بدأت روسيا عمليات جوية ضد الجماعات المتطرفة داخل الأراضي السورية منذ 30 سبتمبر الماضي، وبذلك بدأت روسيا تظهر بمظهر مختلف في مسرح السياسة الدولية. وفي الوقت الذي تشكك فيه بعض وسائل الإعلام الغربية في الجهود الدبلوماسية الروسية، تعترف بأن روسيا أخذت زمام المبادرة عسكريا وحققت مصالح دبلوماسية.
الصراع على المصالح والنفوذ في الشرق الأوسط
قدم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في 7 أكتوبر الجاري تقريرا الى الرئيس بوتين حول الضربات الجوية التي نفذتها بلاده في سوريا منذ 30 سبتمبر الماضي، وأشار التقرير إلى إستهداف 112 موقعا تابعا لتنظيم داعش. وفي ذات اليوم، أشار المتحدث بإسم الرئاسة الروسية إلى أن روسيا قد رفعت من دعمها لسوريا وحققت نتائج "مرضية جدا" من هذه الحرب.
وعبرت الأوساط الغربية عن قلقها من تزايد التدخل الروسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث قال رئيس الوزراء البريطاني، جيمس كاميرون إنه إذا كان هدف الضربات الجوية الروسية في سوريا هو المحافظة على نظام بشار، فإن روسيا قد ركبت قطار الإتجاه المعاكس في معالجة الأزمة السورية.
وفي حوار مع صحيفة الشعب اليومية، قال الباحث بالأكاديمية الروسية للعلوم بيتر روفيستي، إنه إذا نظرنا من الظاهر، سنجد أن روسيا تقدم دعما كبيرا لنظام بشار الأسد، فإلى جانب المساعدات العسكرية، قامت روسيا بطرح حل وسط لمعالجة قضية الأسلحة الكميائية السورية، لتجنيب سوريا التدخل الأمريكي. وقد سبق لروسيا أن أيدت مبادرة داخل مجلس الأمن لتنحي بشار الأسد من الحكم بكرامة في فبراير 2012، لكن بريطانيا وأمريكا وفرنسا، كانوا يظنون بأن الحكومة السورية ستخسر الحرب، لذا تجاهلوا الموقف الروسي. وفي هذا الصدد، يرى الرئيس الفنلدي السابق ماركو أهتيساري الحائز على جائرة نوبل للسلام، أن ما يحدث في سوريا حاليا، هو نتيجة لإضاعة تلك الفرصة.
لكن ما يهم روسيا ليس بشار في حد ذاته، وإنما مصالحها ونفوذها في الشرق الأوسط. وهنا يؤكد روفستي على أن سوريا تعد حليفا تقليديا لروسيا في الشرق الأوسط. حيث يعيش في سوريا العديد من المواطنين الروس، كما توجد العديد من المشاريع الإستثمارية الروسية، ويحتوي ميناء طرطوس على القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط.
من جهة أخرى، يشير إيفيسيف، الباحث الروسي بـمركز دراسات رابطة الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي إلى السلوك الروسي بسوريا كان نتيجة للضغوط الغربية. حيث أرادت روسيا بعد الإستقلال العودة إلى العائلة الأوروبية الكبيرة، وحاولت أن تعتمد سياسة مرنة في فضاء الإتحاد السوفيتي سابقا وأوروبا الوسطى مقابل الدعم الغربي، لكن الرد الغربي تمثل حرب الخليج، وحرب يوغزلافيا وتوسع الناتو. وقد إستمرت التأثيرات الجيوسياسية الناجمة عن السياسات الروسية المهادنة للغرب إلى غاية فترة حكم الرئيس بوتين. وفي هذا الصدد، يؤكد إيفيسيف على أن دعم أمريكا للحركات المعتدلة في الشرق الأوسط، أسفر عن تعاظم نفوذ الجماعات المتطرفة، لذا دفعت المخاوف الروسية على الأمن والإستقرار في حدودها الجنوبية روسيا إلى التدخل.
وتشير بعض التحاليل إلى أن الظرف الذي إختارت في روسيا التدخل كان بالغ الدقة، حيث تواجه أوروبا أزمة تدفع اللاجئين، فيما لم تحقق عمليات الناتو في محاربة الإرهاب نتائج تذكر، لذا فإن هذا التدخل لا يخدم مصلحة الحكومة السورية فحسب، بل يعطي لروسيا صورة الدولة المسؤولة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn