تجاه التوصل إلى اتفاق مع إيران رغم معارضة البنتاغون الشديدة، ذلك لأن المصالحة مع عدوها اللدود سيمكن واشنطن من الفرار من مستنقع الشرق الأوسط والتهرب من مسؤوليتها تجاه مكافحة تنظيم (داعش) ومعالجة المشكلات الشائكة التي أفرزتها السياسة الأمريكية الاستباقية في الشرق الأوسط ، لتعيد تركيز قواها السياسية والعسكرية على تطبيق إستراتيجية "إعادة التوازن تجاه منطقة آسيا -الباسيفيك" الهادفة إلى إحتواء صعود الصين السلمي.
-- نزع فتيل حرب محتملة في الشرق الأوسط
وبالنسبة لانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط ، فرأت غالبية وسائل الإعلام الصينية أن أكبر ثمار الإتفاق تتمثل من ناحية في نزع فتيل حرب محتملة بالشرق الأوسط الذي تعاني شعوبه من حروب وصراعات لانهاية لها ومن ناحية أخرى في إضفاء قوة إيجابية على حل القضايا الشرق أوسطية الساخنة.
وأكدت شبكة ((المراقبين)) الإخبارية أن إيران تعتبر من أكثر الدول المعارضة للولايات المتحدة في المنطقة وأسفرت المواجهة العلنية التي دامت بينهما لزهاء نصف قرن من الزمان عن تصاعد حدة التوترات بين دول المنطقة على الجبهتين المؤيدة والمعارضة لكل منهما، وأثار عدم حل الأزمة النووية الإيرانية والكثير من الأزمات الناجمة عنها مخاوف عميقة إزاء احتمال نشوب حرب جديدة في المنطقة وأفسح الطريق أمام تفشي التنظيمات الإرهابية التي انتهزت فرصة عدم وجود قوى موحدة لمكافحتها.
أما التوصل إلى الإتفاق ورفع الحصار المفروض على إيران سيمكن طهران من تطبيع علاقاتها مع العالم الغربي وتأسيس ثقة متبادلة مع القوى الرئيسية، ومن شأن ذلك إتاحة فرصة لحل الكثير من قضايا الشرق الأوسط الشائكة نظرا لتواصل إيران الواسع مع مختلف القوى في المنطقة بشتي الأشكال وما تمتلكه من قدرات سياسية واقتصادية وعسكرية قائمة وكامنة، خاصة في مكافحة الإرهاب وعلى رأسه تنظيم داعش، على حد قول الشبكة.
ومن ناحيتهم، أقر المحللون الصينيون بأن المصالحة بين الولايات المتحدة وإيران ستؤثر تأثيرا عميقا على الهيكل الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وتدخل تغييرات كبيرة على العلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف بين دول المنطقة، الأمر الذي سيترك حالة من عدم الارتياح لدى بعض الجهات. غير أنه مع مرور الوقت سيعم السلام والأمن المنطقة بعد إقامة توازن جديد ونزع فتيل الحرب وتلاشي التهديدات الإرهابية.
-- إلهام لحل القضايا الشائكة العالمية الأخرى
وإتفق المحللون الصينيون في أن أكبر حصاد للإتفاق يتمثل في الحفاظ على نظام عدم الانتشار النووي العالمى القائم ومنح المجتمع الدولي ثقة هائلة في القدرة على تحقيق السلام والمصالحة من خلال المفاوضات.
فقد أكد تعليق صدر في صحيفة ((الشباب الصيني)) أن التغلب على المواجهات والصراعات العنيفة لعشرات السنين عن طريق المصالحة الدبلوماسية والتعاون الدولي قد بعث بـ"إشارة أمل" للعالم وقدم له "مجموعة خبرات يمكن الاهتداء بها" في حل القضايا الدولية المزمنة الأخرى .
وشاركتها الرأى صحيفة ((غلوبال تايمز)) قائلة إن المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران كانت "لعبة تفوق خسائرها مكاسبها" بالنسبة لكلا الطرفين والعالم برمته، وحلها سيعود بفوائد جمة على جميع الأطراف، ومن هنا تأتي الخبرة التي يمكن الاستفادة بها في حل قضية شبه الجزيرة الكورية ليطل شعاع أمل أمام المفاوضات المعلقة بشأنها منذ أمد طويل.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn