دمشق 28 أكتوبر 2016 / قال محللون سياسيون في سوريا يوم الجمعة إن تعليق الغارات الجوية في سوريا ، كان من أحد الأسباب الرئيسية وراء الهجوم الذي شنه مقاتلو المعارضة المسلحة في محافظة حلب ( شمال سوريا ) بغية فك الحصار عن الأحياء الشرقية بحلب ، والتي يحاصرها الجيش السوري منذ مدة.
وشن ما لا يقل عن 12 فصيلا إسلاميا متشددا من مقاتلي المعارضة المسلحة، هجوما عنيفا في ساعات مبكرة من يوم الجمعة، ضد مواقع القوات الحكومية في غرب حلب وريفها، إلى جانب قصف مكثف بالصواريخ، والسيارات المفخخة.
وكان الهدف من الهجوم الذي شنه مقاتلو المعارضة المسلحة كسر حصار القوات الحكومية على الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون في الجزء الشرقي من مدينة حلب.
وقالت مصادر عسكرية إنه تم إحباط الهجوم، لكن المعارك الضارية لا تزال مستمرة.
ويأتي الهجوم على مواقع تابعة للجيش السوري بعد عشرة أيام لإعلان روسيا عن تعليق غاراتها الجوية على حلب.
وقال سيرجي شويجو، وزير الدفاع الروسي، في 18 أكتوبر الجاري إن الغارات الجوية توقفت كجزء من التحضير لهدنة مؤقتة، والتي فشلت في وقت لاحق لتحقيق الأهداف المرجوة منها في المساعدة على إجلاء المدنيين والمسلحين من شرق حلب التي يسيطر عليها المسلحون.
ومع ذلك، فإن روسيا لن تستأنف الغارات الجوية بعد الهدنة المتعثرة، كما قال المسؤولون الروس على أمل أن يقتنع المسلحون الآخرون بالانفصال عن التنظيمات الإرهابية ، حسبما تم الاتفاق عليه مع واشنطن من أجل إحلال السلام في حلب.
وحثت موسكو مرارا واشنطن على دفع المسلحين في سوريا المدعومة من الغرب لقطع العلاقات مع متشددي القاعدة وللفصل بين الجماعات الإرهابية من "المعارضة المعتدلة" حسب زعيم الولايات المتحدة الأمريكية .
في وقت سابق من اليوم، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلبا من وزارة دفاعه على استئناف الضربات الجوية في حلب بعد هجوم المسلحين، قائلا إنه يعتقد أن استئناف الضربات الجوية هو "لا لزوم لها في الوقت الراهن"، وفقا لما ذكره المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف .
وأشار بيسكوف أن بوتين يرفض استئناف الضربات من أجل إعطاء الولايات المتحدة الوقت لفصل الجماعات الإرهابية من المعارضة المعتدلة والسماح للمسلحين والمدنيين بمغادرة حلب.
وأضاف، مع ذلك، أن موسكو تحتفظ بحق استخدام جميع الوسائل والقوة لدعم الجيش السوري.
واتفق المحللون السياسيون أن موسكو لا تريد استئناف الضربات الجوية بهدف إعطاء واشنطن الوقت الكافي للعمل على فصل المسلحين المعتدلين، وسط وجود شكوك كبيرة حول عدم إمكانية تحقيق هذا الفصل.
ويشير المحللون السياسيون إلى أن هناك سبب آخر، هو تصعيد الإدانة الدولية لروسيا لتنفيذها ضربات جوية مكثفة على المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في شرق حلب.
وقال شريف شحادة عضو البرلمان السوري السابق في تصريحات لوكالة (( شينخوا )) إن روسيا لا ينبغي أن تقع في فخ وشرك الولايات المتحدة الأمريكية .
وأضاف "أعتقد أن روسيا سوف تنتظر الولايات المتحدة للقيام بالفصل بين المسلحين المعتدلين من الإرهابيين، وسوف تضطر إلى الانتظار لوقت طويل جدا ولن يحدث هذا الشيء ".
واتهم الولايات المتحدة بأنها دائما في حالة من الكذب المستمر.
وتساءل شحادة لماذا الولايات المتحدة تعتبرالمسلحين في الموصل بالعراق على أنهم إرهابيون، في حين أن الإرهابيين في سوريا هم الثوار ؟ " .
وقال "نحن بحاجة إلى قول الحقيقة أن كل ما يحدث في سوريا يحدث في العراق ... ونحن بحاجة لتسوية الوضع في حلب مرة واحدة وإلى الأبد" .
وأضاف أن الوقت ليس في صالح حلب، مؤكدا أنه "إذا لم تكن هناك هزيمة للإرهابيين في حلب، سيكون هناك المزيد من إراقة الدماء" .
وحث روسيا على التحرك بسرعة في حلب ضد "الجماعات الإرهابية".
وفي الوقت نفسه، قال ماهر إحسان، وهو صحفي ومحلل سياسي سوري أن تعالي وتيرة الضغط والتنديد على روسيا من قبل القوى الغربية ساهم أيضا في تعليق روسيا ضرباتها الجوية.
وأضاف "أنها حملة كبيرة مدبرة ضد روسيا، متهمين إياها بارتكاب جرائم حرب في سوريا، فضلا عن تهديد روسيا بفرض عقوبات، وهذا جزء هام وراء وقف الغارات الجوية".
ونتيجة لهذه الاتهامات الغربية والمماطلة في سوريا، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده قد "تفقد صبرها" في سوريا، مضيفا أن روسيا كانت تظهر "ضبط النفس" في النزاع السوري حتى الآن.
ومن جانبه قال إبراهيم بدر، وهو محام في حلب، حول الوضع الراهن هناك إن "المناطق الآمنة في حلب لم تعد آمنة نتيجة للقصف المكثف من قبل المسلحين من جانب الصواريخ والقذائف بعيدة المدى".
وقال "الوقت ليس في صالح حلب" .
وقال التلفزيون الرسمي السوري في وقت سابق اليوم إن 15 شخصا على الأقل قتلوا في تجدد القصف على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في غرب حلب اليوم .
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن إن " الثوار تمكنوا من السيطرة على أجزاء من ضاحية الأسد في حلب بعد معارك مع قوات الجيش.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن معارك ضارية تحتدم داخل تلك المنطقة، نافيا أي تقدم للمسلحين هناك.
ويرى مراقبون أن حلب ستكون ساحة معركة حاسمة بين المجموعات المتقاتلة وسيكون الفائز فيها هو من يملي الشروط من أجل حل الأزمة، وأن هذه المحافظة تحتوي على جميع المجموعات التي يتم دعمها من قبل القوى الإقليمية والدولية، ويبدو أن المدنيين هم من يدفعون ثمن هذه الحرب بالوكالة.