تحليل إخباري: إقدام أمريكا على سحب قواتها من سيناء مستبعد

استبعد خبراء عسكريون اليوم (الثلاثاء)، أن تقدم الولايات المتحدة الأمريكية على سحب قواتها الموجودة ضمن القوات متعددة الجنسيات في شبه جزيرة سيناء المصرية.

لكنهم تباينوا حول سيناريو تعديل تسليح هذه القوات، بحيث يتم تزويدها بأسلحة ثقيلة لزيادة تأمينها ضد أي اعتداء قد تنفذه العناصر الإرهابية، حيث توقع أحدهم أن ترفض مصر أي طلب بهذا الخصوص، لاسيما أن الأوضاع في سيناء تحت السيطرة، في حين رأى آخرون أن القاهرة قد تقبل هذا السيناريو إذا طلبته واشنطن.

وذكرت تقارير صحفية أمريكية مؤخرا أن واشنطن تراجع وضع قواتها المنتشرة منذ ثلاثة عقود في سيناء، خشية أن يتم استهداف هذه القوات خفيفة التسليح من قبل عناصر تنظيم داعش.

ونقلت هذه التقارير عن مسؤول أمريكي قوله إن بلاده تبحث خيارين سيجرى تنفيذ أحدهما على المدى الطويل، هما تعزيز هذه القوات بالسلاح أو سحبها تماما من سيناء.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر إن " ما يثير قلق الولايات المتحدة هو تدهور الأوضاع الأمنية في منطقة شمال شرق سيناء، حيث تتعرض قوات الأمن المصرية وكذلك العناصر المدنية والعسكرية بما فيها القوات العسكرية الأمريكية إلى العديد من المخاطر".

ويتواجد نحو 692 من عناصر الجيش الأمريكي حاليا في سيناء، ضمن القوات متعددة الجنسيات البالغ إجمالي تعدادها حوالي 1667 جنديا من 13 دولة، وتنحصر مهمتها الأساسية في مراقبة التزام الجانبين المصري والإسرائيلي بمعاهدة السلام.

وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري علاء عزالدين، إن تشكيل وتعداد القوات متعددة الجنسيات الموجودة في سيناء منصوص عليه في اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية، وبالتالي فإن وجود هذه القوات يعتبر جزءا مكملا للاتفاقية.

وتوقع عزالدين، وهو لواء متقاعد كان مديرا لمركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة المصرية، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن ترفض مصر أي اقتراح بتسليح القوات متعددة الجنسيات في سيناء بأسلحة ثقيلة، خصوصا أن الأوضاع في سيناء حاليا تحت السيطرة، والإرهابيون فيها لا يستطيعون التحرك بحرية، خلافا لما كان يحدث خلال وقت الانفلات الأمني عقب ثورة 25 يناير2011.

وتابع أن " القوات المسلحة المصرية تسيطر على كامل أراضي سيناء، ولا يوجد مبرر لأى طلب بتزويد القوات متعددة الجنسيات بأسلحة ثقيلة".

وواصل أن تغيير تسليح هذه القوات ليس من حق أمريكا، كما أن مصر قادرة على الدفاع عن أرضها وحدودها تماما.

وأردف "من حق أمريكا سحب قواتها من سيناء مثلها في ذلك مثل أي دولة تشارك في القوات متعددة الجنسيات"، لكنه عاد مستبعدا بشدة إقدام واشنطن على مثل هذه الخطوة.

وقال " أمريكا لن تسحب قواتها، لأن سحبها يعنى أنه لن يكون لها رجل (أي قدم) في سيناء"، مشيرا إلى أن واشنطن تفكر أكثر من مرة قبل اتخاذ قرار سحب قواتها في أي بقعة موجودة بها.

وأكد أن تنظيم "ولاية سيناء"، الفرع المصري لتنظيم داعش، لا يمثل تهديدا حقيقيا للقوات متعددة الجنسيات، التي لم تتعرض منذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن إلا لهجوم واحد فاشل، وقد يكون مفتعلا، بحسب تعبيره.

وعن الأسباب الحقيقية التي دفعت واشنطن لدراسة تزويد قواتها في سيناء بأسلحة ثقيلة أو سحبها، قال " قد يكون الإعلان عن هذا جس نبض لتدويل الوضع في سيناء.. مصر في عهد (الرئيس عبدالفتاح) السيسي تتحرك للإمام، وتقدمها ليس في مصلحة أمريكا وإسرائيل".

وتابع " أن تواجد الجيش المصري في سيناء مسلحا بطائرات ومدفعية ثقيلة يشكل هاجسا قويا يقلقهم (قاصدا أمريكا واسرائيل)، حيال إمكانية حدوث تهديدات من قبل مصر".

وأوضح أن واشنطن تسعى لتدويل الوضع في سيناء لتأمين إسرائيل، لكنه توقع فشل هذا الأمر لاسيما أن الأوضاع في شبه الجزيرة مستقرة، مؤكدا أن كل " المؤامرات لتركيع مصر فشلت".

لكن الخبير العسكري طلعت مسلم رأى أن سيناريو تغيير تسليح القوات متعددة الجنسيات لزيادة تأمينها قد يكون مقبولا من جانب مصر إذا طرحته الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال مسلم، وهو لواء جيش متقاعد، لوكالة ((شينخوا))، إن تنظيم داعش يمثل تهديدا، ومن الممكن تزويد القوات متعددة الجنسيات في سيناء بطائرات هليكوبتر، وأخرى للإنذار المبكر، ومعدات للاستطلاع عن بعد، إلى جانب إمدادها بالتكنولوجيا التي تساعدها على حماية نفسها من الاعتداءات.

واستبعد أن تقدم أمريكا على سحب قواتها من سيناء، مضيفا " انسحابها يعني أن القوات المصرية أصبحت أمام القوات الإسرائيلية بمنعى أنه لا يوجد طرف ثالث بينهما لحل أي خلاف يحدث بين الجانبين، ما قد يهدد بصدام مسلح، وأي من الأطراف غير مستعد" لهذا السيناريو.

وأشار إلى أن سحب القوات الأمريكية يعنى أيضا تفكك القوات متعددة الجنسيات في سيناء.