تعليق: المصالح المتضاربة تزيد من صعوبة إيجاد حل للأزمة السورية

يزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري العاصمة الروسية موسكو يوم 15 ديسمبر الجاري ، حيث سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف لمناقشة عملية الانتقال السياسي في سوريا وقضية مكافحة الارهاب. وقد اثار اتجاه تطور الأزمة في سورية اهتمام المجتمع الدولي، ويعتقد بعض المحللين أن قوى مختلفة تبذل جهودا كبيرة لتعزز اللعبة في سوريا من خلال جملة من العمليات السياسية والعسكرية. وأن تحقيق السلام والاستقرار في سوريا بحاجة لبذل المزيد من الجهد من قبل الاطراف المعنية.

التفريق بين المعارضة السورية يزيد من صعوبة المصالحة

دخلت المعارضة السورية في الاونة الاخيرة جولة جديدة من المفاوضات بين ممثلى المعارضة السورية. واجتمع نحو مئة من ممثلي المعارضة السورية يوم 10 ديسمبر الجاري ، والذي استمر يومين في العاصمة السعودية الرياض. وأعلن المشاركون في المفاوضات عن التوصل الى موقف موحد بشأن اجراء مفاوضات سياسية مع الحكومة السورية في الشهر المقبل، ودعوة المجتمع الدولي للضغط على الحكومة السورية ، وحث بشار الاسد رئيس النظام في سوريا على التنحي من السلطة مع بداية العملية السياسية الانتقالية، مطالبين اخذ عدد من التدابير قبل بدء محادثات السلام.

وقال احد كبار الاعلاميين السوريين، انه بالرغم من تسريع المعارضة السورية خطوات التكامل خلال الاونة الاخيرة، إلا أن الخلافات بين مختلف الأطراف داخل التحالف واضح، وتضارب المصالح المتجذرة في الاعماق تزيد من صعوبة المفاوضات السياسية.

التنافس الروسي الامريكي على الهيمنة في المفاوضات السياسية

قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم 10 ديسمبر الجاري أن اجتماع فصائل المعارضة السورية في الرياض جد بناء. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان يوم 12 ديسمبر الجاري أن مفاوضات الرياض بشأن الأزمة السورية لم تمثل كل أطراف المعارضة، مؤكدة ان روسيا ترفض أي اتفاق تم توصل اليه. كما قال نائب وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان أن ايران تعارض الاجتماع الذي يشارك فيه ممثلي عن تنظيم " الدولة الاسلامية" ايضا.

تعكس المواقف المضادة بين بعضها البعض نزاعات ولعبة القوى الخارجية في ظل الازمة السورية. حيث ان روسيا وامريكا مختلفتان حول نقطة مصير بشار الأسد ومستقبل حكومته. ويعتقد احد كبار الاعلاميين السوريين، أن اجتماع الرياض الاخير بمثابة الأعمال التحضيرية التي أجرتها المعارضة السورية لإسقاط نظام بشار الاسد، وتسريع عملية الانتقال السياسي.

وفي وقت سابق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية زها بتروفا، أن روسيا اجرت اتصالات متكررة مع المعارضة السورية مؤخرا. وقد وافقت الحكومة السورية على الدخول في حوار مع وفد من المعارضة السورية لم ينفذ انشطة ارهابية تحت إشراف الامم المتحدة. وفي اطار الوساطة الروسية، استضافت موسكو خلال السنة الجارية، جولتين من المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة الداخلية، وتوصلا الطرفان الى " مبادئ موسكو": احترام وحدة وسيادة سورية، مكافحة الارهاب الدولي ، حل الازمة السورية عن طريق الوسائل السياسية والسلمية وفقا لبيان مؤتمر جنيف، تعزيز إصلاح الجيش السوري والمؤسسات الوطنية. وقال بسام أبو عبد الله ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق ، أن قيادة روسيا لجولتين من المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة الداخلية، نموذج ينسجم اكثر مع مبدأ " حل الأزمة السورية بقيادة السورييين". 

الفشل في تشكيل قوة عسكرية مشتركة

على المستوى العسكري، يزداد عدد الدول التي ترسل قواتها الى سوريا بذريعة " مكافحة المنظمات المتطرفة". وفي 10 ديسمبر الجاري ، ارسلت المانيا لأول مرة 40 جنديا ومقاتلتين الى تركيا، لتكون جاهزة للمشاركة جنبا الى جنب مع التحالف الدولي بقيادة امريكا لمكافحة تنظيم " الدولة الاسلامية".

في الواقع، بالرغم من اعلان الطرفين عن شن ضربات جوية على الجماعات المتطرفة، إلا أن روسيا والتحالف الدولي ركزوا في الضرب اساسا على المنطقة المتضررة . ووفقا لما نشره معهد دراسة الحرب الامريكي على موقعه الالكتروني في نوفمبر هذا العام ، فإن الغارات الجوية الروسية في شمال سوريا خلال هذا الشهر استهدفت اساسا اللاذقية وحماة وحلب واماكن اخرى، في حين استهدفت الغارات الجوية للتحالف الدولي استهدفت شرق الرقة ، دير الزور وغيرها من المحافظات. ويعتقد بسام أبو عبد الله ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، أن النزاعات بين الاطراف حاليا، وعدم تمكين التدخل العسكري المتعدد الجنسيات من تشكيل قوة مشتركة، لن يساعد على مكافحة القوى المتطرفة، وسيجعل الحرب في سوريا طويلة الأمد ومعقدة .

ويعتقد يزيد زميل بارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، أن حل الازمة السورية بحاجة الى التوصل اولا الى اتفاق في الاراء بين امريكا وروسيا وايران والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المرتبطة بسوريا بشكل مباشر. مؤكدا أن تحقيق السلام والاستقرار في سوريا بحاجة ضرورية الى معالجة التناقضات العميقة الجذور في المنطقة.